مكتبة الأدب العربي و العالمي
قصّة للأطفال، تناسب طلاب البستان وصف الأوّل والثاني(جيل الطفولة المبكّر). تأليف: روز اليوسف شعبان
الْأصْدِقاءُ السُّعداءُ / الدكتورة روز اليوسف شعبان
في قَرْيَةٍ جَميلَةٍ خَلْفَ التِّلالِ، عاشَ الأصْدِقاءُ سَلام بِلال وَوِجْدان، عاشُوا مَعْ عائِلاتِهِمْ في حُبٍّ وَسَلامٍ وَأَمانٍ.
كانَ الأَصْدِقاءُ يَذْهَبونَ مَعًا كُلَّ صَباحٍ، إِلى مَدْرَسَتِهِمْ بِفَرحٍ وَهَناءٍ ، وَبَعْدَ انْتِهاءِ الدَّوامِ، يَعودُونَ إِلى بُيوتِهِمِ الْمُتَجاوِرَةِ، في حَيٍّ يَعْلُو فيهِ الْبُنيانُ، وَتُثْمِرُ في حَديقَتِهِ أَزْهارُ اللّوزِ وَالرُمّانِ.
ذاتَ يَوْمٍ مِنْ أَيّامِ شَهْرِ تِشْرين ، اتّفَقَ الأَصْدِقاءُ أَنْ يَلْتَقوا مَعْ حَيَواناتِهِمْ، في حَديقَةِ بَيْتِ سَلام؛ لِيَلْعَبْوا بِالْكُرَةِ وَلِيَقْضُوا أَوْقاتًا مُمْتِعَةً مَعَ الْحَيواناتِ بَيْنَ أَزْهارِ الْفُلِّ وَالْياسَمينِ.
أَحْضَرَ بِلالُ كَلْبَهُ بابْلُو، وَأَحْضَرَتْ وِجْدانُ قَفَصًا فيهِ الْبَبَّغاءُ ياقوت، أَمَّا فيفي قِطَّةُ سَلام فَكانَتْ تَلْعَبُ في حَديقَةِ البَيْتِ بِأَمانٍ.
بَدَأَ الْأَطْفالُ يَتقاذَفُونَ الْكُرَةَ، وَحينَ كانَتْ تَسْقُطُ بَعيدًا كان بابْلُو يَهْرَعُ لِإِحْضارِها، فَيَضَعُها في فَمِهِ وَيَقْذِفُها إِلَى الْأَصْدِقاءِ، أَمَّا الْقِطَّةُ فيفي فَكانَتْ تُلاحِقُ الْفَراشَ بِمَرَحٍ، في حِين كانَتْ الْبَبَّغاءُ تُراقِبُ الْأَصْدِقاءَ وَتُكَرِّرُ ما يَقولُونَهُ: كُرَة، كُرَة، ارْمِها، ارْمِها ،هاتْ، هاتْ، هيَّا، هيَّا ،الْعَبْ، الْعَبْ …
وَفي غَمْرَةِ فَرَحِهِمْ أُطْلِقَتْ صافِراتُ الْإِنْذارِ، قَالَتْ سَلام: هَلْ تَسْمَعونَ؟ إِنَّها صافِراتُ اْلإِنْذارِ. نَعَمْ قَالَ بَلالُ يَبْدُو أَنَّها الْحَرْبُ، أَمَّا وِجْدان فَقَدِ انْفَجَرَتْ بِالْبُكاءِ: أَنا خائِفَةٌ! أَنا خائِفَةٌ!
فَتَحَتْ والِدَةُ سَلام بَابَ الْبَيْتِ وَنادَتِ الْأَصْدِقاءَ: تَعالَوْا! ادْخُلوا بِسُرْعَةٍ إِلى الْبَيْتِ، سَنَدْخُلُ جَميعًا إِلى الْغُرْفَةِ الْآمِنَةِ!
بَدَأَ الْكَلْبُ بابْلو يَنْبَحُ وَيَلْعَقُ شَفَتَهُ، وانْخَفَضَ ذَيْلُهُ بَيْنَ أَقْدامِهِ، أَمَّا الْقِطَّةُ فيفي فَهَرَعَتْ إِلى سَلام وَقَدْ تَكَوّرَتْ حَوْلَ نَفْسِها وَأَخْفَضَتْ رَأْسَها وَاخْتَبَأَتْ في حِضْنِها، وَأَمَّا الْبَبَّغاءُ فَأَخَذَتْ تَصيحُ: صافِراتُ إِنْذارٍ، صافِراتُ إِنْذارٍ، حَرْب، حَرْب، خائِفَة، خائِفَة..
هَرَعَ الْأَصْدِقاءُ مَعْ حَيَواناتِهِم إِلى الْغُرْفَةِ الْآمِنَةِ، في بَيْتِ سَلام، وَقَامَتْ أُمُّ سَلام بِالْاتِّصَالِ بِأَهْلِ بِلالٍ وَوِجْدان لِطَمْأَنَتِهِمْ، في حين بَقِيَتْ وِجْدان تَبْكي؛ فَحَضَنَتْها والِدَةُ سَلام؛ مُحاوِلَةً التَّخْفيفَ مِنْ رَوْعِها.
حَضَنَتْ سَلامُ قِطَّتَها فيفي وَدَاعَبَتْ جِسْمَها، والْقِطَّةُ تَرْقُدُ في حِضْنِها بِأَمانٍ، أَمَّا الْكَلْبُ بابْلُو فَقَدْ رَبَضَ بِجانِبِ صَديقِهِ بِلال واضِعًا يَدَيْهِ في حِجْرِهِ، وَبِلال يُداعِبُهُ بِحُبٍّ وَدَلالٍ، وَبَقِيَتْ الْبَبَّغاءُ في قَفَصِها تَصيحُ: حَرْب، حَرْب، خائِفَة، خائِفَة..
سَأَلَ الْأَصْدِقاءُ والِدَيَّ سلام: مَتَى سَتَنْتَهي الْحَرْبُ؟
قالَ والِدُ سَلام: قَريبًا بِمَشيئةِ اللهِ! اطْمَئِنوا ! أَنْتُمْ بِأَمانٍ.
قَالَتْ والِدَةُ سَلام: مِنَ الْمُهِمِّ الدُّخولُ سَريعًا إِلى الْغُرَفِ الْآمِنَةِ عِنْدَ سَماعِ صافِراتِ اْلِإنْذارِ يا أَحْبابي، وَأَنْصَحُكُمْ بِأَخْذِ قِصَّةٍ مُمْتِعَةٍ أَوْ لُعْبَةٍ مُمْتِعَةٍ، لِتَتَسَلُّوا بِها خِلالَ مُكوثِكُم في الْغُرْفَةِ الْآمِنَةِ. ما رَأْيُكُمْ أَنْ أَحْكي لَكُمْ قِصَّةً؟
نَعَمْ قَالَ الْأَصْدِقاءُ.
بَدَأَتِ الْأُمُّ تَحْكي لِلْأَصْدِقاءِ قِصَّةَ جْبينَة، وَالْأَطْفالُ يُصْغونَ بِاهْتِمامٍ.
بَعْدَ دَقائِقَ سُمِحَ لِلسُّكَّانِ بالْخُروجِ مِنَ الْغُرَفِ الْآمِنَةِ. شَكَرَ بَلالُ وَوِجْدانُ أَهْلَ سلام، أَخَذا مَعَهُما الْكَلْبَ وَالْبَبَّغاءَ، وَعادوا جَميعًا إِلى بِيُوتِهِمْ، وَهُمْ يَضْرَعونَ إِلى اللهِ، أَنْ تَنْتَهِيَ الْحَرْبُ وَيَعيشَ الْجَميعُ بِأَمْنٍ وَسَلامٍ.