لكن المرأة أصبحت دون إحساس ،ولم تشعر بالخوف منه ،وأجابت :لقد إنتهت حياتي، لكني سأنتقم من كلّ من أذاني ،وخصوصا زوجي، والأطفال الذين يعصون أوامر آبائهم !!! قال الطائر :هذا جيّد سأحقّق أمنيتك ،فأنا أيضا أكره الأطفال، فهم لمّا يجيئون للغابة ينبشون أعشاش الطّيور ويكسرون بيضها على الصّخور ويقتلعون الزّهور ويقتلون الفراشات، لا بد من عقابهم !!! ثمّ تمتم بكلمات غير مفهومة ، فظهر للمرأة ريش وجناحان ،لكن بقي لها وجه إنسان.وأصبحت نعوشة ،ثم طارت بعيدًا ،واختفت في الغابة، وكلّما تغرب الشّمس، تغطّي نفسها ،وتخرج للقرى التي حولها ، تتمشّى في الأزقّة، وما أن ترى أحد الأطفال حتى تخطفه ،وتحمله لأحد الأركان ،ثم تمتصّ دماغه من أنفه ،وكان ذلك يجعلها شابّة على الدّوام فلا يأثّر فيها الزّمن ،ولا يمكن تمييزها عن بقية النّساء ،لكن النّاس تعلّمت أن تحذر من امرأة تلتحف بسفساري، وتدور وحدها أثناء مغرب الشّمس حافية القدمين .
ويحكى أنّ الكثير من النّاس قد شاهدوها وهي تهيم على وجهها ،وكلّ مرّة يجدون طفلا ميتّا، وفي البداية لم يعرفوا كيف حدث ذلك ،لكنهم سرعان ما ربطوا بين ظهورها في القرى ،وموت الأطفال ،ولمّا بحثوا عنها ،وجدوا زوجها مقتولا ،وغربال الجارة ملقى أمام الدّار، فصاروا يعلّقون على أبواب بيوتهم غربالا لمّا تغرب الشّمس ،ويقال أنّها ربّما تدخل من النّوافذ ،وتخطف الرّضع ،ولا يعلم أحد أين تقودهم ، لأنّها تحنّ إلى طفلها الذي مات ،وحتى وقت قريب كانت الجدّات يروين لأحفادهنّ قصّة عجوزة المغارب ،التي تخطف من لا يسمع الكلام ،والكثيرون يعتقدون أنّ قصّة النّعوشة خياليّة، لكن عليك أن تصدّقها، فقد تمرّ بك صدفة ،وأنت لا تعلم من هي ،وهكذا الحال منذ زمن طويل ..
من قصص. حكايا. العالم. الاخر