مكتبة الأدب العربي و العالمي

وفاء قصة حزينة

وفاء…
حاكم من حكماء اليونان القديمة كان يحب زوجته حبا ملك عليه قلبه وعقله, ومن شدة تعلقه بها كان يخشى بعد موته أن تعشق غيره ,وكان كلما أظهرها على سره وشكى إليها ما يساور قلبه من ذلك الهم حنت عليه وأقسمت له بكل الأيمان بأنها لا تحب وﻻ تتزوج بعد موته، فكان يسكن إلى ذلك الوعد سكون الجرح تحت الماء البارد ثم لا يلبث أن تعود اليه هواجسه.

وفي ليلة من الليالي وبينما كان يمر بالقرب من مقبرة المدينة لمح امرأه تجلس بجانب قبر لم يجف ترابه بعد , وبيدها مروحة تحركها يمينا ويسارا لتجفف بها بلل ذلك التراب !! فعجب لشأنها وسألها ماذا تفعل ؟؟
فأجابته أن هذا المدفون يكون زوجها وأنها أقسمت له بأنها لن تتزوج حتى يجف قبره وأنها مستعجلة كي يجف القبر بسبب وجود عريس ينتظرها !!!
ومن ثم أعطته المروحة هدية بعد أن عرفت أنه الحاكم وأخذها في وقت ذهول منه حتى عاد إلى منزله ورأته زوجته وهو مذهول وبيده المروحة فسألته وقص لها القصة فأخذت منه المروحة وكسرتها وما زالت تلعن وتشتم تلك المرأة وتشرح له بأن النساء لسن كبعض وأنها هي امرأة نادرة في النساء والوفاء .ثم سألته هل مازلت تخاف أن أتزوج من بعدك ؟
فقال نعم . فأقسمت له مجددا أنها لن تفعلها .
مضى على ذلك عام ,ثم مرض الحاكم مرضا شديدا ,حتى أشرف على الموت، فدعا زوجته إليه وذكرها بما عاهدته عليه فأعادت العهد . فما غربت شمس ذلك اليوم حتى توفي الحاكم, فأمرت زوجته أن يبقى في قصره حتى اليوم التالي لحضور الناس وإقامة جنازة تليق به ,ثم خلت بنفسها في غرفتها تبكي بكاء شديدا، وبينما هي كذلك إذ دخلت عليها الخادمة وأخبرتها أن رجل من تلاميذ الحاكم بالباب يريد أن يزور الحاكم إذ سمع أنه مريض ,فلما علم بوفاة الحاكم خر صريعا ولا يزال مغمى عليه عند باب القصر ولا تدري ما تفعل به , فأمرت الخادمة أن تدخله غرفة الضيوف وتتولى شأنه حتى يفيق .

فلما انتصف الليل دخلت عليها الخادمة مرة أخرى مذعورة وهي تقول … سيدتي أظن أن ضيفنا يفارق الحياة ولا أدري ماذا أفعل . فأهمها الأمر وذهبت إلى غرفة الضيف فرأته على السرير والمصباح عند رأسه , وحينما اقتربت منه رأت أجمل شاب على وجه البسيطة حتى خُيل إليها أن المصباح ينير من وجهه ,وحتى أنينه كان كأنه نغمات موسيقيه حزينة .

فسألته عن حاله فأجابها بأنه يرى الموت قريبا منه فقالت له أنا فقدت زوجي وأنت فقدت حاكمك الذي تحبه فهل تكون لي عونا وأكون لك عونا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق