ثقافه وفكر حر
حكايا من القرايا ” يوم أسبوع العروس “
بعد زواج العروس بأسبوع، كان أهلها وأقاربها… وأصدقاء أهلها، وأصدقاء أصدقائهم، والجيران، وجيران الجيران، والأنسباء… كل هذا الحشد من الناس يشتاقون لبنتهم، ويذهبون لزيارتها، يعني يوم مطلّة… ياه…! إنه يوم عصيب على أهل العريس… ما أن ترتفع الشمس قدر رمح أو رمحيْن في السماء، حتى تطل الجحافل، في السيارات (إن وجدت) وترلات التراكتورات، وعلى حميرهم وبغالهم وخيلهم… على كعابهم… شيباً وشباناً… رجالاً ونساءً… يا لطيف! إنه يوم عصيب فعلاً… حدث وأن كان أسبوع الحجّة خيرية (يوم كانت عروساً)، ودشعت الأمم على دارها الجديدة، امتلأت الغرف بشراً، وامتلأت قاع الدار ناساً، حتى استجار حمو العروس خيرية بالحواكير وأجلس الناس على كراسي القش القصيرة تحت الأشجار…
لكن – ربنا الله – كانوا حاملين ومحمّلين، (فخروج) بعض الدواب مليئة بالفاكهة، وعلى ظهورها أكياس الرز والسكر، وعلى رؤوس النساء، لابسات المخامل والمقصّب، كانت سدور الحلوى، وأقراص الحلبة… الجماعة جايين يعزبوا من الضحى إلى ما بعد العصر… حتى تروح الشوبة، أهل العريس مش ملحقين… ويلهم بدهم يحيّوهم، ويسقوهم ميْ وشاي وكازوز، ويطبخوا لهم رزاً ولبناً ولحماً… علاوة على الطبخات المرادفة: كوسا محشي، ورق دوالي، بامية… إلخ… وألف صحة وعافية… خللي الظيوف اللي أجوا وجابوا مونتهم معهم… وجابوا خراريفهم وحكاياتهم… خلليهم يتخرفوا من الصبح للمغرب…
أبو صالح المرتيني حدث، فقال: يوم أجوا نسايبنا عندنا ع أسبوع بنتهم… وقف رجال حامولتنا جنباً إلى جنب لاستقبال الضيوف، وفي صف آخر كانت نساؤنا تستقبل الضيفات بالترحاب والزغاريد، وفي تنزيل ما حملن على رؤوسهن من هدايا وأغراض وبضائع… تتبعت ثلاث نساء كانت كل واحدة منهن تحمل قفص دجاج – نسايبنا الله فاتحها عليهم يربون الدجاج في بركسات ما شاء الله- وقبل أن ينزل القفص الأول، بادرت مسرعاً نحو حاملات الأقفاص… سلمت، وقلت: اتبعنني… كنت أسير كالقائد، وخلفه جحافل ومعدات، ومررنا من زقاق إلى آخر، ومن حارة إلى أخرى، والناس تنظر إلينا وإلى أقفاصنا محتارة، حتى وصلنا معّاطة الدجاج… معّاطة (أبو خيري)… وهناك تناولت الأقفاص عن رؤوسهن، وفسخنا الحمل، وقلت لأبي خيري: امعط يا حريق الحرسي، هاي رزقة وأجت لعندنا… ما شاء الله قعدنا فوق الأسبوعين واحنا نازلين بالتشعوايش قص… لكن صدقوني الواحد مهما كان قدامهم بظل على أعصابه وبظل حاسس حاله مقصر… ويتابع المرتيني مع ضحكة غشيمة، والله يوم دار أبو سليم لولا الله من فوق ساعدهم، وحظهم بفلق الحجر، الذبيحة ما كفّت الأمم الزاحفة، ونقص عليهم عشر قطع لحم… الله كريم كان عرس دار أبو الصدفية، راحوا استقرظوهن من عندهم… وإلا كان صاروا خرّيفية للرايح والجاي… وكلوا تشوم والولاد تشوم، هاظا بنط، وهذا بخرط بالليمونة وهي خظرا، وهذا بعاقب بالحمارة بدو يرتشبها، وهون اولاد بصيحوا… وهون طوشة اولاد… هاي زعبرة… مش زيارة… زيارة بتطلع الروح… اطلع المرتيني في ساعته، وقال: ما ظلش وقت لازم أمشي أكشكش تحت هالشجرات… المرة الجاي بخرفكم عن رحلة ” ردّة الإجر” سلام… ومشى الرجل وفي جعبته عديد الخراريف…