مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية سبع بنات الجزء 2 “الأخير”
وفي ذلك الوقت كانت الأخوات قد ابتعدن كثيرا عن بيتها حتى وجدن صخرة كبيرة فجلسن فوقها خائفات من ثأر الغولة، فبدأن يطلبن من الصخرة بان تعلو بهن قائلات “علا علا بنا يحجار حنا يتامى صغار، علا علا بنا يحجار حنا يتامى صغار”، ويرددنها عدة مرات حتى علا بهن الحجر عاليا في السماء.
ولما وصلت إليهن الغولة وجدتهن عاليات فوق الصخرة، فطلبت منهن أن يصعدنها، فطلبن منها أن تجمع كومة كبيرة من الحطب وتشعل النار لكي يسخن ويدفئن أيديهن من شدة البرد، وبالتالي يتمكن من رفعها بكل سهولة، بعدما تربط نفسها بحبل متين وطويل وتمده اليهن لكي يشددنها، فلم يكن منها إلا أن تمتثل للأمر، لعلها تنتقم من أكل ولدها.
لكن مكر البنات كان أشد من مكرها، فبمجرد أن ربطت نفسها في الحبل، أخذن يشددنها حتى تقترب منهن فيسقطنها في النار المشتعلة المرة تلو الأخرى، وهي تصرخ وتبكي وتولول، وهن يحاولن إقناعها بأنها ثقيلة ويبررن لها سقوطها في النار إنما هو خارج عن طاقاتهن حتى احترقت وماتت.
بعد ذلك أخذت البنات تردد : “حنا حنا بنا احجار حنا يتامى صغار حنا حنا بنا احجار حنا يتامى صغار”، حتى أصبحت الصخرة العالية شبه مستوية مع سطح الأرض، فنزلن لتبدأ المتاعب الجديدة…
أخذت البنات يسرن حتى وجدن بئرا فشربن وغسلن أيديهن وأرجلهن و وجوههن ثم أتممن المسير، فلما ابتعدن تذكرت الأخت الصغيرة أنها نسيت دملجها الذي تركته لها أمها قبل أن تموت، فقررت أن تعود لأخذه، فلم توافق أخواتها لخوفهن عليها، لكنها أصرت على الرجوع لوحدها وقالت لهن: “انظرن إلى هذه الشجرة اذا اصفر ورقها وتساقط فاعلمن أنني لن أعود وإذا اخضرت وأزهرت فسوف أعود”.. انتظرت الأخوات طويلا دون جدوى، وتأكد لهن ذلك لما رأين الشجرة بدأت في الاصفرار، فحزن حزناً شديداً وبكين على فقدان أختهن، فبدأن المسير من جديد في اتجاه بيتهن… هذا ما كان من أمرهن
أما الأخت الصغيرة فلما وصلت إلى البئر وجدت رجل “سيدي الهداوي” يشرب منه فطلبت منه أن يمد لها دملجها وهي ترتعش، فقال لها : “اقتربي يا بنيتي لا تخافي”، فلما اقتربت اختطفها وخبأها في”مزودة”(المزودة تعني كيس أو محفضة) فكان يخرج للتسول وهو يحملها في مزوده ويخاطبها “ادوي ادوي ياامزيودتي ولا نضربك بزرواطتي” (يعني تكلمي وإلا ضربتك بالعصى) فترد عليه قائلة “حنا سبعة البنات ومطاردات ومطاردات خلانا بابا في غابة الزرزور” ..(يعني كنا سبع بنات تركنا والدنا في غابة الزرزور)
وهكذا حاله معها كل يوم…. وذات مرة ذهب إلى بلاد بعيدة للتسول حيث توجد أختها هناك والتي قد كبرت وتزوجت، وبينما سيدي الهداوي يجوب أزقة القرية سمعتها تردد قصتهن وعرفت انها شقيقتها الصغرى فبدأت تفكر كيف تعمل لإنقادها، ففكرت ودبرت وانتهت الى حيلة عظيمة، فقالت له: “أيها الرجل ألا تقدم لي خدمة رجاء؟”، فقال لها : “وفيما أخدمك؟”، قالت له إنني مشغولة بأعمال البيت وعلي أن آخذ الطعام إلى زوجي، فهلا أخذته إليه وتركت “المزيودة “عندي ارقبها لك حتى تعود ولك مني أجرة كبيرة تكفيك عن تسولك؟”.
فما كان منه إلا أن لبى الطلب على وجه السرعة، فقال: “نعم لالة بكل سرور”، واشترط عليها ان تعلق “المزودة” في الدخان حتى يعود، فقالت له : ” كما تريد”، فلما ذهب فتحتها لتجد بداخلها أختها فتعرفت عليها وعانقتها وألبستها ثيابا جديدة، ووضعت للرجل داخل “المزيودة” كلباً مسعورا وأفاعي وعقارب سامة، وعلقتها له في الدخان كما طلب، فلما عاد ناولته إياها وأعطته ما وعدته به.
فذهب الى حال سبيله وهو يخاطب “مزودته” “ادوي ادوي يا مزيودتي ولا نضربك بزروطتي” فلا تجيبه، فقال مع نفسه سوف أذهب الى الغابة وأقتل هذه الطفلة لأنها لم تعد تجيبني، وهكذا ذهب حتى وصل الى الغابة فلما فتح “المزيودة” خرج الكلب المسعور والأفاعي والعقارب، فعضضنه فتسمم ومات وهكذا كانت نهايته…
أما البنت الصغيرة فعاشت مع أختها في سلام وسعادة وهناء….
من قصص حكايا العالم. الاخر