الرئيسيةمكتبة الأدب العربي و العالمي

من الصبح دق باب البيت ..بقلم : عائشة الخواجا الرازم

دق باب البيت من الصبح وكان زوجي يحتسي فنجان القهوة على آخر تنويسة في الأسطوانة … و على شرفة المنزل يتشمس من وراء زجاجها ونحن بحمد الله نمتلك زجاجا للشرفة وزجاجا للنوافذ وبعض زجاج للمرايا …ونعرف ونرى من شرفة بيتنا هذه بيوت الحي المجاور المغطاة بالصفيح وبعض شوادر سميكة تتلاطم مع الريح !
دق باب البيت … من الصبح .واحنا والهوا جيران ..
فأسرعت اتسربل باليانس وأتوجه للعين السحرية لأخرج فورا وأفتح الباب …
عرفت منجي جابي شركة الكهرباء فأرسلت له التحية وقلت : على طول هلأ بحكي لأبو حسين يفتح باب بيت الدرج …تفضل !
نزل الجابي منجي… وأخبرت زوجي بمقدمه فنزل ليستقبله عند بيت الدرج …
فورا وضعت دلة القهوة على رأس الغاز لأحضر القهوة لمنجي حيث اعتاد زوجي أن يستقبله في غرفة الضيوف ويشربان القهوة ويدردشان قليلا …
ضعفت النار تحت الدلة فعرفت أن الأسطوانة خلصت نهائي ..ففتحت خزانة الأسطوانة ومددت الأسطوانةعلى بطنها لتلحيس آخر سيرنج غاز لاصق في بطنها …
ناست قليلا ثم اختفت شعلة الراس …
همست في نفسي : هلأ بطلع أبو حسين ومنجي … ولسه القهوة مش جاهزة …طلع أبو حسين بدون منجي…قلت : وين منجي ؟
قال : مستعجل عنده كثير بيوت لازم يفرطها معاهم !
قلت : شو يعني يفرطها ؟
قال وهو يضحك : علمك قديم …الجيران بدأوا يسكروا البيوت وما يفتحوا للجابي … ويضطر يزور البيت عدة مرات بدون فايدة !! قلت : أحسن …هيك برتاحوا من الفواتير …
قال : لا… هو بعد عدة زيارات مضطر يحط فواتير تقديرية … يعني مش جايبة راس مالها …
قلت واحنا شو فواتيرنا ؟
قال وهو يقلب فاتورة العمارة فاتورة دار حسين وفاتورة الشقة البستان وفاتورة البيت اللي احنا فيه وفاتورة شقة بنتي وفاتورة المرسم اللي برسم فيه ( نفس البيت ) …قال : كارثة …
قلت : خير أكتر من الشهر الماضي ؟
قال وهو يهز رأسه بألم : يعني شهر مسافرين خارج البيت والبلد … لا كهربا ولا مرحبا … كيف ضربها القرد وطلعت مثل الشهر الماضي ؟
قلت : مع أنها مش تقديرية … ومنجي ما شرب القهوة …
قال : هلأ بيرجع من عند الجيران ويشرب القهوة …
قلت : خلص الغاز ..
راح أبو حسين يخض جرات الغاز الأربعة في بيت الدرج … كلهن فاضيات …
رجع قال : كله فاضي …
فجأة طلعت كنتي بتحكي : خالتو انقطعت المي علينا فجأة …قلت : اطلع يا أبو حسين شوف شو مال الخزانات …قال : بدنا فنجان قهوة لمنجي …لما يرجع …دبري حالك …سألت كنتي : يا خالتو اغلي لي بكرج هالقهوة عندكو …
قالت وهي تتلمس حولها : والله يا خالتو جاية كمان أحكي لعمو يركب النا أسطوانة من هدول …ضحكت : شفتي الأربعة يوك …!
طلع أبو حسين يشوف المي ليش خالصة على السطح ونزل : غريب الظاهر مش جاية الميه مع الشتوة الأخيرة فانقطعت …
فجأة دق باب البيت …عرفت إنه منجي …تفضل يا منجي فنجانك …قال : ممتاز …دار أبو ناصر فتحوا لي بسرعة كالعادة غير عن البيوت الثانية وعزموني على قهوة ولما قعدت عشان خاطر أخوي أبو ناصر طلع خالص الغاز عندهم …فقلت يالله بركه يا جامع … قال : وجيت اوفي بوعدي بشرب القهوة مع الكابتن …
بلعت ريقي وقلت : يا أهلا وسهلا …
دخلت المطبخ بينما كظم أبو حسين مشاعره وجلسا ورحت أنا : حطيت السلم وطلعت على السدة ونزلت البابور المخبى من زمان في كرتونته بنفرجيه للأولاد كل فترة بنذكرهم وبنهددهم في يوم في شهر في سنة تيجي حكومة وتلقي بنا …بس ما بيفهموها …
نزلت البابور …وقلت يا رب عبيه كاز … يا رب عبيه كاز …
دقيت البابور … نفض من العين دمعتين …ولعت … حمي …غليت القهوات … وأنا رافعة الراس بفخر واعتزاز …اشرأب عنقي بالدمع المسفوح وأنا أنظر إلى الحي القريب من بيتنا وأهمية لنفسي : يا رب …إذا كان حالنا واحنا عندنا بلكونة وشرفة واربع أسطوانات وبيت درج وعدادات كهربا…وأسطواناتنا فارغة والمية مقطوعة تحت المطر …إذن شحال الناس هذول والجيران اللي عايشين تحت الشوادر!!!
سمعت منجي بحكي : خلص والله لأترك هالشغلة … الوضع زينون والناس مسخمة واليوم أبو فتحي فتح الباب وقال : بطلنا الكهربا … من أسبوعين نزلنا القاطع … والضو على اللامظة واللوكس والمكواة على البابور … !! قال سمعت هالكلام وفليت …
ومن الصبح دق باب البيت …!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق