مقالات

عيسى: الفقر من الأسباب الرئيسية لتردي الاوضاع الاقتصادية في المدينة المقدسة

حذر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الدكتور حنا عيسى، من تردي الأوضاع الاقتصادية في مدينة القدس ودخولها بمختلف قطاعاتها السياحية والصناعية والتجارية والخدماتية في أزمات متواصلة، جراء سياسات سلطات الاحتلال الاسرائيلية المتمثلة بالحصار والإغلاق المفروضين عليها منذ عشراتالسنوات، وهو ما أدى لركود تجاري واقتصادي للمدينة وإفلاس العديد من المنشآت،وإغلاق مئات المحال  التجارية، وهجرة الكثير من المؤسسات والمنشآت الاقتصاديةوالتجارية الى خارج حدودها وتحديداً الى مدينتي رام الله وبيت لحم والضواحي.

وقال الأمين العام، “ ممارسات سلطات الاحتلال التعسفية في المدينة المقدسة،ومخططاته المتتالية لتهويد المدينة وطمس معالمها، اضافة لوضع العراقيل للوصولاليها، ناهيك عما تمارسه من سرقة وتزوير وهدم واستيطان، عوامل أدت جميعها لتغييرمشهد القدس بشكل عام، فأضحى لا يحاكي مهبط الانبياء والمرسلين، وباتت القدسفقيرة ضعيفة في كافة المجالات، تعاني تدهور اقتصادي وسياسي واجتماعي وأمني، فالاحتلال الاسرائيلي دمر حضارتها وخرب حيويتها”.

وأضاف عيسى ،” وفقا للمصادر الاعلامية ، اقتصاد القدس الشرقية كان يشكل ما نسبته 15% من الاقتصاد الفلسطيني قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو عام 1993، وأن هذه النسبة تقلصت لتبلغ وفقاً للتقديرات إلى حوالى 7% فقط في السنوات الأخيرة، وان الناتج المحلي الإجمالي للقدس الشرقية، والذي بلغ في عام 2010 حوالى 600 مليون دولار قد زاد بشكل طفيف، إلا أن حجمه النسبي قد انخفض، نظراً لتراجع النمو في القدس الشرقية عن مواكبة النمو في بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن معدل فقر الأسر الفلسطينية في القدس ارتفع من 68% عام  2009 إلى 77%، وفي المقابل بلغت نسبة الأسر في القدس الشرقية والتي تصنف كأسر فقيرة 25%“، ووفقا لتقرير اعلامي نشر العام  الفائت 2014 فإن 75% من سكان القدس الشرقية المحتلة يعيشون تحت خط الفقر، وعند الحديث عن الاطفال يرتفع الرقم الى 82% وفقا للتقرير، وهو ما يشير إلى صعوبة أوضاع الفلسطينيين في القدس في ظل الاهمال المتواصل من قبلاسرائيل”.

وتابع عيسى، يعتبر الفقر من الاسباب الرئيسية لتردي الاوضاع الاقتصادية فيالمدينة المقدسة والذي يأتي لنتيجة من العوامل، اهمها جدار الفصل والعزل للقدس عنالضفّة الغربيّة، ووجود سوق عمالة معزول وهزيل، وإهمال جهاز التعليم وعوائق أمامالتحصيل العلميّ والتأهيل المهنيّ، وصعوبة انخراط النساء في سوق العمل، وسحبالإقامة الدائمة ومنح مكانة مؤقّتة”.

وشدد عيسى ، ان جدار الفصل العنصري العازل الذي تبنيه إسرائيل في عمق الضفةالغربية وفي محيط مدينة القدس المحتلة، يعتبر من أهم العوامل التي تؤثر سلباً علىاقتصاد المدينة المقدسة، مشيرا أن المتتبع لمراحل بناء هذا الجدار والذي يتم بخطواتمدروسة جيداً من الجانب الاسرائيلي، لا بد وأن يعي بشكلٍ واضح الأهداف السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية والأمنية لدى اسرائيل والتي تقود في النهاية إلى إخراجمدينة القدس من ارتباطها الطبيعي ببقية الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية،والذي يجعلها مفتوحة فقط نحو الغرب ، أي نحوإسرائيل .

ونوه عيسى ، أن من العوامل التي أدت الى تدهور الاوضاع الاقتصادية في القدس، هوعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في القدس عدا عن بعض المبادرات والجهودالفردية المقدرة، حيث أجبر عدد كبير من المستثمرين وأصحاب المصانع والفنادقوالورش والمحلات التجارية والتي تشكل عصب الاقتصاد في المدينة من البحث عنأماكن آمنة، لاستثماراتهم خارج القدس أو على أطرافها هرباً من سياسات التضييقوالاستهداف من خلال الممارسات الممنهجة والضرائب الباهظة التي فرضتها عليهمسلطات الاحتلال”.

وقال عيسى ، “تناغمت سياسة إسرائيل الاقتصادية في القدس مع سياستها فيمجالات القانون والاستيطان وبناء الجدار، حيث عملت ومنذ بداية احتلالها للمدينةعلى تفريغ المدينة من الاقتصاد الفلسطيني، وفك ارتباطها اقتصادياً مع الضفةالغربية، وربطها بالاقتصاد الاسرائيلي، بهدف إجبار الفلسطينيين على الرحيلالطوعي من المدينة وفق سياسةالجذب المعاكس، بمنع إدخال المنتجات الزراعيةوالصناعية من والى القدس، واعتماد الشيكل الاسرائيلي كعملة تداول في الضفةالغربية وقطاع غزة بدلاً من الدينار الاردني، واغلاق البنوك الاردنية، وفرض الضرائبالباهظة على البضائع العربية التي تحتاجها القدس، وحاصرت القطاع السياحيومنعت القطاع التجاري من العمل مع محيطه”.

وأضاف عيسى، “نتيجة لتلك السياسة ضربت البنية الاجتماعية والسياسيةوالاقتصادية في المدينة، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع مكانتها الاقتصادية بشكلمتواصل، وأدخلت مرافقها الاقتصادية في أزمات متواصلة”.

وذكر عيسى، مدينة القدس كانت قطب الرحى في منطقة بلاد الشام، وشكلت مركزاًاقتصادياً واجتماعيا لا مثيل له، حيث كانت مقصد الحجاج من مسلمين ومسيحيين.وكل باحث عن التراث والحضارة والتاريخ، كان ليجد في القدس العربية ملاذ يرويظمأه، ولكن نتيجة للاحتلال الاسرائيلي للمدينة عام 1967، ونتيجة للحصار المفروضعليها منذ الانتفاضتين الاولى والثانية، أصبحت المدينة تعاني من ركود اقتصادي كبيرما أدى إلى إفلاس العديد من الشركات والمنشآت الاقتصادية، أما المؤسسات والشركاتالاقتصادية التي بقيت في القدس فقد أغلقت سلطات الاحتلال بعضها، وطلبت منالبعض الآخر تسجيل نفسها كمؤسسات وشركات اسرائيلية”.

وأوضح عيسى ، “منذ أن قامت اسرائيل باحتلال الضفة الغربية بما فيها مدينة القدسعام 1967، واجهت المدينة مشكلات عديدة وتحديات مصيرية، كان أولها الممارساتالاسرائيلية الممنهجة والمخططة تجاه المدينة المقدسة، فقامت اسرائيل بضم المدينةلكيانها وطبقت قوانينها عليها، وحلت مجلس أمانة القدس العربية، وألغت القوانينالأردنية التي كانت مطبقة في المدينة آنذاك، وأغلقت المحاكم والبنوك العربية وفرضتمنهاج التعليم الاسرائيلي، وطبقت قانون أملاك الغائبين والذي أدى لفقدان الكثيرين منحقهم في عقاراتهم وأملاكهم، هادفة من ذلك تهويد المدينة وتقليل عدد السكانالفلسطينيين الى أقل عدد ممكن من خلال الاخلال بالتوازن الديمغرافي لصالح اليهود،وقامت بالتوسع في هدم البيوت والورش والمصانع وسحب الهويات والتضييق الأمنيواقامة الحواجز العسكرية لفصل التجمعات السكانية الفلسطينية بعضها عن بعض”.

وطالب عيسى، الجهات الرسمية الفلسطينية بوضع خطة اقتصادية شاملة لمدينة القدس، ورصد استثمارات من قبل القطاعين العام والخاص الفلسطينيين، ودعم منالجهات المانحة، ودعم التلاحم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للفلسطينيينالمقدسيين، والعمل على دعم جوهر اقتصادهم الذي يتمثل في المدينة القديمة، وذلكللتصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية في القدس المحتلة”.

وقال عيسى، “على المجتمع الدولي إلزام اسرائيل بتحمل مسؤولياتها تجاه مدينة القدس كونها مدينة محتلة، ويتوقف على عاتقه حماية حقوق الانسان في المدينة من ممارسات كيان الاحتلال غير الانسانية “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق