مقالات
مفهوم وأنماط التغيير السياسي (أ.د. حنا عيسى)
(التغيير ليس سهلا .. إنه لا يتحقق بجيوش جرارة ولا بخطب جياشه .. إنه يتحقق حين نقلب عيوننا نحو دواخلنا لنرى أين نحن ؟ وأين نقف !!.. نحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب ، نموت قبل ذلك حين تتشابه أيامنا ، ونتوقف عن التغيير ، حين لا يزداد شيء سوى أعمارنا وأوزاننا .. فأكثر الناس ينتظرون شيئاً ما ليتغيروا ، وآخرون يتغيرون عندما تحدث لهم صدمة ، أو تتغير أدوارهم في الحياة. لكن أعظم التغيير هو التغير المقصود الواعي النابع من التأمل والإرادة والشعور بالمسؤولية)
التغيير هو التحول من حال إلى حال ، والتغيير في المنظمات أو التغيير المنظمي يعني التحول أو التنقل أو التعديل من حال إلى حال أخرى. ويمثل التغيير تحركاً ديناميكيا بإتباع طرق وأساليب مستحدثة ناجمة عن الابتكارات المادية والفكرية ليجعل بين طياته وعود وأحلام للبعض ، وندم وآلام للبعض الآخر ، وفق الاستعداد الفني والإنساني. وفي جميع الأحوال نجد أنّ التغيير ظاهرة يصعب تجنبها ، وهو لا يخرج عن كونه استجابة مخططة ، أو غير مخططة من قبل المنظمات للضغوط التي يتركها التقدم والتطور الفني الملموس وغير الملموس في الماديات والأفكار.
مفهوم التغيير السياسي يتسم بنوع من الشمولية والاتساع،وتشير لفظة التغير السياسي لغة إلى التحول ، أو النقل من مكان إلى آخر ومن حالة إلى أخرى. ويقصد به أيضا :”مجمل التحولات التي تتعرض لها البنى السياسية في مجتمع ما بحيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها أو دول عدة “. كما يقصد به الانتقال من وضع لا ديمقراطي استبدادي إلى وضع ديمقراطي. والتغير السياسي السلمي قد يطلق عليه مصطلح (إصلاح) ويمكن اعتباره مرادفا للتغيير الدستوري في القيادة أو لإعادة بناء التأثير السياسي داخل المجتمع.
والتغيير السياسي طالبت به الشعوب منذ القدم ، ومورس من قبل كل شخص غيور على أمته ، للنهوض بها حتى تستكمل أهدافها وتحقّق إنجازاتها التي تريدها وتنشدها وهو تغيير وتعديل في نظام الحكم سواء أكان جزئياً أو جذرياً ، ومحاربة مظاهر الفساد والضعف فيه ، بوسائل مختلفة ، بحيث يحقق المقاصد المرجوة منه “.
ويرى البعض أنَّ الإصلاح السياسي خلافاً للثورة ليس سوى تحسين في النظام السياسي ، فهو تطوير غير جذري في شكل الحكم ، دون المساس بأسس هذا النظام. ولهذا يخرج منه الانقلاب لأنه يشمل أدوات غير سلمية للتغيير ، ويهدف إلى تغيير القائمين على النظام أكثر من كونه يهدف إلى إصلاح النظام . بينما يرى البعض أنَّ الثورة أحد أشكال الإصلاح السياسي ، إلاَّ أنَّها تعبير عن إصلاح سياسي راديكالي وسريع ، كما أنَّ الانقلاب لتغيير القائمين على النظام لأنهم أساؤوا استعمال السلطة ليأتي من يقومون بالإصلاح ، هو أحد أشكال الإصلاح السياسي ، إلاَّ أنَّه شكل راديكالي غير سلمي للإصلاح. وهو ما أتفق معه بشكل كامل.
*أنماط التغيير السياسى:
الديمقراطية : وقد عملت المجتمعات الغربية التي تلتزم بالليبرالية كفلسفة ومنهج معرفة على تحقيق هذا البعد من أبعاد التغيير من خلال التزامها بالديمقراطية(الليبرالية).
تقييد فترة الحكم : حرصت النظم السياسية الديمقراطية الليبرالية على تحديد فتره حكم الحاكم من خلال تحديد عدد دورات ترشحه (وتحديد مده كل دوره أيضا).
الثورة : والتغيير السياسى يتحقق أيضا من خلال الثورة.