مقالات

ساندرا توماس: الحجاب كرمز للاحتجاج ومطالبة بالتغيير في صناعة السينما المالايالامية

تقرير أعده أ.د. عبد الحفيظ الندوي

كوتشن / كيرالا : ​في خطوة جريئة ومثيرة للجدل، أثارت المنتجة والممثلة المالايالامية البارزة ساندرا توماس نقاشًا واسعًا في الأوساط السينمائية والإعلامية الهندية بارتدائها الحجاب عند تقديم أوراق ترشحها لرئاسة جمعية منتجي الأفلام في ولاية كيرالا (KFPA) بتاريخ 26 يوليو 2025. لم يكن هذا مجرد اختيار شخصي للملابس، بل كان بيانًا قويًا ورمزًا للاحتجاج ضد ما تعتبره بيئة معادية وغير آمنة للنساء في أحد أبرز كيانات صناعة السينما.
​تُعرف ساندرا توماس بشخصيتها القوية ودفاعها المستمر عن حقوق المرأة في صناعة الأفلام. بصفتها منتجة شاركت في أعمال ناجحة مثل “آمين”، وممثلة ذات حضور، ثم مؤسسة لشركة “ساندرا توماس برودكشنز”، كانت دائمًا صوتًا ناقدًا لما يواجهه العاملات في هذا المجال. لكن تحول هذا النقد إلى مواجهة مباشرة مع قيادة جمعية منتجي الأفلام في ولاية كيرالا بعد سلسلة من الأحداث المتوترة.
​يكمن جوهر القضية في ادعاءات ساندرا توماس المتكررة بوجود بيئة غير صحية وسلوكيات غير لائقة داخل الجمعية. فقد تقدمت بشكوى رسمية لدى الشرطة ضد بعض مسؤولي الجمعية، متهمة إياهم بالتحرش الجنسي وسوء السلوك خلال الاجتماعات. هذه الاتهامات ليست مجرد خلافات شخصية، بل هي جزء من نقد أوسع وجهته لعدم اهتمام الجمعية بتقارير مهمة مثل تقرير لجنة القاضية هيما، الذي تناول قضايا التحرش والاستغلال التي تواجهها النساء في الصناعة. بالنسبة لتوماس، فإن هذا الإهمال هو إهانة مباشرة للنساء العاملات في الأفلام.
​وقد بلغت حدة التوتر ذروتها عندما قامت الجمعية بطرد ساندرا توماس من عضويتها في نوفمبر 2024، بحجة “الإخلال بالضوابط السلوكية” و “إثارة ادعاءات لا أساس لها”. ومع ذلك، أثبتت توماس إصرارها على مواجهة هذه المحاولات لإسكاتها، حيث حصلت على قرار من محكمة إرناكولام الفرعية في ديسمبر 2024 بوقف قرار الطرد، مما أعاد إليها حقها في العضوية والترشح.
​في هذا السياق المتأزم، جاء قرارها بارتداء الحجاب لتقديم أوراق ترشحها كخطوة رمزية قوية. لقد أوضحت توماس دوافعها بوضوح: لم يكن الحجاب اختيارًا دينيًا بقدر ما كان وسيلة للاحتجاج والحماية. ففي بيئة تهيمن عليها الذكورية، وحيث تزعم أنها تعرضت لنظرات غير مرغوب فيها ومحادثات ذات إيحاءات جنسية، اعتبرت الحجاب “الخيار الأكثر أمانًا” لتجنب هذه المواقف. كان هذا الزي تعبيرًا عن رفضها لوضع ترى فيه أنها لم تعد تشعر بالأمان، ورمزًا لمطالبتها ببيئة عمل أكثر احترامًا وسلامة للنساء. إنه بيان يعكس شعورًا عميقًا بالاستياء والرغبة في استعادة السيطرة على مساحتها الشخصية والمهنية.
​بترشحها لرئاسة الجمعية كجزء من قائمة تسعى للتغيير، لا تسعى ساندرا توماس فقط لإثبات نفسها، بل تهدف إلى إعادة تشكيل ثقافة جمعية منتجي الأفلام في ولاية كيرالا لتصبح أكثر شمولية وإنصافًا. إن استخدامها للحجاب كشكل من أشكال الاحتجاج يفتح نقاشًا أوسع حول قضايا النوع الاجتماعي، والسلامة في مكان العمل، والسلطة في صناعة السينما الهندية، مؤكدة أن مقاومة الظلم قد تتخذ أشكالاً غير تقليدية ولكنها مؤثرة بقوة.

إغلاق