مقالات

الثورات التي تنبثق من عقول الفلاسفة خيرٌ من الفلسفة التي تنبثق من عقول الثوار “(أ.د. حنا عيسى)


(تزوّج ، وستندم ، أو لا تتزوج ، وستندم أيضًا ، اضحك من تفاهة العالم ، وستندم ، أو ابكِ بحرقة منها ، وستندم كذلك ، اشنق نفسك ، وستندم ، أو لا تشنق نفسك ، وستندم ، بكل الحالات ستندم ، هذا هو جوهر الفلسفة كلها أيها السادة .. لهذا السبب ، إذا سَكر قرد بعد شُربه للخمر ، فلن يقربهُ مرة أخرى ، وهو بذلك أكثر حِكمة من الكثير من البشر..نعم مؤخراً ، امتلأ الفكر الفلسفي بترهات يخجل منها المرء إذا نزع عنها زينتها الكلامية .. وكما عرف سقراط الفلسفة بأنها معرفة الموت فإنه بدون الموت لا يمكن للبشر أن يتفلسفوا .. إذن ، كل ما أعرفه بأني لا أعرف شيئاً)

“توصف الفلسفة أحياناً بأنها ” التفكير في التفكير ، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر “

الفَلـْسَفَةُ حقل للبحث والتفكير يسعى إلى فهم غوامض الوجود والواقع ، كما يحاول أن يكتشف ماهية الحقيقة والمعرفة ، وأن يدرك ماله قيمة أساسية وأهمية عُظمى في الحياة. كذلك تنظر الفلسفة في العلاقات القائمة بين الإنسان والطبيعة ، وبين الفرد والمجتمع. والفلسفة نابعة من التعجّب وحب الاستطلاع والرغبة في المعرفة والفهم. بل هي عملية تشمل التحليل والنقد والتفسير والتأمل.

أهمية الفلسفة

الفكر الفلسفي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان ، فيستطيع الإنسان بدراسة الفلسفة ، أن يوضح جوانب الغموض في مُعتقداته ، فيدفعه ذلك إلى التفكير في المسائل الأساسية ، ويصبح قادرا على دراسة آراء الفلاسفة القدامى ، لكي يفهم لماذا فكروا على النحو الذي فكروا فيه ، وأي أثر يمكن لأفكارهم أن تحدثه في حياته. كما أن العديد من الناس يجدون متعة في قراءة آثار كبار الفلاسفة خصوصًا كبار الكتاب منهم وللفلسفة تأثير كبير في حياتنا اليومية ، وحتى في اللغة التي نتحدث بها نصنف الأمور تصنيفا مستمدًا من الفلسفة ، فعلى سبيل المثال فإن تصنيف الكلمة إلى اسم وفعل وحرف ، يتضمن فكرة فلسفية مفادها أنه يوجد اختلاف بين الكلمات وما يحدث لها. وما من مؤسسة اجتماعية إلا وهي مرتكزة على أفكار فلسفية ، سواء في مجال التشريع أو نظام الحكم أو الدين أو الأسرة أو الزواج أو الصناعة أو المهنة أو التربية. وإن الخلافات الفلسفية قد أدت إلى الإطاحة بالحكومات وإحداث تغييرات جذرية في القوانين وتحويل الأنظمة الاقتصادية بالكامل. إن تلك التغييرات ما كانت لتقع إلا لأن الناس المعنيين بالأمر كانت لهم آراء يؤمنون بها حول ما يعتبرون أنه الأهم والأقرب إلى الحقيقة والواقع والأكثر فائدة ، وحول الكيفية التي يجب أن تنظم بها الحياة.

وتسير الأنظمة التربوية بمقتضى الأفكار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول ما يجب أن يتعلمه الأطفال ، ولأي غرض يتعلمون. وتؤكد الأنظمة الديمقراطية على ضرورة تعليم الإنسان كيف يفكر ، وكيف يختار بنفسه ما ينفعه. أما المجتمعات التي تفتقد الشورى والحوار فإنها تثبط أمثال هذه المبادرات ، وتريد من المواطنين أن يتنازلوا عن مصالحهم لفائدة الدولة. وهكذا فالقيم والمهارات التي يعلمها النظام التربوي إنما تعبر عن الأفكار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول ما يعتبره هو الأهم والأصلح.

*اهمية الفلسفة للفرد:

1- تقوم الفلسفة في مراحل التعليم الثانوي والجامعي بتنمية جملة من المهارات والقدرات لدى المتعلم.

2-  تعمل على تقوية وتعزيز السلوك العقلاني المنظم في الحياة الفكرية والنفسية والدراسية والاجتماعية للمتعلم (التزود بالروح العلمية والفلسفية).

3-  تسمح بامتلاك الثقافة العلمية والفلسفية والقدرة على التعبير الدقيق ، واليقظة الفكرية والصرامة المنطقية ، والمراقبة الذاتية خلال التفكير والتعبير ، والحوار الفلسفي.

4-  تنمية القدرة على المشكلة والصورنة والبرهنة.

5- تنمية القدرة على القراءة والفهم والتعبير والاستدلال الصحيح.

6-  تنمية القدرة على التحليل والتركيب والتصنيف والتنظيم والتعليل. (مهارات فكرية ومنهجية).

7- تنمية القدرة على النقد وإصدار الأحكام واتخاذ المواقف.

8- تنمية وعي المتعلم لذاته ولمحيطه.

*اهمية الفلسفة للمجتمع:

1-  تزود الفلسفة المجتمع بأصول ومبادئ وغايات النظام الاجتماعي الذي يحكمه ويحكم الحياة الاجتماعية فيه.

2-  تزود المجتمع بأصول ومبادئ وغايات النظام التربوي أي فلسفة التربية في المجتمع.

3-  تستمد المنظومة التربوية التي تتكون من الأسرة والمدرسة والمجتمع مادتها ومناهجها وغاياتها ومبادئها وأهدافها من فلسفة المجتمع وفلسفة حياته عامة.

4-  تقوم بدور التنشئة الاجتماعية لأفراد المجتمع من خلال تربية الطفل وتثقيف الفرد باستمرار  فيـعي الفرد وجوده الذاتـي والاجتماعي معـاً.

5-  تُـعرّف الفرد في وطنه على الأصول الفلسفية للثوابت الوطنية.

6- تقوم بتوعية التلميذ والمتعلم بحقوقه وواجباته في المجتمع خاصة واجبات المواطنة وتنظم المجتمع.

7- تمكن الفرد من التكيف والمساهمة الفعّـالة في تغيير المجتمع ، لأن أي تغيير في المجتمع مبني على أسس فلسفية.

8- تمكّـن الفرد من الحرص على تمثل قيم ونظام المجتمع دون إعاقة المبادرة إلى النقد وإلى التجديد باستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق