ثقافه وفكر حر

جلس ﺍﻟﺸﻴﺦ على مقعده ﻭ ﺃﺧﺬ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﻭ ﺗﺮﻙ ﺍلإﺳﺮﺍﻑ ….

عبد الرحمن المجذوب

ﻓﻘﺎﻃﻌﻪ أﺣﺪ ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ويبدو أنه كان متابع لهذا الشيخ ﻗﺎﺋﻼ :
يا شيخ : حضرتكم ﺟﺌﺘﻢ ﺑﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﺎﺧﺮﺓ، ﻭﻣﻼﺑﺲ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ، ﻭﻋﻄﺮﺍ ﻳﻔﻮﺡ ملىء ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ . ﻭﻓﻲ ﻳﺪﻙ أﺭﺑﻊ خواتم ﻛﻞ خاتم ﺛﻤﻨﻪ ﺑﻘﺪﺭ راتبي ﻭﻫﺎﺗﻔﻚ آﻳﻔﻮﻥ . ﻭﺗﺬﻫﺐ ﻟﻠﻌﻤﺮﺓ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ ، و لا تستطيع حصر أملاكك لكثرتها .
ﺳﻴﺪﻱ : ﺭﺍﻓﻘﻨﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ، ﺍﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﺍلمسقوفة بالصاج…
ﻭ أﺭﻳﺪﻙ أﻥ ﺗﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ‏تكييف..
ﺛﻢ ﺗﺼﺤﻮ ﻣﻌﻲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﺗﻤﺴﻚ ﺍﻟﻤﻜﻨﺴﺔ ﻟﺘﻨﻈﻒ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭأﻧﺖ ﺻﺎﺋﻢ ، ﻟﻜﻲ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺼﺒﺮ !
ﻓأﻧﺎ ﺍﻗﻮﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ لأﺳﺘﻠﻢ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﺯﻫﻴﺪﺍ ﻻ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﻗﻴﻤﺔ قميصك الذي تلبسه .. !
ﻋﺬﺭﺍ ﺳﻴﺪﻱ ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻟﻨﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻓﻬﻮ ﺭﻓﻴﻖ ﺩﺭﺑﻨﺎ ..
حدثنا عن المقعد الفاخر الذي تجلس عليه و قد جمعتم ثمنه من جيوبنا ..
حدثنا عن ثمن الكاميرا التي تصور بها موعظتك في حين أن ثمنها يكفي مؤنة عائلة لمدة شهر كامل ..
حدثنا عن زخارف المسجد والغرانيت الذي بالحمامات مقارنة بجدران منازلنا المتآكلة وحماماتنا المتعفنة …
حدثنا عن ثيابك الفاخرة و التي أقسم أني لم أرك بثوب مرتين مقارنة بثوبي الذي لا أملك غيره …
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ظلم المتكبرين ﻭ ﺭﻳﺎﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ….
حدثنا عن البطالة المتفشية بالمجتمع كالقنبلة الموقوتة …
حدثنا عن سياسة إفقار و تجويع الشعوب المضطهدة والتي تتبعها الدول الغربية بحقنا من عقوبات إقتصادية وسرقة لخيرات بلدنا …
حدثنا عن الفساد و نهب المال العام ..
حدثنا عن الواسطة و المحسوبية و توسيد الأمر لغير أهله ..
ﻭ إﻻ ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻨﺎ بوعظك ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق