مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الفتاة المخطوفة مفاجأة على ظهر السّفينة (حلقة 10)

إبتعد الزّورق مسافة كافية ،أمّا بقيّة لزّوارق التي أبحرت قبلهم فلم يعودوا يرونها،وقال حسن: الحمد لله لقد نجوا ،فالرّياح القويّة قد دفعتهم بعيدا ،أخد الفتى يراقب الأفق لكن لا شيئ، وبدأ يحسّ بالإطمئنان ،لكن ذلك لم يدم طويلا ،فلما بدأ الصباح في الطلوع، رأى من بعيد سفينة تتبعهم ،وشعر بالذّعر ،وقال لثريا :يا ليتني لم أسمع كلامك ،لكن البنت أجابته : سترتاح قرى الشاطئ من الفقر والجوع بفضل ما يوجد في الزّوارق ،وسيكون بوسعهم الدفاع عن أنفسهم ،أما أنا فلا يهمّ أن أموت !!! حين سمع الصّيادون الذين معها ذلك الكلام ،قالوا لها نفديك بحياتنا ،فوالله لم نر أشجع منك ،ولا أقوى قلبا ،زاد إقتراب السفينة منهم ،ولما أصبحت بجوارهم تماما ،أطلّ عليهم القراصنة ،وفي أيديهم البنادق ،فحضن حسن ثريا ،وقال لها: سنبقى معا إلى الأبد !!! ولمّا همّ الرجال باطلاق النار عليهم ،صاح واحد يبدو أنه قائدهم: توقفوا !!! أريدهم أحياء ،وأحضروا تلك الفتاة الشقراء أمامي وخلال دقائق كان ركاب الزورق العشرة على ظهر السّفينة مقيدي اليدين والأرجل أما ثريا فجرّوها لقمرة الربان ،ولمّا رآها بقي يحدّق فيها بدهشة ،فقد كان لها نفس لون عينيه وشعره ،
لاحظت ثريا إهتمامه بها ،وفجأة خلع سترته، وغطّاها بها ،وفي تلك الأثناء رأت الوشم الذي على شكل مرساة سفينة، فتذكّرت ما حكته لها حورية عن أبيها ،وقالت له:إن لم أكن مخطئة فأنت جيوفاني أليس كذلك ؟ فلما سمع الرّجل ذلك ،زادت دهشته ،وسألها، وأنت ألست إبنة مريم ؟ فلم تشعر البنت إلا وهي تمدّ يديها إليه ،وترتمي على صدره ،وشرعت تبكي ،فضمّها جيوفاني، وبكى أيضا ،ثم طلب من البحّارة أن يسخّنوا لها الماء لتستحم ،ويجفّفوا ملا بسها المبتلّة على النار،بعد الحمّام ،أحست ثريا أنّها أفضل حالا ،وجاءها أبوها بطعام ،فأكلت نصف الطبق، وقالت له الباقي لحسن ،أجابها : لقد ورثت عن أمّك الشهامة ،فهل رأيتها ؟ فحرّكت رأسها بالنفي ،وقصت عليه كل ما حدث لها، وهو يتعجب ،ثم قال: يا لها من حكاية عجيبة لا تخطر على البال ،إذن كنت في صقلّية وأنا لا أعلم ،إسمعي سآخذك معي ،وتعيشين هناك !!! أجابته: لا أقدر ،فهناك كثير من النّاس بحاجة إليّ ،وهم فقراء بسببك أنت ،وجماعتك من اللصوص ،أجابها :الأتراك :، يفعلون نفس الشّيئ ،وينهبون سفننا وسواحلنا ،أم نسيت ذلك ؟ ،قالت ثريا :هل تعلم أنّ لي أختا ؟ إتّسعت عينا جيوفاني من الدّهشة ،وقال: أحقّا ما تقولين ؟ أصارحك بأنّي مللت من حياة المغامرة ،وحان الوقت أن أرتاح ،سأكلّم البحارة إن كانوا يريدون مصاحبتنا لتونس،فأغلبهم ليس له عائلة ،ويقطع الطريق ليأكل .
خرج جيوفاني ،وقال لجماعته: هذه الفتاة إبنتي ولقد قررت العيش معها ،قاطعته ثريا ،وصاحت : تعالوا معنا ،فالخير عندنا وفير وبإمكانكم الزواج والإستقرار في بلادنا، ردوا عليها : وهل سيسامحنا الناس ؟أجابتهم :نعم إذا تبتم عما فعلتموه ،واعتنقتم ديننا ،فاتفتوا لبعضهم ،وقالوا :سنتبع زعيمنا، فإن ذهب معك ذهبنا أيضا ،ونظروا إليه ،فأومأ برأسه موافقا فقاموا ،وفكّوا سراح الأسرى ،وأحضروا لهم الطعام والماء ،وملابس دافئة ،وكان حسن يأكل ولا يفهم ما يحدث ،فعوض أن يقتلهم القراصنة ،هاهم يكرمونهم كأنّهم ضيوف ،وليسوا أسرى ،ولما شاهد ثريا ممسكة بجيوفاني، فهم كل شيئ فلقد حدثته عن أبيها القرصان عاشق النّسوان ،فابتسم، ومنذ أن تعرّف على تلك البنت ،والأمور العجيبة لا تنقطع،أمّا بقيّة الصّيادين فعدّوا نجاتهم من الموت كأحد كرامات تلك الفتاة ،فحمدوا الله على نعمته ،وكانوا متألمين لأنهم سيتركون وراءهم أطفالا ونساء جوعى ،أمّا الآن فسيرجعون لهم بالخيرات لكي يأكلوا ويشبعوا ،وصاروا كلما رأوا ثريا وقفوا إحتراما لها بعد ساعات ظهرت شواطئ غار الملح وكان جزء من الزوارق راسيا ،والصّيادون جالسون قرب الصّناديق، وهم يأكلون الثمار التي وجدوها في البراميل ،ولمّا رأو السفينة خافوا ،وبدأوا بالهرب تاركين وراءهم كل شيئ ،فقال حسن :ويحهم ، رغم كثرتهم فهم لا يساوون شيئا بدونك !!! ثم أنزل زورقا ركبه مع ثريا ومن معهم ،وجدّفوا بإتّجاه الشاطئ …

يتبع الحلقة 11

 

قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق