أخبارمحلية

هذا واحد على الف من معاناة اسيراتنا المناضلات فك الله اسركم

#في يومي الأوّل في سجن الرملة ، انتزعوا الدّبابيس التي أثبّت بها حجابي ، وبعد رجوعي من محكمتي الأولى أخبروني أن معاصم يديّ ممنوعة في السجن بحجّة أنّها زيادةٌ عن اللباس ، أخذتها منّي السجّانة وألقتها في سلّة القمامة القريبة ،
استطعت أن أتجاوز أمر المعاصم؛ إذ أن أكمام جلبابي كانت ضيّقة ممّا يغنيني عن المعاصم …

#وذات ليلة بينما كنت عائدة لزنزانتي بعد يومٍ طويلٍ في البوسطة ، ولم أكد أغمض أجفاني ، حتّى تمّ استدعائي للتحقيق ، جهزّت نفسي وكنت قد غسلت جواربي ،فلبستها مبتلّة ، ولما قيّدت السجّانة قدميّ قالت لي عند عودتك ستخلعين جواربك !!
#عدت من التحقيق بعد الواحدة ليلاً والسجانة تنتظرني ، أخذت جواربي ورمتهما في سلّة القمامة …
#مرّت عشرة أيّام على الاعتقال ،

وأنا في زنزانتي معزولةً عن الجميع ، بين صلاتي وقرآني ودعائي ومناجاتي وبكائي لله عزّ وجلّ بأن يرفع هذه المحنة …
#كنت مثالاً للهدوء والاتزّان في السّجن ، بينما كان يعجّ قسم العزل بالصراخ والشتائم والجنون …

#خرجت لمحكمتي الخامسة ، وعندما عدت للسجن ، ناداني مسؤول السجن ، وأخبرني من اليوم فصاعداً يُمنع عليك ارتداء الحجاب والجلباب داخل القسم !!
#لم أعرف حينها بأيّ لغةٍ أخاطبه لأفهمه أنّ ذلك غير معقولٍ أبدا ،فلم تسعفني أي كلمة ، وأنا القوية دوما ، أنا التي لا أبكي أمام سجّاني حتى لا يشمت بي ، وحتى لا ينتشي بقوته !!

#مع ذلك كلّه لم أتمالك دموعي ذلك اليوم ، بكيت أمامه بحرقة ، لا يمكنني أن أفعل ذلك ، ولن تفعل أنت !!
أوصلني إلى باب القسم ، وأمر السجّانة أن تنزع حجابي فنزعته !!
وطلب منّي أن أخلع جلبابي وإلّا خلعوه بالقوة !!
#فاضطررت لخلعه أمامهما
أدخلوني زنزانتي أجرّ أذيال قهري ، فانفجرت باكيةً لا أقوى على شيء ، حاولتُ ضبط دموعي ، والله كانت تسيل رغماً عنّي !!
#أنا التي بلغتُ الأربعين ولم أخلع حجابي مذ كنت في السابعة !!
#ولم يرني أيّ أجنبي دون جلبابي مذ كنت في الخامسة عشرة !!
واليوم يراني الأنجاس وأراذل الخلق بلا حجاب أو جلباب !!

#بكيت كما لم أبكِ من قبل ، صرخت ، كبّرت ، ناديتُ المعتصم وصلاح الدين ، قلت واربّاه ، واغوثاه واإسلاماه وامعتصماااه !!
لم تجبني سوى جدران الزنزانة بصدى الصوت …
#بكيت ما يقارب الساعتين ، صليت يومها بلا حجاب أو جلباب ودعوت الله أن يلقيَ عليّ النّوم حتى لا ينفطر قلبي من البكاء ، فنمت حتى الفجر ، ليدخل عدد من السجانين للعدد ، وليعود البكاء وأنا أخبئ رأسي بين يديّ …

#ولما جاء الظهر ، دخل سجانون ذكور لتفتيش الزنزانة ؛ فانفجرت باكية مجددا ، حاولت إقناعهم بأنّ حجابي وجلبابي هما جزء منّي ، وانتزاعهما كما انتزاع جلدي وسلخه ، ولا تصح صلاتي بدونه ، ولا يجوز أن يراني الرجال بدونه ..

#يومها نقلوني من زنزانتي لأخرى ، ولا أعلم السبب ، ظننت أنّها أفضل حالاً ، ولمّا صرت فيها ، وجدتها مترين بمترين ، ومياه المرحاض تسيل على ارضيتها ، فقلت أتفقد الفراش ،فرفعت “الفرشة” لأجد تحتها الصدأ والماء وصراصير ميتة ، فقلت أتفقد المرحاض ، فإذا به يمتلأ بالفضلات والأوساخ ومناديل ورقيه ، فقلت أفتح مضخة المرحاض حتى يبتلع ما فيه من القرف والنجس ، يبدو أنه ابتلع ، ولكن بقيت مضخة المرحاض مفتوحة طوال الليل ، بصوت يصرع المتواجد في الزنزانة …

وكامرتين ترصدان مكان النوم والمرحاض وباب الحمام زجاجي شفاف منخفض يصف ما خلفه ، والزنزانة مقابل غرفة السجانة وكل داخل وخارج يتفقد من السجانين يتفقد الوافد الجديد في هذه الزنزانة القذرة ..

#لم يكن حماما في زنزانة ؛ بل زنزانة في حمّام …
*توضأت لأصلي العشاء ، صليت بلا حجابي وجلبابي وبلا سجود لأنّ الأرض نجسة ..
وفي اليوم التالي ، عند الخامسة فجراً أعطوني حجابي وجلبابي لاخرج بهما إلى المحكمة …

#وصلت المحكمة منهكة من السفر والبكاء المتواصل ، ومن السهر الإجباري بسبب صوت مياه المرحاض ، فبدوتُ شاحبةً حزينة كئيبة على غير العادة ..
في الصورة ؛ كنت أبثّ للمحامي كيف انتزعوا حجابي وأجبروني على خلع جلبابي ؛ وعن وضع الزنزانة الجديدة وقذارتها ؛ وكيف أنّه للمرة الأولى في حياتي يراني الرجاال بلا لباسي المستور وأنّني صليت دون سجود ولا لباسٍ ساتر …

#يومها اجتمع قهر الدنيا كلّه في ملامح وجهي وتعابيره ….
*ولمّا ترافع عنّي المحامي ، ووصف لهم ما يحدث لي في السجن ، وانتزاعهم حجابي وجلبابي ، أصيب الحاضرون بالوجوم والقهر!!
#ونجح المحامي باستصدار أمرٍ من المحكمة بعدم انتزاعهما منّي وإعادتي لزنزانتي الأولى ..
#عدت من محكمتي ليعاودوا قهري وانتزاع جلدي مرة أخرى ووضعي في مسلخهم القذر ..

#لكنّي قررت أن أنتزع حقّي ولو بأسناني ، فقمت بالصراخ والتكبير لأربع ساعات ، حتى جاؤوني بمدير السجن ، واريته قرار المحكمة ، فاضطر للالتزام به .
انا خديجة خويص المرابطة في الاقصى

هذه القصة يجب ان تصبح فلم
لقد كان لى الشرف بان تناولت انا و زميلاتى قصة ثلاث اسيرات فى اول فلم لنا اسمه ” زرد السلاسل “. عام 2007

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق