مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية #الرّاعي_وبنت_السلطان الجزء الرابع

بعد ثلاثة أيام وصل محمود إلى بحيرة واسعة تحيط بها ثلاثة جبال شاهقة ولما رآها عرف لماذا يطلقون عليها الزرقاء فلقد كانت أصفى من لون السّماء ،وماءها من قطرات الندى فكر الفتى كيف سيجد الصندوق الذي في القاع ،قال له الحصان : سأسأل إحدى الأسماك، وهي ستقول لنا الخبر الصحيح ،ردّ محمود :يجب أن تكون سمكة مثلها لتفهم لغتها !!! أجاب الحصان: ويحك ،هل تظنّ أنّي دابة لا تصلح إلا للرّكوب ؟ إعلم أني كنت في خدمه كاهنات الغابة، وهنّ مخلوقات لطيفة تحمي الطبيعة وتعاقب من يفسدها وتقضي على جمالها ،وهن وجدن من أقدم الأزمان، وعاصرن الأنبياء وصعود الممالك والدول ،حتى جاء ذلك السّاحر البغيض ،وأرسل علينا مرضا غريبا أهلك غابتنا ،وماتت أكثر الكاهنات ،وأخرى لاحقتها الغربان ، وولم تنج إلا واحدة عجوز ركبت على ظهري ،وجريت بها بعيد ا ،ثم أوصتني بمساعدتك ،ولمّا اختبرتك أيقنت أنك الشخص المقصود التي تحدثت عنها النّبوءة في كتبهم .
كان محمود يسمع ويحس بالحزن، فهو أيضا يحب الطبيعة، ويقضي يومه في المروج يرعى عنزاته ،ثم قال :أنظر هناك سرب من الأسماك تطل برؤوسها من الماء ،فقال الحصان ::السّلام عليكنّ ،ما أحلاكنّ هذا الصّباح ،فالتفتن إليه بدهشة وقلن له : هل أنت من أهل البرّ أم البحر؟ :أجاب هذا ليس مهمّا، لكن هل شاهدت إحداكنّ صندوقا من الفضّة في قاع البحيرة ؟ قالت السمكات :نعم، فهو من أثاث قصر الملكة ،ومن الصعب أن تعطيه لك ثم قص عليها حكاية الساحروأن الدور آن عليهم ،ثم غطسن في الماء وبعد قليل صعدت الملكة ووراءها سرطان كبير يحمل الصندوق على ظهره ،وقالت له : لعل ما فيه يساعدك على بلوغ غايتكما ،أخذ محمود الصندوق ،ثم فتحه وكانت فيه عباءة طويلة قد إصفرّ لونها من القدم ،ولمّا لبسها اختفى عن الأنظار،فصهل الحصان، وقال مدهش ، يمكننا الآن بدأ الحرب على السّاحر ،ثم البحث عن السنبلة التي بها ألف حبة قال محمود :لا أفهم فيما سيفيدنا هذا الشّيئ ؟
مشوا في طريقهم حتى إقتربوا من المدينة وهالهم الخراب فقد صارت الأشجار الخضراء جذوعا جافة وماتت الأزهار وغطى اليوت غبار أسود ،ولم يروا إنسانا واحدا أو حيوانا أو حتى عصفورا ،ومن لم يمت بالمرض رحل من ذلك المكان ،وفي الطريق وجدوا عربة يركبها رجل مع امرأته وصغاره، وهم يذهبون لوسط المدينة ،فسألوه عما يحدث ،فأجابهم :أن ذلك الغبار الأسود ينتشر بسرعة ،وكل مكان يصل إليه يصيبه الخراب ،وما هي بضعة أيام حتى ينتشر في معظم المدينة ،وبدأ السّكان يغادرونها ،فانزعج محمود وقال لو لم نفعل شيئا فسيتحقّق كلام الكاهنة وتختفي المملكة تحت الظلام ،مذا يجب أن أفعل لتحمينا الجوهرة ،بقي يفكر،ثم قال في الربيع تهب الرياح على حبوب الطلع التي في الزّهور، فتطير وتسقط في كل مكان وتعطي الحياة ،وسأسحق تلك الجوهرة لتحملها الريح ،أجاب الحصان يا لها من فكرة لا تخطر على بال أحد ،
أحضر محمود مهراسا وسحقها حتى صارت غبارا أبيض ثم وضعه في صرة ،ولما هب الهواء طار ما فيها ،ثم وقف الفتى ينتظر لكن لم يلاحظ شيئا، وقال : علينا أن ننتظر فالسّحر قوي ،والآن هيا بنا إلى مغارة السّاحر،فكلي شوق لرؤية الأميرة رباب ،ترى هل هي بخير ؟

يتبع الحلقة 5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق