ثقافه وفكر حر

وداع / اسماء الياس

 

كلمات لم نكن نسمعها، لكننا تعودنا عليها، فأصبحت نهج حياتنا، ربما لأن الظروف هي الأقوى.. أجبرتنا أن نتعود على وضع لم نتخيله ولا بالأحلام. أمّا الطفل وسيم فلم يكن يعي.. ما معنى حجر صحي، ما معنى أن لا أخرج للعب مع أقراني؟ والدته فايزة أخبرته مدى صعوبة الوضع، وشرحت له بالشكل المبسط.

– يوجد مرض اسمه كورونا.. وهو خطير جدا، لذلك وجب الجلوس في البيت.

– لكن هذا طفل يريد زيارة جدّه واللعب مع أبناء عمومته.

– لماذا لا تسمحين يا والدتي، أريد الخروج والركض في الساحة. اللعب بالتراب.. التنزه بالطبيعة.. لكن كل شيء ممنوع.

أخذته والدته من يده، أمسكت الهاتف بيدها وقالت له:

– الآن سوف ترى جدّك وجدّتك.. ما رأيك؟

قفز وسيم فرحا وقال لوالدته:

– هيّا يا أمّي.

تكلمت الجدّة مع الحفيد.. فرحت جدا لدى رؤية الحفيد الغالي. جاء الجد متلهفاً لرؤية الحفيد الذي اشتاق لشقاوته.. وضحكته التي كانت تضج بها حيطان البيت، تكلم جدّه وقال:

– لا تخف يا ولدي، قريباً سوف يفك أسر البشر.. وسوف تعود الحياة لطبيعتها.. وستعود لمدرستك.. وتلعب مع أقرانك.

– جدّي حبيبي أحبك كثيرا.

ابتسم الجدّ لكن دموعه انهمرت على وجهه، ابتعد حتى لا يرى الحفيد دموعه.

لم يتخيل وسيم أنه سيفقد جده. ذات يوم استيقظ وسيم من نومه على أصوات غير مألوفة، بحث عن والدته التي ارتدت ملابس سوداء، والدموع تترقرق في عينيها، سأل وسيم بوجه حزين.. كأن قلبه دليله:

– هل أصاب جدي مكروه؟

هنا لم تعد فايزة تستطيع التحكم بأعصابها. وأخبرت وسيم بأن جدّه مات متأثرا جراء إصابته بفيروس كورونا، بكى وسيم بمرارة، وواصل البكاء لأنّه لم يستطع وداع جدّه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق