نشاطات

*العُجب مرض فتاك فهلا تخلين عنه*

*العُجب مرض فتاك فهلا تخلين عنه*

بقلم / عبد العزيز بن محمد أبو عباة

إن العُجب من الامراض الفتاكة والخطيرة التي تصيب كثيراً من الناس في مقتل فتجدهم يلهثون وراء شكر الناس لهم، والثناء عليهم ويبذلون اوقاتهم كلها في إرضاء أنفسهم المريضة بما لا يستحقون، فإن التكبر والغرور واستصغار الناس وعدم معرفة منازلهم وجحد حقوقهم تظل سمة ملازمة لهم.
والعجب كما عرفه البعض بأنه: الزهو بالنفس، واستعظام الأعمال وان كانت صغيرة والركون إليها ، وإضافتها إلى النفس مع نسيان إضافتها إلى المُنعم سبحانه وتعالى ، وكثير ما تجده يعتز بنفسه ويذكر بطولات ومعارف ، ولكن حين الاختبار يسقط من أول وهلة، فهو يتكلم عن القيم والأخلاق ولا يأتيه ، ويتكلم عن الصنعة والعلوم الإنسانية ولكنه زاهد في تعليم غيره ، ويستصغر المقامات السامية ويخفى سوءته التي كلها عيوب ، فأمثال هؤلاء من الصعب ترويضهم ولكن يجب التعامل معهم بحذر.
ومن مظاهر العجب : الغمز واللمز ، وعدم استشارة العقلاء والفضلاء، والاختيال في المشي، والتفاخر بالعلم والمباهاة به، والتفاخر بالحسب والنسب وجمال الخِلقة، والتعمد في مخالفة الناس ترفعاً وتكبراً ، والتصدي للقضايا الكبرى من غير مؤهلات ،
ومن مساوي العجب كما قال الماوردي أنه يخفي المحاسن، ويظهر المساوئ، ويكسب المذام ، ويصد عن الفضائل .. وليس إلى ما يكسبه الكبر من المقت حد، ولا إلى ما ينتهي إليه العجب من الجهل غاية، حتى إنه ليطفئ من المحاسن ما انتشر، ويسلب من الفضائل ما اشتهر ، وناهيك بسيئة تحبط كل حسنة ، وبمذمة تهدم كل فضيلة ، مع ما يثيره من حنق
ومن أخطر أنواع العجب أن يعجب المرء برأيه ويحاول أن يفرضه على الاخرين من دون احترام لآرائهم، وقد يسفه أفكارهم وينعتهم بنعوت النقص وعدم المعرفة بسبب نظرته الدونية لهم، ولكن ما أدرك أن فهمه قد يكون خطأ وفهم غيره أكثر صواباً وبخاصة إذا كان هناك اجماعا حوله، ومثل هؤلاء يجب في النقاش أن يُستمع إلى آرائهم ولكن لا يؤخذ بها إن لم تكن وأن كانت في قالب يتسم بحلاوة وعذوبه الكلام وتكلف في البيان، وهو يحرك شفتيه ويداعبها بأطراف أصابعه، فإعجاب المرء برأيه دائما يكون مجافياً للصواب كما قال على بن أبي طالب “الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب”.
فهكذا يعد العجب مرضاً فتاكاً إذا لم يتم معالجته فإنه بلا شك سيفرق بين أفراد المجتمع ويذرع الكراهية والحقد بينهم ، وفي تصوري أن أفضل علاج لهذا العجب ما قاله أحد الشعراء في ذم العجب:
عجبت من مُعجبٍ بصورته وكان بالأمس نطفةً مَذِرة
وفي غدٍ بعد حُسْنِ صورته يصير في اللحد جيفة قذرة
وهـو على تِيهه ونَخْوَته ما بين ثوبيه يحمل العذرة
فلعل بذكر هذه الابيات يكون علاج العُجب فهل يلتزم بها أهل العُجب فيعودوا إلى رشدهم ام يستمروا في غيهم فيخسروا دينهم ودنياهم كما في الحديث : (ثلاث مهلكات: شحٌّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق