مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية #أميرة_قلعة_اليمام الجزء السادس (الرّجل الغامض) (حلقة 6 )
رجعت ميساء إلى القلعة ،لكنها استغربت حين لم تر الحارسان أو تسمع صوتهما ،فقالت في نفسها :أرجو أن لا يكونان قد لاحظا غيابي فخرجا للبحث عني في المدينة ،كانت تحسّ بالارتياح لعدم وجودهما ،فهما يراقبان حركاتها وسكناتها ،ولولا إغرائهما بالشّراب لما أمكنها الخروج كلّ هذا الوقت ،كانت لا زال تتذكر حكاية الملكة اليمام والمصير المروّع الذي لاقته على يد أخيها قيس ،وأحسّت بالقشعيرة تسري في جسدها لفكرة أنّ روحها تهيم بين أروقة القلعة الباردة ،ثم مشت حتى البهو الذي إزدانت جدرانه بالسّيوف والدّروع، وأخذت تنظر لتبحث فيه عن زنبقة لها ورقتان يشبه الذي على اللوحة في كوخ بدر الدين كان مرتفعا قليلا فأحظرت مقعدا ،وصعدت عليه ثم تحسسته بأناملها ثم ضغطت علي فلم يحدث شيئ ،ثم سمعت خطوات أقدام ثقيلة ،فأرجعت المقعد إلى مكانه ،ثمّ إختفت وراء الطاولة الكبيرة وقلبها يكاد يتوقّف من الخوف ، ثم سمعت أشخاصا يتكلّمون ،وقال أحدهم :دون تلك الورقة التي أخبرنا عنها الزعيم لن نجد شيئا !ردّ آخر : لسنا متأكّدين من وجودها بعد كل هذا الوقت الطويل ،علينا أن نبحث عن علامة ،لكن ما هي ؟
مرّوا أمام ميساء التي زادت في إنكماشها ،وعرفت أنّهم نفس الرّجال الذين صادفتهم في الغابة ،وهم لا يتورّعون عن قتلها ،إنتظرت قليلا ثمّ جرت إلى الباب الذي كان مفتوحا ،وخرجت ،ثم أغلقته بالمفتاح ،ثمّ سارت إلى كوخ الشّيخ ،ولما رآها بدر الدين ممتقعة الوجه ،صاح ماذا حصل يا ميساء ؟ وكيف تركك الحرّاس تخرجين من القلعة ؟ أجابت :والله لا أدي ماذا حلّ بهما ،وكذلك بالمربّية والطباخ ،ولقد وجدت نفسي مع أولئك الرجال الذي حاولوا قتلك ،وهم يبحثون عن الكنز،ويقودهم زعيم لهم ،من المأكّد أنّه يعرف الكثير عن القلعة .في ذلك الوقت دخل الشيخ ،وسمع ما قالت ميساء فقطّب جبينه وتساءل من يكون ذلك الزعيم ؟ قال بدر الدين: أعتقد أنّه واحد من جماعتك يا قائد ،وهو يريد الفوز بالمال لنفسه ،وربّما كل من بقي منهم يتآمر علينا الآن ،أجاب الشيخ: واسمه حازم ،ويحهم !!! لقد عاهدنا الملكة اليمام على خدمتها ،وأكلنا من خيرها ،فكيف يتجرّأ أحدهم على خيانتها ؟ سأنتهي بمعرفته ،سيلحقه العقاب ،قالت ميساء :هذا سهل فقد أغلقت على الثلاثة رجال باب القلعة ،وهم محبوسون داخلها ،ولو قبضنا عليهم لانتزعنا منهم السرّ ،وعرفنا الخائن !!!صاح بدر الدين: يا لها من فكرة جيّدة ،لا تخطر على بال أحد ،هيّا بنا ،وسندخل من السرداب ونفاجأهم الواحد بعد الآخر ،قال حازم: سأجبرهم على الكلام ،وإلا حطمت رؤوسهم ،ثم أخذ هراوته ،وهزّها في الهواء ،فلقد كانت ضخمة، والرجل رغم سنّه كان قويا كالثور.
مشى الثلاثة في السرداب على ضوء شمعة وبعد نصف ساعة خرجوا من مدفأة ،ولما مروا بجانب المطبخ سمعوا أنينا خافتا ،ففتحت ميساء الباب وشاهد الحارسين موثقين ومعهم الطباخ والمربية ففكوا وثاقهم ،وزادت دهشتهم لما رأوا رجلا وفتى جميل الوجه مع ميساء ،فقالت لهم سأشرح لكم كل شيئ فيما بعد ،أما الآن فعلينا القبض عن أولئك المعتدين الثلاثة أحياء ،ونعرف كيف دخلوا إلى هنا ؟كمن حازم والحارسين في أحد الأروقة ،أمّا ميساء فاقتربت من أحد الرّجال الثلاثة ،و كان ينقر على الحيطان بمقبض سيفه ،ثم قالت له : ماذا تفعل أيها اللّص ؟ أبي السلطان في طريقه للقلعة ، ،وسيعلقك في شجرة لتفقأ الغربان عينيك !!! فصاح :بل أنا من أعلّقك يا فتاة السوء ثم جرى وراءها ،وفجأة رأى هراوة تصيبه في وجهه ،فسقط على الأرض وجرّه حازم وأوثقه جيّدا ، ثم قال لم يبق إلا إثنين وبعد قليل أصابت الهراوة واحدا آخر،أمّا الثالث فوجد نفسه محاصرا بين أربعة رجال، فقال :لن تمسكوني حيا، ثم جرى وألقى بنفسه من النافذة ،تعجّب الأمير بدر الدّين وقال : إنه يبدو خائفا من شيئ ما !!! بقوا ينتظرون حتى أفاق أحد الرّجلين من إغمائه ،ولما رأى نفسه مربوطا تملكه ذعر شديد ،وقال: لن أخبركم بشيئ حتى ولوا قطعتموني إربا ،قال الشيخ حازم :هذا بالضّبط ما أنوي فعله أيّها اللئيم ،وسأبدأ بأذنيك …
…
يتبع الحلقة 7
من قصص حكايا العآلم الآخر