مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #الرّاعي_وبنت_السلطان الجزء الخامس

مشى محمود حتى وصل للجبل الذي فيه مغارة السّاحر ،وقال للحصان :ستقوم بافتعال ضجّة، ولمّا يخرج ذلك الشّيخ ،سأدخل ، وأنقذ الأميرة ،وأرجو أن تكفي تلك العباءة لإخفائي عن الأنظار، وإلا هلكت !!! ،قال الحصان : سأحاول إبعاده أكثر ما يمكن، المهمّ أن لا تتأخّر .كان السّاحر جالسا حول المائدة ،وأمامه الأميرة رباب وهي تقلّب الطعام في صحفتها دون أن تأكل منه شيئا ،وقد ظهر عليها الضعف والهزال ،ولم يكن بوسعها الهرب لأنّ الخفافيش التي تتدلّى من السّقف تراقبها، وتمنعها من الخروج،وفجأة سمعا صوت حجر يلتطم بحافة المغارة ،فبدأ السّاحر يسبّ ،وتساءل :من الذي يزعجني وقت العشاء ؟ فأطل من الباب ،لكنه لم ير شيئا، ولمّا إستدار ليرجع ،فوجئ بحجر يصيبه في رأسه ،فهاج وماج ،ومن بعيد لمح الحصان واقفا ،فقال له: ويحك ،ما الذي أتى بك إلى جبلي ؟ سأقبض عليك ،وأسلخ جلدك !!! فسخر منه ،وزاد غضب السّاحر ،وشرع في الجري وراءه .
أمّا محمود فكان مختبئا وراء شجرة ،وحين رأى أن المغارة خالية، لبس العباءة ،ودخل .وبعد قليل رأى الأميرة جالسة وهي تبكي ،فتقدّم ناحيتها ،لكنّه شاهد الخفافيش وهي تحرّك رؤوسها ،وقال في نفسه: لو أمسكت يد الأميرة لتفطّنت لي تلك المخلوقات البغيضة ،ولا بدّ من حيلة لأشغلها عنّي!!! ثمّ إلتفت حوله فرأى المشاعل على الحائط، فانتزع واحدا منها ،وألقاه على فراش السّاحر، فاشتعلت النّيران بسرعة ،وامتدّت إلى الزرابي والجلود ،إضطربت الخفافيش ،وصارت تحلّق في كلّ مكان ،واحترق بعضها ،أمّا الأميرة فالتصقت بركن ،وقد تملّكها الفزع ،فجرى محمود، وأدخلها تحت العباءة ،وأشار لها بإصبعه أن تصمت ،وأنّه جاء لإنقاذها ،ولمّا إكتشفت تلك الطيور إختفاء رباب ،أطلقت صيحات مخيفة ،وطارت إلى باب المغارة ،ثمّ خرجت تبحث عنها في الغابة ،حينئذ قال محمود للأميرة :الآن بإمكاننا أن نهرب من هنا ، ، ثم سارا تحت الأشجار، وهما يحاذران أن يصدرا صوتا .
أمّا السّاحر فعندما رأى الخفافيش تحلّق في الغابة ،كف عن مطاردة الحصان، ورجع إلى المغارة ،ومن بعيد رأى النّيران تلتهم داره وكتبه وكل ما يملك ،فصرخ صرخة عظيمة ،إهتز لها كلّ الجبل ،ولم يفهم كيف إحتالت عليه تلك اللعينة رباب،و لم ترها الخفافيش أو تحسّ بها !!! ثم صاح: لقد فهمت الآن : فذلك الحصان لم يكن وجوده هنا صدفة ،لا شكّ أنّ الأميرة معه الآن ،وسأبحث عنه ،لكن الحصان كان يعرف أنّ السّاحر سيتبعه ،فجاء إلى مستنقع مليئ بالطين ،فتمرّغ فيه ،ثمّ إستلقى على جانبه ،وأتت الضّفادع، وبدأت تقفز فوقه ،وصل الرّجل قربه ،ونظر يمينا وشمالا ،ثم قال : هذا عجيب ،فأنا لا أراه !!! وفجأة نزلت على يده حبّات من الغبار الأبيض ،فشمّها ،وقال : ويحي ،إنّها واقية من السّحر !!! دون شكّ ما جرى اليوم هو من تدبير كاهنات الغابة، فإني أعرف خبثهنّ، لكن ليس لأحد القدرة أن يتحدّاني ،وسيرى سكاّن هذه المملكة ما سأفعلهم بهم، والله لن أبقي شيئا حيّا هناك ،لا إنسان ،ولا حتى فراشة، أو نملة .
ثم أشعل نارا ،وشرع يتمتم ويهمهم، فبدأت الأغوال تخرج من الكهوف والغيران وتتجمع عنده ،وإمتلأت السّماء بالخفافيش السامة ،أما محمود فنزل من الجبل ،ومشى مع رباب وحين أصبح بعيدا ،نزع عنه العباءة ،بعد ذلك إصطاد أرنبا ،وطبخه ،فأكلت الأميرة وهي ترتعد من الجوع ،وسقاها من قربته ،فانتعشت روحها ،وشكرته على معروفه،ثم سألته عن حال مملكتها، فأجابها :لقد وضعت شيئا لفكّ السّحر ،ولا أدرى ما هي النتيجة !!! في ذلك الوقت جاء الحصان وهو يركض، وقال له: لا وقت لدينا يا محمود ،فالسّاحر يجمع قوى الشرّ ،علينا الآن بالبحث عن البئر الذي ليس له قاع ،المشكلة أنّي لا أعرف مكانه ،ونحن الآن في ورطة …

يتبع الحلقة 6

 

من قصص حكايا العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق