منوعات
مجلس أوروبا يتبرأ من حملة “الحجاب يُحرِّر” بعد انتقادات في فرنسا
ميشال بارنييه يتمنى من أولئك الذين قدموا فكرة الحملة "السيئة" أن يذهبوا ويسألوا نساء كابول عن رأيهن في القضية.
باريس – تصاعد الجدل في فرنسا حول حملة عن التنوع تحت شعار “الحجاب يُحرِّر”، أطلقتها منظمة مجلس أوروبا قبل أيام، ما دفع بالقيّمين عليها إلى سحبها، إثر استنكار واسع من سياسيين فرنسيين اعتبروا أنها تروج للحجاب وليس للحرية، بما يخالف القيم الفرنسية.
وأطلق المجلس الحملة الأسبوع الماضي لمحاربة التمييز ضد المسلمين. وكتب على أحد الإعلانات “الجمال في التعددية عندما تكون الحرية في الحجاب”، وتضمنت تصوير بورتريهات “مُعدّلة” لشابات، ليظهرن في نصف الصورة محجبات.
ورغم أن الحملة مرّت من دون أن تلفت الانتباه في الأيام الأولى على إطلاقها، إلا أنها أثارت جدلا واسعا في فرنسا، بدءا من الأوساط اليمينية المتطرفة ووصولا إلى الحكومة الفرنسية.
ووصف ميشال بارنييه، المرشح عن الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022، وكبير المفاوضين الأوروبيين في ملف بريكست سابقا، الحملة بـ”غير المناسبة”.
وقال بارنييه خلال مداخلة إذاعية إنه يتمنى من أولئك الذين قدموا فكرة الحملة “السيئة” أن يذهبوا ويسألوا نساء كابول عن رأيهن، خصوصا وأنهن “يكافحن من أجل عدم لبس الحجاب”.
وتابع “الحجاب ليس أداة لحرية النساء، إنه العكس”.
ومجلس أوروبا منظمة تعنى بسيادة القانون والحقوق الإنسانية والاجتماعية في القارة الأوروبية، وأسست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وتضمّ العشرات من البلدان من داخل الاتحاد وخارجه.
وجاءت الحملة كخلاصة لورشتي عمل نظمتا في سبتمبر الماضي على الإنترنت بالتعاون مع فيميسو، وهو منتدى للشباب المسلم عبر أوروبا.
وانتقد المرشّح المحتمل للانتخابات الرئاسية الفرنسية إيريك زمور بعنف ما وصفه بحملة من “الجهاد الإعلاني”، وحملة “تمثل عداوة للحقيقة”.
وزمور معروف بآرائه تجاه الإسلام والمسلمين بشكل عام، وكان وعد سابقا بأنه سيمنع إطلاق اسم محمد على المواليد الجدد في فرنسا في حال أصبح رئيسا للجمهورية الخامسة.
وعبرت سارة الهيري، الوزيرة الفرنسية المسؤولة عن شؤون الشباب، عن صدمتها الشديدة من الحملة، وقالت في تصريح إعلامي “مقطع الفيديو الخاص بالحملة كان يشجع في الحقيقة على وضع الحجاب، وهذا يتعارض مع القيم الفرنسية”.
وأضافت “ندين هذا الأمر، وقد أبلغت فرنسا مجلس أوروبا رفضها لهذه الحملة، وقد أُلغيت بالفعل”.
وقالت منظمة مجلس أوروبا التي تتخذ من ستراسبورغ الفرنسية مقرا لها في بيان، إنها سحبت التغريدات، وأضافت أنها تفكر بتقديم المشروع بطريقة مختلفة.
وأشارت المنظمة إلى أن الحملة جاءت ضمن مشروع مشترك مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة التمميز، والتوعية بشأن أهمية الاختلاف وضرورة احترام التنوع ومحاربة خطاب الكراهية.
وأفادت ماريا بيسينوفيتش بوريتش، الأمينة العامة للمنظمة، بأن التغريدات التي نشرت تعكس تصريحات فردية لأحد المشاركين في إحدى ورشات العمل، ولكنها لا تمثل موقف منظمة مجلس أوروبا أو المسؤولين فيه.
لكن رئيسة فيميسو هندة تانر دافعت الأربعاء عن الحملة في حوار مع “بي.بي.سي”، قائلة إن الحملة “مستمرة”، أما بخصوص سبب إزالة التغريدة “فلا يمكنني الحديث باسم المجلس الأوروبي”.
وأضافت “من المحزن أن يتهجم سياسيون على جهود شباب من الأقليات، ويسعون لتحطيمها”.
وتابعت “رد الفعل هو دليل آخر على أن حقوق النساء المسلمات غير موجودة عند أولئك الذين يدعون تمثيل أو حماية مفاهيم مثل الحرية والمساواة”.
وأصبح اندماج المسلمين في المجتمع قضية سياسية في فرنسا في السنوات الأخيرة، فالبلاد تؤوي أكبر جالية مسلمة في أوروبا قوامها 5 ملايين نسمة.
وتصاعد الجدل في فرنسا مع بدء الحديث عن قانون “تعزيز قيم الجمهورية” في خريف العام الماضي، حين طرح الرئيس إيمانويل ماكرون خطته لمكافحة “النزعات الانفصالية”.
لكن ما بدأ كنقاش حول دمج المسلمين في المجتمع، ومخاوف الدولة الفرنسية من تمويل بعض الجمعيات والمساجد من الخارج، تحوّل بعد أشهر إلى نقاش حول الحجاب.
وبعد موجة غضب عارمة شملت مسلمين في فرنسا وحول العالم، عدّل اسم مشروع القانون وسمي “مشروع القانون الهادف إلى تعزيز العلمانية وتقوية قيم الجمهورية”، على وقع مقتل أستاذ التاريخ صموئيل باتي، بعد عرضه رسوما كاريكاتورية للنبي محمد في منتصف أكتوبر على يد تلميذ من أصول شيشانية.
وكانت فرنسا في 2011 أول بلد أوروبي يحظر ارتداء غطاء الوجه في الأماكن العامة.