مقالات

ستون عاماً…مدرسة بنات جلبون الثانوية: (1959/1960م – 2019/2020م)

كتب الاستاذ عزت أبوالرب

على بساطِ العزمِ والبذل، تحقق ما سعى إليه محبو العلمِ في قريتنا، والمؤمنون به أساساً للنهوض بالفتاةِ وتربية الأجيال، بموافقة وزارة التربية والتعليم الأردنية على استحداث مدرسة للبنات، تعهدتْ الأهالي بتوفير مكانٍ لها على نفقتهم الخاصة.
ففي الرابع عشر من تشرين الأول من العام ألف وتسعمئة وتسعةٍ وخمسين ميلادية، أشرقت شمسُ جلبونَ على قدومِ معلمةِ البناتِ الأولى في تأريخِ مدرستِهم الوليدة، مريم سعيد يعاقبة من عرابة. وكما يليق بالعلم والضيف، أستقبل المختارُ واللجنةُ خِرِّيجَةَ “المترك” ابنة الثامنة عشر ربيعا.
وإلى مقر المدرسة الكائن في عقد عوض علي “أبوحسن” صَحِبوها بحفاوةٍ وتقدير؛ لتبدا مشوارها السامي النبيل منذ يومها الأول بهمة ونشاط في تنظيم المكان؛ لاستقبال الطالبات القادمات من مدرسة الأولاد. وتحقيقاً لراحتها النفسية والجسدية، في ظل المواصلات الصعبة؛ أوجدوا لها سكناً في بيت أحمد ناجي”أبو مصطفى”. وبعد عامين تم تعيين المعلمة يسرى عنبتاوي إلى جانب المديرة المؤسسة، فاتخذت من منزل حسن يوسف”أبو محمد” سكنا لها، ولزميلتها الجديدة. ولاستيعاب عدد الطالبات المتزايد سنويا؛ بنى أبو حسن غرفة إضافية، تم توزيع الصفوف الستة فيهما.
انتقلت المعلمة المؤسسة إلى كفرراعي في 24/11/ 1964م ، فيما تزوجت، وسافرت زميلتها يسرى، فحل مكانهما من السلط المعلمتان: حليمة عطيات، فخدمت سنة واحدة في جلبون، وظلت عبلة الحديدي إلى احتلال الضفة عام 1967م.
بدأ تعليمُ البناتِ –وإن كان ضئيلاً- مع البنين، وكانت انشراح رشاد عبد الرحمن أولَ طالبةٍ تنتظمُ في المدرسةِ الكائنة في عقد الراغب الحمدان”أبوعمر”، وبيت مصطفى المصطفى”أبومحمد” إلى جانب الطلاب، منذ انطلاق التعليم الرسمي في القرية عام1951/ 1952م. ووجد اسمها ضمن كشف طلاب الصف الثاني للعام 1952/1953م الذي يبدأ بإسم: رائف فائق حسن ، وينتهي بانشراح رقم(12). وانضمت للمدرسة في العام التالي فهمية عوض علي، وفريال أحمد محمد.
كان العام الدراسي1958/1959م هو العام الأخير الذي يدرس فيه الطلبة معاً، وهو العامُ الأولُ الذي يضم في جميع مراحله التعليمية طالباتٍ من الصف الأول وحتى الصف السادس. وبلغ عدد الطلبة فيه (109)، منها(34) طالبة موزعة على النحو التالي: (17) طالبة في الصف الأول من (30). وفي الصف الثاني(11)طالبة من(22). و(طالبتان) من (16) في الصف الثالث هما: خيرية عمر حافظ، وفتحية فائق حسن. و(طالبة واحدة)هي: ربحية عوض علي من (17) في الصف الرابع. وفي الصف الخامس (طالبة واحدة) من(10) هي: ختام توفيق محمود. و(طالبتان) في الصف السادس من(14) وهما: فهمية عوض علي، وفريال أحمد محمد.
دخلتْ فكرةُ بناءِ مدرسةٍ للبناتِ الواقعَ؛ بتبرعٍ لقطعة الأرض من فضيلة الشيخ الأزهري يونس أبوالرب، فأنشأت غرفة المدرسة الوحيدة عليها عام 1963م، وكوْنها لم تَسِعْ الطالبات، ظلت المدرسة مكانها، ولحقت الغرفة الجديدة بمدرسة البنين. وبعد الإحتلال الإسرائيلي عام 1967م للضفة، استأجرت التربية والتعليم دار محمد حمدان باعتبارها أملاك غائب، وظلت المدرسة فيها حتى حصلت القرية على دعم مالي من منظمة التحرير والأردن، فطُرِحت لجنة البلد عام 1985م عطاء بناء مدرسة، مكون من غرفتيْن وفرندة. وعندما علم المشرفان على المشروع: المختار؛ عارف عواد، ومدير مدرسة البنين؛ ماجد فايز أبو الرب، أن قيمة العطاء أقل بكثير من المال المتوفر، توسعوا في المخطط؛ فبنوْا ست غرف، ودورة مياه، وسورا، وشروْا مولداً (ماتورا) للكهرباء، وما زالت المدرسة على هيئتها الحالية2020م.
واستحدث الصفان السابع والثامن في العامين 1983م و1984م، وأبطأ إلى عام1989م الصف التاسع. وسنوياً استحدث تباعاً منذ عام 2000م الصف العاشر ثم الحادي عشر وتلاه الثاني عشر ليكون عام 2002 هو العام الأول لطالبات التوجيهي الأدبي في المدررسة. وبعد ستين عاما من المسيرة التعليمية؛ أي في عام 2019م يستحدث التوجيهي العلمي؛ لتكتمل به الحلقة التعليمة في مدرسة بنات جلبون الثانوية، بطالباتها (المئة وتسع وثلاثين) من الصف السابع وإلى التوجيهي بفرعيه العلمي والأدبي.
وقد انبثق عن المدرسة الأم عام 2006/2007م مدرسة بنات جلبون الأساسية المختلطة، تضم ستة صفوف: من الأول إلى الثالث مختلطة. وبلغ عدد الطلبة في العام 2019/2020م (267)، منها (155)طالبة.
وفي اتصال وديٍّ حميمي يوم الثلاثاء الموافق 1/9/2020م مع المعلمة الأولى المؤسسة للمدرسة: مريم سعيد يعاقبة من عرابة- أنعم الله عليها بالصحة والعافية- قالت: عُيِّنْتُ في14/10/ 1959م، فاخترت جلبون بمحض إرادتي، وتشرفت باُفتتاح مدرسة البنات بشكل رسمى، فانفصلت الطالبات عن الطلاب، وانتقلن إلى مدرستهن الخاصة، وكثيراً ما كنت أستعين بالأستاذ أبي جهاد مدير مدرسة البنين.
استقبلني الناس بفرحٍ وابتهاج، وودعوني بعيون دامعة. أحسنوا وفادتي، فاندمجت معهم، كنت واحدة من بناتهم، يمرُّ طيفُ بناتِ جلبون وأسرِهن كأجمل واقع عشته. ترافقني جلبون في حِلِّي وترحالي، في يقظتي وحلمي. و بعد أن سألتني من أنا؟ قالت: لاتندهش إذا قلت لك: إنّ أمك وأخواتك أوصافهن كذا وكذا. وعن كثير من الناس سألتني، وعن الطفل آنذاك رافع رفيق الذي درس سنة واحدة في مدرسة البنات.
ويطلُّ علينا في هذا اليوم الأحد الموافق6/9/2020م العامُ الواحدُ والستون في عمر المدرسة، ومسيرةُ البناءِ الساميةِ متواصلةٌ على أيدي تلك البواسقِ الشوامخ، حَفَظَةِ القِيَم، وسدنةِ المستقبل.
ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فالشكر موصول: لمديرة المدرسة المؤَسِسَةِ مريم يعاقبة، وسالي”أبو مرار” مديرة الثانوية الحالية ، وقمر أبوالرب مديرة المدرسة الأساسية، ومدير مدرسة البنين الثانوية الحالي عماد أبوالرب، وأستاذي ماجد أبوالرب”أبو فايز” الذي ساعدني كثيرا في الوصول إلى ما أبحث عنه ، وكل من ساعد ونثر في طريقنا كلمة طيبةً، أو معلومة مهما صَغُرَت.
فكل عام ومعلماتنا وطالباتنا بخير…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق