اقلام حرة

الحاجة روحية – بقلم محمد جبر الريفي

صار الحلم حقيقة وأصبح يقال لروحية الحاجة روحية بعد العودة من الديار الحجازية جلست الحاجة روحية في غرفة الضيوف بين النسوة بلباسها الأبيض وسرعان ما أصبحت مطوقة بالأسئلة :كيف كان موسم الحج هذا العام ؟متى ذهبت إلى المدينة المنورة؟ أصحيح أن المعاملة في مطار القاهرة ومعبر رفح البري كانت صعبة ؟ وعند ذكر معبر رفح يبدو على وجهها علامات الضيق،هي تعرف من المسافرين أن معبر رفح يميز نفسه عن الأماكن الأخرى ، عن كل المعابر الحدودية بين الدول في العالم لانه يفتح لأيام فيتدفق الناس إليه فرحين ، ينسون القصف والموت وينتصرون على الحصار .. في صباح اليوم التالي للعودة من أداء فريضة الحج وكانت أشعة الشمس المشرقة قد أطلت مبكرة لتنذر بيوم حار رطب جلست الحاجة روحية تحت شجرة التوت الكبيرة في ساحة البيت تستظل بأوراقها الخضراء المتهدلة ، هي دائما ترتاح مرتخية تحتها وتصبح في حالة من اليقظة وتتمنى في تلك اللحظة لو تستطيع السير على قدميها لتخرج إلى الطريق لتتجه شرقا إلى مدينة بئر السبع بلدها الأصلي ..تتخيل وهي في حالة من اليقظة صورة هذا الطريق الطويل يوم كانت تأتي منه قوافل الإبل محملة بأنواع الغلال إلى القرية اما الان فالدبابات الإسرائيلية تتقدم منه ،سألت ابنها خالد الذي جاء داخلا من باب البيت قلقا : أصحيح أن الدبابات الإسرائيلية تحتشد عن الحدود قريبا من هنا ؟فقال خالد وهو لا يتصور أن أمه قد أصبحت إلى هذا الحد في حالة من اليقظة بحيث تشغل نفسها بعد يوم من العودة من موسم الحج بما تسمعه من الأخبار عما يجري على الحدود الشرقية : ألم تسمعي يا حاجة أن الحرب على غزة أصبحت محتملة بسبب مسيرات العودة والطائرات الورقية والبالونات الحارقة ؟فأجابت بهدوء سمعت بذلك يا خالد ..كلهم هنا في القرية يقولون ذلك ولكنه يا ولدي هي حرب مثل كل حرب وعند ذلك تذكرت الحاجة روحية زوجها الذي استشهد في العدوان الثلاثي على قطاع غزة ومصر الشقيقة عام 56 من القرن الماضي وكانت في تلك الأيام امرأة صغيرة وحبلى بخالد ومنذ ذلك الوقت لم تتزوج ..لم تصبح زوجة لرجل آخر ..ظلت تسكن في هذا البيت في هذه القرية القريبة من الحدود ولم تغادره إلى مكان آخر …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق