مكتبة الأدب العربي و العالمي
# الحسناء_وغصن_الرمان_المسحور الجزء الثالث
ذهب إلى المسؤول عن الدار وقال له: «سيدي، أنا مجرد سكير ولست السلطان».
بعد هذا الاعتراف أطلق سراحه، ولم يعد يعتبر مجنوناً بعدها.
وكان أول ما خطر بباله حينئذ هو أن يذهب إلى بيته، لكن زوجته ما أن رأته حتى صاحت: «اغرب عن وجهي، أيها الفاسد.
أين كنت طوال هذا الوقت؟ لا شك أنك قد علمت بأن السلطان بنى لي منزلاً وخصص لي إعاشة فأقبلت تشاركني».
لم تسمح له المرأة بالدخول، لكن الوزير مر مصادفة وسمع المشاجرة، فذهب إليها
وقال:
«دعي زوجك يدخل وإلا أخذ كل شيء منك».
تعرفت على الوزير، فخذلتها شجاعتها وسمحت لزوجها بالدخول إلى البيت. فلندع هذين الزوجين في سلام، ولنعد إلى صاحبة بستان التفاح. فقد ولد لها بعد مدة ابن ولما شب، تذكرت توجيهات السلطان، فدعت ابنها وقالت له:
«لقد ترك لك أبوك هذه التميمة، وقال إن عليك حين تكبر أن تذهب إلى بلاده وتسأل عن أجورسوس وهيورسيس».
أخذ الولد التميمة واستعد للرحلة.
قابل في طريقه الفلاح فاستراح عنده قليلاً. وأثناء حديثهما أخبره الفلاح أن أجورسوس كان صديقه، ونصحه ألا يذهب بمفرده.
وافق الفتى أن يصطحب معه ابن الفلاح وارتحلا معاً.
وذات يوم وصلا إلى بئر وكان العطش قد نال منهما. قال ابن الفلاح: «سوف أدعك تنزل إلى البئر قبلي لتشرب وبعد ذلك ستنزلني أنت».
أنزل ولي العهد إلى البئر بمساعدة ابن الفلاح، لكنه بعد أن أطفأ ظمأه وكان على وشك أن يصعد، ناداه ابن الفلاح قائلاً:
«اقسم أنك ستقول إنني ابن اجورسوس وإنك ابن الفلاح، ثم عدني أيضاً أنك لن تكشف الحقيقة، وإلا بقيت حيث أنت».
ولما كان بلا معين، أقسم ولي العهد كما طلب منه ثم سحب إلى أعلى البئر .
سارا في طريقهما ووصلا بعد أسابيع إلى عاصمة مملكة السلطان.
تجولا في المدينة سائلين عن أجورسوس وهيورسيس، ولما وصل خبرهما إلى السلطان أمر باحضارهما إليه. أخذا إلى القصر ولما سأل السلطان عن أيهما ابنه أشار ولي العهد إلى الولد
الآخر وسمى نفسه باسم ابن الفلاح. فأخذ الأول إلى القصر كأمير وأعطي الأخير وظيفة في البلاط .
وذات مرة أبصر الأمير المزيف في الحلم درويشاً يقدم له الأميرة الحسناء ويناوله كأساً ليشرب أسماه كأس الحب.
ومنذ ذلك الحين صار رجلاً آخر. لا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يستريح.
لم يعد شيء يرضيه، فصار شاحباً ضعيفاً. ولم يفهم الأطباء والحكماء شيئاً عن مرضه حتى يصفوا له علاجاً.
وذات يوم، قال الأمير المزيف للسلطان: «أبي، الأطباء والحكماء لن يستطيعوا مساعدتي. إن حبي للأميرة الحسناء هو علتي».
انزعج السلطان من كلمات الشاب الغريبة وخاف من مبرره.
قال: «عليك ألا تفكر بها، إن هذا خطر ؛ حبها لن يجلب سوى الموت».
إلا أن الشاب ظل ينحف ويذوي وما عاد يجد متعة في حياته.
وكان السلطان يسأله باستمرار إن كان يرغب في أي شيء، فيجيبه بالإجابة ذاتها دون تغيير : «الأميرة الحسناء».
شعر الملك أن ابنه سيموت حتماً إن هو رفض أن يسمح له بالرحيل،وأنه بهذا سيكون سبب موته. ولما أوشك أن يوافق على رحيل ابنه مطمئناً أن الله الرحيم سيرأف به، قال له الأمير المزيف: «إني لا أرغب أنا نفسي بالذهاب، دعنا نرسل ابن الفلاح ليجلب الفتاة لي».
وفي الحال أرسل السلطان في طلب ابن الفلاح، وكلفه بالذهاب للبحث عن الأميرة الحسناء وإحضارها إلى الوطن لتصير زوجة لولي العهد.
غادر الفتى في اليوم التالي صاعداً جبلاً وهابطا وادياً، وقاطعاً السهول والوهاد بحثاً عن الأميرة الحسناء.
ووصل بعد مدة إلى شاطئ البحر حيث رأى سمكة صغيرة تتخبط في الرمل.
توسلت إليه تلك المخلوقة أن يعيدها إلى الماء ففعل، لكن السمكة قدمت له قبل ذلك ثلاثاً من فقراتها قائلة له: «حين تقع في ورطة أحرق
واحدة من هذه الفقرات».
قبل هبتها بامتنان ورمى السمكة إلى البحر ومضى في طريقه .
أن ولما وصل إلى سهل فسيح أبصر نملة توسلت إليه أن يساعدها لأنها كانت في طريقها إلى حفلة عرس وكانت تخشى تتأخر كثيراً على اللحاق برفيقاتها.
أخذ الفتى النملة وحملها إلى رفيقاتها. وقبل أن تستأذن مساعدها في الذهاب، قدمت له
النملة قطعة من جناحها قائلة: «حين تقع في ورطة أحرق هذه القطعة من جناحي».
من قصص حكايا العآلم الآخر