أخبار عالميهالرئيسية
لقاء خاص مع سفير دولة فلسطين لدى الدنمارك مانويل حساسيان يقول : النفط هو كلمة السر في العدوان الفاشي على غزة
دولة مانويل حساسيان أكد أن "غزة تُعتبر ممرا آمنا لما يسمى (الممر الهندي) لاستغلال النفط بمنطقة الشرق الأوسط"-
قال السفير الفلسطيني لدى الدنمارك وعميد مجلس السفراء العرب، البروفيسور مانويل حساسيان، إن “الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من كل هذه الحملة والعدوان الفاشي على غزة هو الحصول على احتياطيات النفط والغاز الموجودة في القطاع؛ حيث إن غزة تُعتبر ممرا آمنا لما يسمى (الممر الهندي) لاستغلال كل منطقة الشرق الأوسط والاستغناء عن استخدام قناة السويس وقناة باب المندب”.
وأضاف، في مقابلة خاصة مع “عربي21”: “إذا أرادت أمريكا للسلطة الفلسطينية أن تحكم غزة؛ فهذا لن يكون إلا بحل القضية الفلسطينية بحل مبدئي بإقامة دولة في غزة والضفة وعاصمتها القدس الشرقية. وبصرف النظر عن مَن سيكون المسؤول عن هذه الدولة، فإن الغاز والممر الهندي سيكون بقبضة واشنطن. لذلك، يجب أن لا نستغرب الصمت الأمريكي عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وهي المستفيد الأول من ذلك”.
وفي 10 أيلول/ سبتمبر، وقّعت السعودية مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممرٍ اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، مع كل من الولايات المتحدة، والهند، وإسرائيل، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي.
ووصف الدبلوماسي الفلسطيني موقف الدول الإسكندنافية من العدوان الإسرائيلي بأنه “لا يزال خجولا”، مضيفا أن “هناك تفاوتا في الموقف بين الشعبي والرسمي، ويمكننا القول إن النرويج والسويد هما أكثر تقدما من الدنمارك في دعم القضية الفلسطينية، خاصة في مواقفهما خلال الحروب على قطاع غزة”.
وفي ما يأتي نص الحوار “:
كيف تقيم موقف الدنمارك الرسمي من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة إلى الآن؟
الموقف الرسمي للحكومة الدنماركية عند بدء العدوان كان إدانة حماس والإرهاب الذي تدعيه الدنمارك بأسلوب أمريكي-إسرائيلي، مع إعطاء إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. وقد اعتبرت الحكومة هذا العمل بربريا وهمجيا، وأعلنت بوضوح موقفها الرسمي الداعم لإسرائيل.
ومع تطور حرب الإبادة في غزة، أصبح هناك بعض التلطيف في موقف الحكومة الدنماركية فهي تؤيد الهدنة الإنسانية، وتدعم الشعب الفلسطيني من الناحية الإنسانية، ولكن مع استمرار الهجمات على غزة، نرى أن موقفها الحكومي لم يتغير تغييرا واضحا في تأييد إسرائيل. موقفها ما زال خجولا ومتخاذل فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، على الرغم من ادعائها بأنها تقف في القمة عالميا في الدفاع عن حقوق الإنسان.
هنا يتجلى بوضوح التناقض بين الموقف الشعبي والموقف الحكومي الرسمي، مما يخلق فجوة كبيرة بينهما في هذا السياق. إذن، يبدو أن الدنمارك تعاني تناقضا في موقفها، حيث تظهر كداعمة لإسرائيل في بعض الأحيان وكمؤيدة للهدنة والشعب الفلسطيني في أوقات أخرى، مما يجعل الموقف الدنماركي في هذا السياق غير واضح وغير ثابت.
لكن هل يمكننا القول إن موقف الدنمارك من العدوان الإسرائيلي تغير اليوم مقارنة بموقفها في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي اندلعت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؟
لم يتغير الموقف الدنماركي على نحو دراماتيكي، ولكن هناك خجل واضح في الموقف الدنماركي في هذا السياق، ويعود السبب إلى التأثير الأمريكي في العلاقات العامة. يمكن القول إن الدنمارك تبنت موقفا أكثر حيادية مقارنة بالتمسك الصارم بالخطوط الأمريكية. على الرغم من عدم توقف إطلاق النار كلّيا، فإن هناك تحوّلا في الموقف الأمريكي، الذي يشمل الحديث عن المعونات الإنسانية وضرورة تجنب إسرائيل لاستهداف المدنيين، بالإضافة إلى دعم الهدنة، ولكن لغاية الآن لم ترسل الدنمارك معونات إنسانية لغزة.
وهنا نرى أن هذا الموقف الأمريكي الذي بات يحاول أن يعدل من سياساته الداعمة لإسرائيل عسكريا، نلاحظ بأن الموقف الدنماركي مع هذا التغيير، حيث كانت في البداية تدعم إسرائيل بشكل صريح، ولكن الآن تظهر تناغما مع الموقف الأمريكي الأكثر ليونة.
يبدو أن الدنمارك تخجل من اتخاذ موقف صارم نظرا لتعهداتها بحقوق الإنسان، وتتبنى موقفا يركز على تقديم المعونات الإنسانية للشعب الفلسطيني دون التوقف عن ذلك حتى في ظل الأحداث الجارية، كما أكدت وزارة الخارجية الدنماركية.
هل تتوقع أن تقوم الدنمارك باستئناف إرسال معوناتها التنموية للفلسطينيين خلال الفترة المقبلة؟ وهل لكم تحركات في هذا الصدد؟
نعم، عندما بدأت الحرب على غزة، عقدت اجتماعا مع وزارة الخارجية الدنماركية، والتقيت مع مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، السيدة لويز واغنر أوكن. تحدثنا عن تداعيات هذه الحرب، ويمكن وصف الوضع بأنه “كان يشبه الثلج يوم الحرب”. أخبرتني السيدة لويز واغنر أوكن بشكل حرفي أننا نرغب في الاستمرار في تقديم المساعدة الإنسانية للشعب فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
ومع ذلك، أشارت إلى أنه سيتم إعادة النظر في المساعدات التنموية، وذلك لأنه يُعتبر عاديا أن تتجه المعونات إلى السلطة، ويتم صرفها على الهياكل التنظيمية والبنية التحتية، بالإضافة إلى دعم بعض الرواتب للفلسطينيين. هنا، يظهر الموقف الدانماركي بوضوح في عدم تفضيلها دفع دعم البنية التحتية للسلطة الفلسطينية، ويُعزى ذلك إلى الضغط الإسرائيلي، حيث تُعتبر هذه الفئة “إرهابية”. ومع ذلك، يتعين إعادة تقييم الدعم للسلطة الوطنية الفلسطينية وهيكلها التنظيمي بوجهٍ عام.
ما المأمول من لقائكم المرتقب مع وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن؟ وكيف تقرأ ردود الفعل الشعبية في الدنمارك؟
أولا، إنني لست متفائلا جدا بوجود موقف إيجابي في هذا السياق، حيث يظهر أن الدعم للقضية الفلسطينية قد تغير تغييرا سلبيا. يمكن أن يكون السبب في هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ووضع اللوم على حماس، وهو ما يعتبره البعض بداية للأزمة. لم أشهد أي موقف رسمي يدين العدوان الإسرائيلي على غزة، بل يظهر موقف الدانمارك واضحا بدعمها السافر لإسرائيل واعتبار حماس منظمة إرهابية.
من الواضح أن الموقف الدنماركي خجول في دعم القضية الفلسطينية، ويميل إلى الدفاع عن إسرائيل، وذلك كرد فعل على أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. لا يُتوقع دعما أو تعاطفا مع الجانب الإسرائيلي، بل يظهر أن الموقف الدانماركي سيكون أكثر تحفظا ودفاعا عن إسرائيل في وجودها بحدود آمنة. لا بد للإشارة أن الموقف الشعبي الدنماركي واضح بدعمه للفلسطينيين، وهناك تناقض بين الحكومة الديمقراطية الاشتراكية التي تعتبر محافظة من ناحية سياساتها وبين موقف الشعب.
إن موقف الحكومة الدنماركية من ناحية إنسانية، هو تجميل للوجه القبيح لموقفها السياسي المتمثل بدعم كامل لإسرائيل مجاريةً بذلك سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك فإنها تتخفى خلف قرارات الاتحاد الأوروبي، وتبدي اهتمامها وسعيها اتجاه حل الدولتين، ولكنها تعترف بإسرائيل كدولة، ولا تعترف بدولة فلسطين. لذلك، هناك تناقض واضح وصريح بأن المملكة الدنماركية للأسف سياسيا منحازة للولايات المتحدة الأمريكية عموما ولإسرائيل خصوصا.
وفي الناحية الأخرى لدينا الموقف الشعبي الذي تمثل في المظاهرات الاحتجاجية المستمرة منذ بداية العدوان بالآلاف من جميع أطياف الشعب الدنماركي، حيث كان هذا تحوّلا دراماتيكيا في الرأي العام الدنماركي لما يحدث في غزة من إجرام وإبادة مستمرة أفضت إلى الآن لأكثر من 7000 شهيد من أطفال ونساء. فأن يخرج 40 ألف شخص في مظاهرات يومية هذا إن دل على شيء فهو يدل على الفجوة المفزعة بين الحكومة والشعب بالنسبة إلى ما يحصل في غزة خاصة في بلدٍ صغير بتعداد 5 ملايين تقريبا.
ما أبعاد ما أعلنه الجيش الدنماركي مؤخرا بخصوص حالة التعبئة لمساعدة الشرطة في نشاطها الأمني حول المواقع “اليهودية والإسرائيلية” في كوبنهاغن؟ وهل سيُتخذ مثل هذا الإجراء لحماية المواقع الإسلامية؟
نعم، الموقف الدنماركي واضح وصريح. أعطيك معلومة دقيقة. في اجتماع مع وزير العدل الجمعة الماضية، استدعى كل السفراء المعتمدين في الدنمارك، نحو 80 سفيرا من مختلف البلدان. قدّم وزير العدل موقفا واضحا بشأن حرق القرآن الكريم، أعلن فيه عن قانون سيمنع حرق الكتب المقدسة، وتم إقرار هذا القانون في مجلس النواب الدنماركي.
هذا كان ناجحا بالنسبة إلينا كمجلس سفراء عرب ومجلس السفراء الإسلاميين في فرض الضغوط على الحكومة الدنماركية خلال اجتماعات مع وزارة العدل ووزارة الخارجية. استطعنا أن نحقق هذا التشريع للحفاظ على عدم المساس بالقرآن الكريم. وفي الجانب الآخر، تحدث وزير العدل عن حماية المجتمع اليهودي في الدنمارك، وتأكيدا على حماية المؤسسات والأفراد اليهود، ولكن لم يُذكر أي شيء عن حماية الجاليات المسلمة الدنماركية، سواء كانوا عربا أو غير عرب، من التأثير الصهيوني.
النقاش الذي أجريته مع وزير العدل أظهر على نحو واضح استخدامه لمصطلح “المكيالين” في السياسة. هذا المصطلح يشير إلى تطبيق معايير مزدوجة، حيث يظهر موقف الحكومة الدانماركية الواضح بخصوص حماية اليهود دون إشارة صريحة إلى حماية العرب والفلسطينيين والمسلمين المُقيمين في الدنمارك.
:وزير الدفاع الدنماركي، بيتر هاملغارد، صرّح قبل أيام بأن النزاع في الشرق الأوسط أدّى إلى زيادة غير مقبولة على الإطلاق في معاداة السامية وانعدام الأمن بين اليهود في بلادنا.. ما تعقيبكم على تلك التصريحات؟
لا يوجد هنا تعريف للاسامية. يمكن لإسرائيل أن تقول أي اعتراض على الفكر الصهيوني يصبح لاسامي. أي اعتراض على عدم الاعتراف بالهولوكوست يصبح لاسامي. أي اعتراف لتنديد إسرائيل بما تحاول فعله في الضفة الغربية أو في غزة هو لاسامي. إذن، ما هي اللاسامية؟، يمكن لإسرائيل أن تقول لأي شخص ليس مدافعا عن إسرائيل أنه لاسامي.
اللاسامية هي الأفعال الإسرائيلية التي تمتد على مدى 75 عاما من الاحتلال البربري الهمجي. فماذا نتوقع الآن من دول العالم أن تقف مع إسرائيل بعد هذه المجازر؟، أي انتقاد لإسرائيل يُترجم إلى اللاسامية. فكيف نحصر اللاسامية؟، إسرائيل، بمواقفها السياسية والعسكرية تجاه الفلسطينيين، باتت واضحةً للمجتمع الدولي بتصرفاتها العنجهية وبتحدياتها إلى القانون الدولي والإنساني.
الكل يرى ما تفعله إسرائيل اليوم بالشعب الفلسطيني في غزة، ولكن على مدى 75 عاما لم تتحرك هذه الضمائر حتى شاهدوا على التلفاز ما تستخدمه إسرائيل من أفتك القذائف المُرسلة كهدايا عيد الميلاد لتجربتها على غزة والدعم السافر من أمريكا لإسرائيل باستعمال حق نقض الفيتو في الدفاع عن نفسها.
إذن، نرى أن هذه الحرب هي حرب على الشعب الفلسطيني بين أمريكا وإسرائيل. هم خطّطوا للحرب، ويديرونها سويا من عمليات تدمير لغزة بالصواريخ والطائرات والدبابات، ولكافة الأماكن والهياكل التنظيمية والسكنية والكنائس والمساجد والمدارس ومنشآت الأونروا، كلها مدنية بشكل واضح. تظهر أن لديهم الهدف المتمثل بالتخلص من كامل قطاع غزة ومحيه عن الخارطة وليس فقط التخلص من حركة حماس.
الهدف الاستراتيجي لأمريكا هو الحصول على احتياطيات النفط والغاز بالتنسيق مع إسرائيل في غزة، وغزة تعتبر ممرا آمنا لما يسمى “الممر الهندي” لاستغلال كل منطقة الشرق الأوسط والاستغناء عن استخدام قناة السويس وقناة باب المندب. هذا هو الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من كل هذه الحملة والعدوان على شعبنا.
فكانت حماس هي الفرصة التي أُعطيت لهم للقضاء على قطاع غزة، وإذا أرادت أمريكا للسلطة الفلسطينية أن تحكم غزة؛ فهذا لن يكون إلا بحل القضية الفلسطينية بحل مبدئي بإقامة دولة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية. وبصرف النظر عن مَن سيكون المسؤول عن هذه الدولة، فإن الغاز والممر الهندي سيكون بقبضة الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك، يجب أن لا نستغرب الصمت الأمريكي عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وهي المستفيد الأول من ذلك.
إلى أي مدى ترى أن هناك تباينا في مواقف الدول الإسكندنافية من دعم إسرائيل؟
إن موقف الدول الإسكندنافية لا يزال خجولا بالطبع، وهو نفس الشيء الذي نتحدث عنه في السويد والنرويج. هناك تفاوتا في الموقف بين الشعبي والرسمي، ولكن موقف النرويج يعتبر أفضل من السويد والدنمارك. ومع ذلك، قد تؤثر التغييرات في الحكومات على الموقف في بعض الدول الغربية في الاتحاد الأوروبي، خاصة مع العلاقات مع الولايات المتحدة والدور الذي تلعبه في الاتحاد الأوروبي.
إن الدول الاسكندنافية أصبحت قريبة من مواقف إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا ومساعيها للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي تعتبر دولا أساسية ومهمة في الاتحاد الأوروبي، ولكن ليس بالشكل الذي نتمناه. إن موقفها مازال تحت السيطرة الأمريكية ولن يخرجوا عن ذلك بشكل صريح، ولكن يبدو أن هناك تعاطفا أكثر من قِبل هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية، خاصة عند الحديث عن السويد التي اعترفت بدولة فلسطين.
يمكننا القول إن النرويج والسويد هما أكثر تقدما من الدنمارك في دعم القضية الفلسطينية، خاصة في مواقفهما خلال الحروب على قطاع غزة. ولكنهما لم يقوما بإدانة جرائم الاحتلال، بمعنى سحب السفير على سبيل المثال أو فرض عقوبات على الجانب الإسرائيلي.
تلتف هذه الدول وراء الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي، والضغط الأمريكي عليها في مواقفها، ولكن على الأقل تصوّت معنا في بعض الأحيان، ولا تصوّت بالسلب ضد القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالهدنة الإنسانية وإدخال المساعدات أو وقف إطلاق النار بشكل نهائي.
ما تقييمكم للموقف الغربي من العدوان على غزة؟ وهل سقطت القيم الغربية في ظل هذا العدوان غير المسبوق؟
موقف الغرب بشكل عام من الحرب على غزة يتغير بشكل بطيء وتدريجي، ولا يوجد تغيير دراماتيكي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. أصبح من الواضح أن هذا الشرخ يضع الحكومات الغربية في موقف محرج مع شعوبها، التي تتناقض مواقفها مع مواقف حكوماتها الرسمي المُعلن تجاه الحرب على غزة. ولذا، التغيير ممكن على المدى البعيد وليس في خضم الأحداث الجارية الآن.
نعم، سيكون هناك تغيير تدريجي، وستكون هناك محاسبة لهذه المواقف الغربية تجاه الحرب على غزة من قِبل الشعوب، حيث يتظاهر الآلاف والمئات منهم يوميا في شوارع العواصم الأوروبية. نتأمل أن يكون لهذا تأثير في المستقبل القريب على الانتخابات القادمة.
بالنسبة للأخلاق، فإن كل المعايير والقيم التي تتحدث عن حقوق الإنسان والقانون الإنساني قد سقطت. هذا القناع الزائف قد سقط بنتيجة ما يحدث في غزة، وحروبها والمواقف غير العادلة تجاه الحرب على غزة، بما في ذلك قتل الأطفال والنساء والمسنين. ونحن نشهد تكرارا لهذا المشهد المؤلم، وسيكون له تأثير على المجتمع الغربي المادي الذي لا يمتلك روحانيات، بل يفضل المصالح الاقتصادية على حساب حياة الشعوب واستغلالها بنمط إمبريالي جديد، يهدف إلى السيطرة على الاقتصاد والموارد التنموية بشكل عام والتجارة بشكل خاص. لا يوجد احترام للقانون الدولي ولا للقانون الإنساني. الحرب على غزة كشفت عن وجه هذا الاستعمار الإمبريالي الجديد في النظام العالمي الجديد، مما بات أمرا واضحا للعالم بأسره.
)كيف تقيم الدور الذي لعبته الدبلوماسية الفلسطينية منذ العدوان الإسرائيلي وحتى الآن؟الدبلوماسية الفلسطينية ما زالت تلعب دورا هاما جدا، وأقول ذلك بتوجيهات من الرئيس محمود عباس، ووزارة الخارجية الفلسطينية بقيادة الدكتور رياض المالكي. لقد قاموا بدور هام بوجودهم وحضورهم، وبكلماتهم في جميع المناسبات الدولية.
هناك نشاط كبير كان في المحافل الدولية والإقليمية، بحيث كان صوت الفلسطيني واضحا وصريحا في كافة وسائل الإعلام الغربية والعربية. وأعتقد أن هذا كان مهما جدا في رفع الوعي في جميع المجتمعات الدولية.
كيف انعكس الدعم الغربي غير المسبوق لإسرائيل على إفلاتها من العقاب؟
هناك بعض التغييرات بخصوص ما تحظى به إسرائيل من دعم غربي، ولكن هذه التغييرات تُعتبر طفيفة وتجميلية. ولا يزال لدى إسرائيل تحذيرات من قِبل حكومات أوروبا ودعما صريحا من الولايات المتحدة. وهناك خطوات صغيرة جدا في التغيير الفعلي. مازالت إسرائيل تتلقى دعما كبيرا من الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة، وتحاول تجنب العقوبات، عن طريق حق النقض الفيتو الأمريكي.
للأسف، حتى الآن، لم تتمكن المحكمة الجنائية الدولية من معاقبة إسرائيل عن جرائمها، وهذا أمر محزن جدا.
أخيرا، كيف استقبلت مشروع القانون الذي أقرّه البرلمان الدنماركي والخاص بتجرّيم حرق المصحف والكتب المقدسة في ظل الجهود التي قمتم بها بهذا الإطار؟
كانت النتيجة لكل هذه الجهود، الاجتماعات، والتنسيق، ورفع الوعي في الدنمارك ناجحة. وتضمنت هذه الجهود تعاون الدبلوماسيين المسلمين والعرب. وبصفتي عميدا لمجلس السفراء العرب، شهدت الجهود التي بذلها الدبلوماسيون في حل قضية حرق القرآن أمام السفارات الإسلامية والعربية.
كما أننا شهدنا كيف كانت الشرطة الدنماركية تحضر وتحمي هذا الفعل الذي كان يُمثل حرقا للمصحف. ومع كل هذه الجهود، استغرق الأمر وقتا طويلا وكان علينا التحلي بالصبر. ولا ننسى موقف وزراء الخارجية للدول العربية والإسلامية بالضغط على الحكومة الدنماركية لتشريع عدم حرق القرآن الكريم والكتب السماوية في البرلمان.
يجب أن لا يكون الحديث عن حرية الرأي والتعبير مبررا للإساءة إلى الكتب السماوية أو استفزاز الدول بحرق أعلامها.
كان هذا الموقف يعتبر خطا لأنه يسيئ إلى مليار ونصف مسلم حول العالم، بالإضافة أن الاستمرار به يُهدّد العلاقات الاقتصادية بين الدنمارك والدول العربية والإسلامية ستتأثر بشكل عميق جدا، وهذا ليس في مصلحة الدنمارك ووجودها في منطقة الشرق الأوسط.