أخبار عالميه

تفاصيل المشهد “الحزين” في إسرائيل بعد وقف إطلاق النار في غزة.. انتكاسة بطعم الهزيمة والهجوم العنيف لا يتوقف على نتنياهو “الخاسر”

لم ينتظر قادة العديد من الأحزاب المحسوبة على معسكر اليمين دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حتى بدؤوا توجيه انتقادات شديدة اللهجة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث وصف العديد منهم “الاتفاق غير المشروط” بين إسرائيل وفصائل المقاومة بـ”المخجل”، بل إن هناك من اعتبره انتصارا لحركة حماس.

وسط هذه الانتقادات وخلافا لما كان متبعا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، غاب نتنياهو في الساعات المفصلية عن المشهد، وامتنع عن تقديم إحاطة وخطاب للإسرائيليين بشأن مضامين وشروط وقف إطلاق النار، علما بأنه على مدار 11 يوما لحملة “حارس الأسوار”، اعتاد على الظهور أمام الكاميرات مخاطبا الجمهور الإسرائيلي بشأن “الإنجازات” التي كان يقول إن الجيش الإسرائيلي حققها، بحثا منه عن “صورة انتصار”.

وحرص نتنياهو على الوجود في مقر وزارة الدفاع رفقة قادة المؤسسات الأمنية والعسكرية ووزيري الدفاع بيني غانتس والخارجية غابي أشكنازي، تحسبا لأي طارئ أو أي مباغتة من فصائل المقاومة عند اقتراب ساعة الصفر.

لكن مشاهد الانتصار التي عبّر عنها الفلسطينيون في كافة المناطق الفلسطينية، غابت تماما عن الوعي الإسرائيلي، فيما بدت مقولة نتنياهو “وجهنا ضربة قاضية لحماس ولقدراتها الصاروخية” ضبابية حتى من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي.

إرباك وتخبط

ومع دوي صافرات الإنذار في مستوطنات “غلاف غزة” عدة مرات في الساعة الأخيرة قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بدت إسرائيل أكثر ارتباكا وبحالة تخبط، وهي الحالة التي عبر عنها استمرار نتنياهو بالتزام الصمت مقابل تصريح أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- الذي توعد قادة إسرائيل بـ”ضربة صاروخية كبيرة تغطي فلسطين من أقصى الشمال إلى الجنوب”.

وأمام صمت نتنياهو، سارعت قيادات الأحزاب اليهودية حتى من داخل معسكره، للتعبير عن الغضب تجاه موافقة نتنياهو على وقف إطلاق النار دون تحقيق إنجاز قبالة حماس، مما يشير إلى أن نتنياهو -الذي مني بهزيمة على جبهة غزة- سيواجه تحديات جديدة على مستوى الجبهة الداخلية.

ويتوقع مراقبون أن تبقي تداعيات الحملة العسكرية على غزة ووقف إطلاق النار غير المشروط على أزمة تشكيل الحكومة دون حسم، إذ تعهدت قيادات من اليمين بعدم الدخول للائتلاف الحكومي إذا ما اتضح أن اتفاق وقف إطلاق النار يقضي بتقديم تنازلات إسرائيلية في القدس والأقصى، بحسب ما كتب على “فيسبوك” رئيس تحالف “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموترتيتش الذي أكد أنه “إذا كانت القدس وجبل الهيكل على طاولة المفاوضات، فلينسَ نتنياهو أمر الحكومة”.

مخجل ومحرج

وحذر رئيس “الصهيونية الدينية” نتنياهو من أنه لن يوافق على الجلوس في الحكومة إذا كانت الاتفاقات مع حماس لها أي صلة بالقدس، بينما قال شريكه في الحزب عضو الكنيست إيتمار بن غفير إن وقف إطلاق النار “بصق في وجه سكان الجنوب”.

كما انتقد جدعون ساعر رئيس حزب “أمل جديد”، الخطوة قائلا “وقف القتال من جانب واحد سيكون ضربة خطيرة للردع الإسرائيلي تجاه حماس”.

وأضاف للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “وقف النشاط العسكري الإسرائيلي دون فرض أي قيود على تعاظم وتسليح حماس، ودون عودة الجنود والمدنيين المحتجزين في غزة، سيكون فشلا سياسيا سندفع ثمنه مضاعفا في المستقبل”.

