الرئيسيةمقالات

٩ آب إلى ” محمود درويش “

إنني أسند موسيقاي إلى جداريّة روحك العالية أبداً . أسند جبيني الى راحة يدي المكسورة وأَسْتَمِع الى الغنائيّة التي انتهيت من تسجيلها . علّ الموسيقى تنقذني من سطوة غيابك ومن الألم الصادح الذي يعاودني مساءً من جرّاء السقطة على درج ساحة Trinità في مدينة Polignano a Mare بالجنوب الايطالي قبل ساعات من الاحتفال بازاحة الستارة عن لوحة تذكارية لك .
أستعيد في ” الجداريّة ” والتي عصرتني طوال سنتين الحوار بين ال ” أنا ” وال ” أنا ” أسترجع أصوات وتريّات الجداريّة في السَير على البحيرة وعلى دروب القوافل . صدى هوائيّات حواراتها وحَميم بوح إناثها . رَجْعُ نحاسيّات مشاهد التاريخ من الاغريق إلى الفراعنة إلى خُوَذْ جيوش الملاحم والموت الآلة الجهيرة الحاضرة ، ولو على حدود الصمت ، تتهكّم كلّما تردّد هديل أنثى اليمام . اغمض عينيّ فيصبح أنكيدو آلة تنساب ما بين نهرين ، وابن السجّان وطيف أبيه آلتين على ال ” Unisson ” مع أوكتاڤ بين الآلتين .
خوفي من صهيل الحصان الذي طارت حذوته على مقربة من الميناء وانكساري لدى نموّ الزهر الفوضويّ اللون في آخر الرؤيا .
صمت مئة وخمسة وسبعين آلة وصوت بشريّ ترافق صمتي العميق كلّما أشرفت على حافة الحفرة في نهاية الاعتراف .
” أنا لست لي ”
أنا صوت وحيد بعدما غادر الموسيقيون المكان وأُسدلت الستارة على المسرح .
انتظر يا صديقي ١٣ آذار يوم مولدك لأطلق الجداريّة المرثيّة الحقيقيّة الأبديّة .
ما الذي يبقى في عتمة الأيام غير الشعر والموسيقى . .
لا شيء أبقى من الجداريّة في القلب . قد يذهب الماضي والحاضر والمستقبل لكن الجداريّة تخطف كل ذلك وتزّف الزمن في موكب المعنى والصُوَرْ .
لقد اخترت أن أشرب كأس الجداريّة حتّى الثمالة في هزيمة الوجود أستعيد الدهشة الأولى وأعود الى البسيط البسيط من الانغام لرندحات بعيدة . ولماذا يحتاج هذا البسيط إلى خارق ومعجزة كيّ يتحقّق ؟ ألأنّ الطفولة التي كبرت في الغياب تدلّنا على أن الموسيقى والقصيدة مهما كبرت واتسعت ، تبقى في حاجة عضويّة ونفسيّة إلى حليبها الاول !
النص مفتوح على البداية والنهاية .
ما البداية وما النهاية ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق