مكتبة الأدب العربي و العالمي

أميرة_الورد_وأميرها الجزء الثاني

أخذ الفتى الوردة منها وقال مستغربا :
وماذا سأفعل بها ؟؟
ردت العجوز :
أنظر إليها.. فأنت لم تنظر إليها..
وعندما أمعن سامر النظر الى الوردة حتى ذهل وصاح :
إنه.. إنه اللون الذي رأيته.. لون شفاه حبيبتي..
كانت هناك عدة بتلات وردية اللون تزين الوردة الحمراء من الداخل..
إلتفت سامر بعد ذلك الى العجوز وقال وقد دمعت عيناه :
خبّريني أيتها الجدة, ماذا يعني ذلك بربكِ ؟؟
قالت العجوز :
إسمعني جيداً يا بني.. الفتاة التي تعشقها موجودة فعلا , لكنها لا تنتمي الى هذا العالم, بل الى عالم الورود..
قال سامر بتعجب :
الورود تقولين !!!؟؟
أجابت العجوز :
نعم.. فهي ليست بشرية, وإنما روح من عالم الورود وتلقّب بأميرة الورد..
قال سامر :
هل تريدين إخباري بأني قد اُغرمتُ بوردةٍ ليس إلا..؟؟
ردت العجوز :
هذه هي الحقيقة ببساطة يا ولدي..
هنا جلس سامر على الارض وجعل يذرف الدمع بسكون.. فتمتمت العجوز وكأنها مترددة فيما تريد قوله, فالتفت اليها الفتى وقال :
أستحلفكِ بالله أيتها الجدة, إن كان هنالك شيئاً آخر تخفينه عني إلا ما أطلعتيني عليه..
تنهدت العجوز ثم قالت :
الكل يعلم يا سامر إن عالم الورود عالمٌ جميل جدا.. ويكمن جماله في صفائه ونقاوته..
وفتيات ذلك العالم هنّ في القمة من الصفاء والطهارة والجمال.. مبرئاتٌ من كل نقصٍ وعيب..
فهل فكرتَ ماذا سيحدث لفتاةٍ منهن لو حدث وإن جاءت  للعيش في عالمنا ؟؟ عالم القوة والقهر والإستغلال.. عالمٌ هو على النقيض تماماً من عالم الورود الجميل الشفاف ؟؟
أخشى يا ولدي أن تلك الوردة المتفتحة ستذبل وتموت في مثل هكذا عالم..
قال سامر :
هل أستطيع أنا أن أنتقل الى عالمها ؟؟
قالت :
كلا لا تستطيع.. لأن الورود عالمٌ لطيف, أما عالمنا فكثيف.. والاشياء تميل للإنتقال من اللطيف الى الكثيف وليس العكس..
يجب أن يكون قلبك شفافاً جداً لتنتقل الى عالمها وهو أمرٌ مستحيل..
أطرق سامر قليلاً ثم قال :
إذن أعدكِ أنني ساُحيطها هنا بسياجٍ من الحنان وسأرويها بمحبتي وسأعتني بها وأرعاها كما اُراعي مقلة عيني..
قالت هي :
أعرف أنك صادقٌ فيما تقول يا سامر , وأنك ستبذل كل ما بوسعك لحمايتها.. لكن هل تستطيع أن تفعل ذلك كل الوقت ؟؟ هل بمقدورك أن تتصدى للعالم, كل العالم من أجلها ؟؟ هذا هو السؤال..
وبعد أن أخبرت العجوز الفتى بالطريقة التي من الممكن أن يرى فيها معشوقته ويستدعيها الى هذا العالم, انطلق مسرعاً يحمله الشوق حتى بلغ روضةً غنّاء , تحفّ بها الورود والاطيار..
ثم سار حتى وصل الى كهفٍ تنبعث منه أزكى العطور , فدخله فشاهد العديد من الورود الحمراء قد زينت مدخل الكهف وجوانبه, وفي منتصف الكهف تقبع وردةٌ حمراء هي أكبرهن حجما..
قام سامر أولاً بقطف وردةٍ بيضاء عملاً بقول العجوز , ثم عمد الى اُصبعه فجرحه بالخنجر وأسال بضع قطراتٍ من الدماء على الوردة حتى تلوّنت باللون الوردي..
ثم عاد الى الوردة الحمراء الكبيرة فوضع الوردة البيضاء الى جنبها ثم أغمض عينيه وناجى أميرة الورد بقلبه أن تحضر الى عالم الارض..
بعد ذلك, جلس على الارض ينتظر..
فمضت عدة ساعاتٍ من الانتظار لم يحدث فيها شيئٌ يذكر..
لكن الذي حصل هو أن شعاع القمر قد تسلل من بعض الشقوق في سقف الكهف فوقع على الوردة الحمراء فازدادت تلألؤاً وجمالا..
فتقدم سامر ولمس تويجاتها وهو يبكي ويفكر في أميرة الورد حتى روى الوردة من دموعه, فارتعشت الوردة فجأة, فتركها سامر وجعل ينظر إليها بدهشة فشاهدها وهي تنمو أكثر وأكثر الى أن توقفت عن النمو عند حدٍ معين..
ثم وبعد ذلك أخذت الوردة تتفتح شيئاً فشيئاً حتى بان في وسطها جسد فتاةٍ شابة ترقد مستلقيةً في داخلها

…. يتبع الجزء الثالث

من حكايا العالم الاخر

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق