نشاطات

حكاية عاشقة الأمير من زمن الخيال

جاء كبير الأطبّاء فرهاد لرؤية الفتاة الجريحة ، وبعد أن أمسك السّهم بحذر، وتشمّمه، قال للأمير: لا يمكن فعل شيء لها ،فهو مسموم ،وهذه عادة جماعة رزان ،فإن أصابوا أحدا حتى بجرح صغير كان فيه هلاكه ،وفي هذه اللحظة دخلت أمّ روكسانا ولما رأت إبنتها مصابة والدماء تنزف منها بدأت تصيح ،وتولول ،فصعب ذلك على الأمير أفريدون ،وسأل الطبيب :ألا يوجد ترياق ضد هذا السمّ ؟ أجابه :فيما أعلمه فإن الكاهنة التي صنعته هي الوحيدة التي تعرف العلاج ،ونحن نجهل كلّ شيئ عن هذا السّم ولا نميّزه إلا برائحته النّفاذة ،قال الأمير حسنا :وكم يستغرق من الوقت لكي يعطي مفعوله ؟ أجاب الطبيب : إذا إمتصصنا السّم بجلد ناقة لا يزال رطبا ،ثلاثة أياّم على أقصى تقدير ،قال أفريدون :بحماس سأذهب للكاهنة، وأطلب منها التّرياق ،فهذه الفتاة لا ذنب لها !!! سمع الملك بالخبر ،فقال لإبنه: لا تتهوّر لأجل بنت من العامّة ،وإن ماتت فسنجازي أهلها على شجاعتها ،هذا كلّ ما نقدر أن نفعله لها ،أجابه أفريدون :أنت لا تفهم شيئا يا أبي ،فأنا عشقت هذه الفتاة منذ أوّل يوم رأيتها  فيها ،ورغم بحثي عنها في كلّ مكان لم أعثر عليها ،ويشاء القدر أن تظهر لإنقاذي ،ولولاها لهلكت .
أجاب الملك : جماعة رزان لا تنتظر سوى قدومك لتقبض عليك ،وعندئذ ستملي شروطها ،واضطر إلى تنفيذها ،قال الأمير: أعطهم ما يريدون ،وننهي المنازعة معهم ،ردّ الملك:لو فعلت ذلك لفسدت سياستي ،وكلّ من يريد شيئا سيحمل عليّ السّلاح ،قال أفريدون :دعني أذهب يا أبي ،فجبلهم على بعد يومين من هنا ،وسأدعي الربّ أن أرجع قبل أن تموت تلك المسكينة !!! كان الطبيب يسمع ،ثم هزّ رأسه بحزن، وقال: لو بقيت على قيد أكثر من ثلاثة أيّام ،فسيكون ذلك معجزة. ،جرى أفريدون إلى حصانه رغم تهديد أبيه له بالويل والثبور ،ثمّ همزه ،فركض ناحية الجبل الأبيض الذي يسميه الفرس ” ألبرز ” وفي المساء أوقف حصانه، ونزل ليستريح بعدما أمضى ساعات طويلة في السّير دون طعام أو ماء ،وبينما هو جالس يمسح العرق بكمّه ،إقتربت منه عجوز بيضاء الشّعر ،وقالت له: يبدو من هيئتك وحسن هندامك أنّك أحد أولاد الأعيان ،فما الذي دفعك لأن تهيم على وجهك في هذا البرّ ؟ إستغرب الأمير ،من شدّة فضولها،وردّ عليها :إنه الحبّ ،لقد جئت من أجل فتاة لكنّها مسمومة ،وأنا عاقد العزم على إنقاذها ،هل تعلمين من أين الطريق إلى جبل ألبرز ؟ فلم يسبق أن أتيت إليه من قبل ،رغم أنّي سمعت كثيرا عنه ،سألته العجوز، أخبرني إذن ،ماذا قيل لك عنه ؟ همّ الأمير بالكلام ،لكنّه صمت ،فقد لاحظ أنّها تتفرّس في وجهه بعينيها الخضراوين ،وأحسّ بالضّيق من نظراتها .
لم تنتظر العجوز إجابته ،وأخرجت من جرابها خبزا جافّا ،وقلّة ماء ،فأكل الأمير وشرب شيئا يسيرا ،وسقى حصانه ،وأطعمه باقي الخبز ،ثم نزع من إصبعه خاتما ،وقدّمه لها ،فقالت له بدهشة :كلّ هذا من أجل رغيف يابس ،وماء ؟أجابها: لقد جدت علي بما تملكين، وأنا أجود عليك بما أملك أليس هذا عدلا ؟ إبتسمت العجوز ،ووضعت الخاتم في جيبها، ثمّ كشفت عن رقبتها ،ونزعت منها قلادة مربوط فيها واحدة من أصداف البحر،وسلمتها له ،ثم قالت له: إن أردت الجبل ،فهو ناحية الشّمال ،ثم تركته في حاله ،وذهبت .نظر الأمير، إلى الصّدفة الزّرقاء المعلقة في القلادة ،وقال في نفسه :ما أغرب أمر تلك العجوز ،من أين أتت بهذه الصّدفة ،فلا يوجد مثلها في البحار ولا الأنهار ،ثمّ علق القلادة في رقبته ،وواصل طريقه بين الآكام والصّخور،وما كاد يبلغ سفح الجبل حتى ظهرت له من الأشجار خمسة بنات يحملن الأقواس ،وهممن برميه بالسهام ،ولمّا رأين القلادة على صدره ،جاءته إحداهن، وطلبت منه أن يتبعها،ولا يسألها عن شيئ ،مهما كانت غرابته، فوعدها بذلك ..

يتبع الحلقة 4 والأخيرة

من حكايا ايام زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق