مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية سبعة صبايا في قصبايا الجزء الثاني (النهايه) (رماد الكلب )
صاح الدّيك : ﺳﻴﺪﻱ أﻭﺻﺎﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬن ،ﻭﺍﻟﻠﻪ ما ﺗﺬﻭﻗهنّ ، ردّت عليه : ما أقبح لسانك ،سأعلّمك الأدب !!! ثمّ قفزت عليه في السّطح ،وأكته بريشه ،ورجعت تغنّي ،وقف الكلب و بدأ ينبح بقوة، وقال : ﺳﻴﺪﻱ أﻭﺻﺎﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺗﺬﻭقهنّ ،خافت منه ،وهربت دون أن تلتفت ورائها، ولمّا وصلت لدارها، قالت: في نفسها :ما هو الحلّ ؟ فذلك الكلب يمنعني من الإقتراب من الأخوات السّبعة !!! في الليل،ﻟﺒﺴﺖ ﻓوطة، ﻭﺗﻨّﻜﺮﺕ . ﻭ حملت ﻣﻌﺎﻫﺎ ﻗﺼﻌﺔ ﻋﺼﻴﺪﺓ بالزّبدة والعسل ،ثم طرقت ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻭإدّعت أنها ﺧﺎﻟﺘﻬنّ مبروكة،فاختفين، ولم يجبنها ،فصاحت ويحكنّ يا بنات، جئت لأسئل عن حالكنّ ،ولقد أوصاني أبوكّن الله يحفظه أن آتيكن بطعام ونسهر معا وأقصّ عليكنّ حكاياتي الجميلة ،و البارحة منعني ذلك الكلب اللئيم من الإقتراب ،ومزّق فوطتي الجديدة بأسنانه ،ولم أهرب منه إلا بشقّ الأنفس .
أطلّت البنات السّبعة من شقّ في الباب ،فرأين امرأة تلتحف سفساري ،وتخفي وجهها ،وفي معصميها أساو ر الذّهب ،وتحمل فوق رأسها قصعة تفوح منها رائحة العصيدة بالزّبدة ،فرحت البنات فهنّ لم يذقن طعم الزّبدة منذ مدة طويلة ،فقلن : لها إبق معنا يا خلة ،فنحن نحسّ بالملل ولا أحد يجيئنا أو يحمل لنا شيئا ،ولقد مللنا من أكل القديد ونشتهي سمكا ولحما طازج ،لمعت عينا الغولة ،وأجابتهن سآتيكن بكّل ما تشتهينه ،لكن الأوّل عليكن بالتخلص من ذلك الكلب !!! لكنّ البنت الصّغيرة ،حذّرتهن ،وقالت :لا أثق في تلك المرأة ،فلماذا تخفي وجهها ؟ ولم أسمع أنه لنا خالة إسمها مبروكة ،ثم أين ذهب الحمار والدّيك ؟ فإني لا أراهما !!! أجابت إخواتها : يبدو أنك تريدين أن تنكّدي علينا ليلتنا ،سندخل تلك المرأة ولن يعلم أبونا بشيء ،قالت الصّغرى ستندمن على ذلك ،فأمسكن بها من شعرها، وضربنها بشدّة وقرصن جلدها ،ثم إجتمعن عل الكلب فقتلنه ،ورمين به على السطح ،فرحت الغولة، وبدأت تغنّي :
الكلب قتلته صاحباته
ورمين به فوق سطح الدّار
سآكلكم واحدة بعد الأخرى
ولن يحسّ جيرانكم
أو يسمعوا الأخبار
لكن تحرّك الكلب الميّت ،وأجابها :لقد أوصاني عليهم سيّدي ،والله لن تذوقينهم ،فهربت الغولة ،وهي تصيح : يا جرّاي علي ّ ،يا نبيح الكلب عليّ ،وفي الغد رجعت في الليل، وقالت للأخوات : لا بدّ من حرق الكلب، فأشعلن الكانون ورمينه فيه ،ففرحت الغولة ،وإقتربت من الباب وهي تغني سبعة صبايا ،لكن الكلب تكلّم من وسط الرّماد ،وقال : سيدي أوصاني عليهم والله لن تذوقينهم ،فهربت وهي تصيح يا جرّاي علي ّ ،يا نبيح الكلب عليّ ،وفي الغد لمّا حلّ الظلام جاءت إليهنّ،وطلبت منهنّ رمي الرّماد في البئر ،لكن الكلب تكلم ،فهربت كعادتها ،وكلما كانت تجيئ تسمع صوت الكلب يقول سيدي أوصاني عليهم ،والله لن تذوقينهم ،فاحتارت ،ولم تعرف ماذا تصنع .
وفي أحد الأيام رجع الأب ،وسألهنّ عن الدّيك والحمار والكلب ،فجاءت البنت الصغيرة ،وأخبرته بكل ما حدث ،فقال لبناته: أختكم الصّغيرة على حقّ ،فأنا ليس لي أخوات ،وتلك المرأة غولة إتبعتكم ،وعرفت داركم ولولا إخلاص ذلك الكلب لأكلتكم !!! لكنّي سأنتقم منها ،فجاء أمام الباب وحفر حفرة كبيرة وأشعل فيها النار ثم غطاها بحصيرة ونثر عليها الرمل لكي لا تظهر وفي منتصف الليل جاءت الغولة دون أن تحدث ضجّة ،وإقتربت من الدّار، لكن لم تسمع صوت الكلب ،فبدأت ترقص وتغني :
إسترحت منك
أيّها الكلب القوّاد
رموك في البئر
بعدما أصبحت رماد
و مازلت تنبح على العباد
لكن لما مدّت ساقها لتمشي، وقعت في الحفرة ،واشتعلت فيها النار،وخرج الأب وبناته فرموا عليها الأحجار حتى ماتت ثم أخرجوها، ورموها للكلاب ،وفي الغد ذهبوا لمنزلها ووجدوا في الدهليز صندوقا من الذهب وأخذوه ،وأصبح ذلك التاجر من أعيان البلد وبنى مكان داره قصرا واشترى كلبين ليحرسوه ،أما البنات فعشن في خير ،وتعلمن أن يحترمن أختهن الصغيرة فالعبرة ليست في السّن بل في العقل ..
…
إنتهى
من قصص حكايا العآلم الآخر