وتابع ساعر “مع أفضل قوة استخباراتية وجوية في العالم، تمكن نتنياهو من اقتناص وقف إطلاق نار دون شروط من حماس، هذا مخجل ومحرج”.

تل أبيب والجنوب

وفي المقابل، غرّد نفتالي بينيت رئيس حزب “يمينا” بملصق كتب عليه “واقع سديروت كواقع تل أبيب”، بينما نشرت شريكته أييليت شاكيد شعار “النصر يساوي عودة الجنود والمدنيين”، في إشارة إلى حقيقة أن المفقودين وجرحى الجيش الإسرائيلي بقوا في غزة رغم انتهاء الحملة العسكرية والتوصل لوقف إطلاق النار.

كما انتقد ألون دافيدي رئيس بلدية سديروت -وهو عضو في حزب الليكود- بشدة هذه الخطوة، قائلا إنه “على الرغم من الدعم والصبر والبطولة التي أظهرها سكان الجنوب منذ 20 عاما، يبدو أن رئيس الوزراء نتنياهو والحكومة الإسرائيلية لا يريدان حقا الإطاحة بحماس، ويفضلون ضمان الهدوء المؤقت لسكان تل أبيب ومركز البلاد”.

معادلات ووقائع

وفي الجانب العسكري، قال ضابط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي غيتان دونغوت إن إسرائيل تنهي الحملة العسكرية التي فرضت عليها واضطرت لخوضها دون أي حسم، ودون حتى إنجازات حقيقة، مشيرا في حديثه للقناة 12 الإسرائيلية إلى أن “اتفاق وقف إطلاق النار سينفذ دون عراقيل، ويبقى السؤال: حتى متى سيصمد؟”.

واستبعد ضابط الاحتياط الحسم العسكري في غزة، وقلل من الترويج للإنجازات التي تشير إلى توجيه ضربة قوية للقدرة الصاروخية لحماس، مشيرا إلى أن تجارب الماضي تؤكد أن قوة حماس تتعاظم بعد كل عملية عسكرية، وكانت دائما تنجح في تأطير مشاهد انتصار في الوعي الفلسطيني.

ومع الإنجازات التي حققتها حماس في نهاية الجولة القتالية، وأهمها تمكنها من جمع مثلث الداخل والقدس والضفة، يعتقد دونغوت أن إسرائيل مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى باعتماد خطة عمل والتعامل بنهج جديد مع قطاع غزة، وذلك في ظل الوقائع والمعادلات الجديدة التي فرضتها حماس في الضفة والقدس، في ظل تعاظم التحديات على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان.

تقويض وانتصار

ذات الطرح تبناه المراسل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية أور هيلر الذي أوضح أنه على الرغم من الترويج عسكريا من المنظور الإسرائيلي لأن حماس فوجئت بقوة ورد فعل الجيش الإسرائيلي، فإن ذلك لم يتسبب في إضعاف قوتها العسكرية أو انهيار الحركة التي لديها جيش كبير، ولم تؤد حملة “حارس الأسوار” إلى تقويض سلاح المقاومة وقدرتها الصاروخية، بحيث ما زالت تحتفظ حماس بأكثر من 10 آلاف قذيفة صاروخية.

ويعتقد المراسل العسكري أنه في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، فإن المعركة -سواء في إسرائيل أو في الجانب الفلسطيني- ستحتدم بالصراع على الوعي وصورة الانتصار التي شكلتها حماس فور إطلاق الصواريخ باتجاه القدس، ونجاحها في إعادة اللحمة للكل الفلسطيني، والحصول على حاضنة شعبية بالقدس والضفة الغربية وعند العرب في إسرائيل، بينما غابت أي مشاهد انتصار أو إنجازات حقيقة عن الساحة الإسرائيلية.

وعلى المستوى الإستراتيجي، يقترح هيلر على الإسرائيليين عدم التفاخر والتواضع بكل ما يتعلق بحقيقة مقولة “وجهنا ضربة قاضية لحماس وقدرتها الصاروخية”، وتساءل كيف ذلك وقد أطلقت الصواريخ دون توقف من غزة ووصل مداها إلى ما بعد تل أبيب؟ مشيرا إلى أن حماس لم تهزم، وفي المقابل وجد صعوبة حتى بالتلميح إلى أن إسرائيل حققت انتصارا، مبينا أن الامتحان الحقيقي للهدوء وكم من الوقت سيصمد وقف إطلاق النار؟

المصدر : وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق