الرئيسيةشعر وشعراء
أعلى اللغات / للشاعر جواد يونس

بلغَت من الشرفِ الرفيعِ مكانا *** أن أنزلَ العالي بها القُرآنا
لو لم تكن أعلى اللغاتِ لأبدِلت *** أخرى أجلَّ فصاحَةً وبَيانا
لو لم تكن بلغَت سنامَ نُضوجِها *** في عهدِ أحمدَ ما تحدّى الجانا
ولَقُدِّمَت أو أخِّرَت آياتُهُ *** كي لا يَرى إعجازُهُ نُقصانا
=====
لغةٌ أتمَّ لنا القصيدُ بناءَها *** وفحولُهُ من صمَّموا البُنيانا
حتى أتى القرآنُ صرحًا شامخًا *** لم يُبصِروا في حُسنهِ إيوانا
لا السجعُ … لا الشعرُ البديعُ كآيِهِ *** عندَ الألى ما طفَّفوا الميزانا
فسبى عقولَ العارفينَ بها، وقد *** شافوا السماءَ تقبِّلُ العِمدانا
=====
لغةٌ حباها اللهِ سِحرَ بيانِها *** فعلَت على أخَواتِها تِبيانا
كم كِلمةٍ عربيَّةٍ لَو تُرجِمَت *** لغدَت لعدَّةِ أسطرٍ عُنوانا!
كم بَيتِ شعرٍ لم يزل يَشذو كخُبزٍ طازجٍ خبزتهُ أمّي الآنا
كم أغرقَت غِرًّا تفذلكَ جاهلًا *** مَوجُ المُحيطِ يُباعِدُ الشُّطآنا
=======
للحُبِّ فيها أربعونَ مُرادِفًا *** ما كلُّ صبٍّ عاشقٍ هَيمانا
فعَلامَ سادَ الكُرهُ أمَّتَنا ولَم *** تعُدِ المحبَّةُ تجمعُ الخِلّانا؟!
وإلامَ نبقى في متاهةِ خُلفِنا *** شِيَعًا وكنّا بالهُدى إخوانا؟!
للسَّيفِ ثُلثُ الألفِ من أسمائها *** فالضادُ مجَّد أهلُها الفُرسانا
لكن تثلَّمَت القلوبُ فأصبحَ البتّارُ في كفِّ الجبانِ دَوانا (*)
للَّيث ثُلثُ الألفِ من أسمائها * يَحكي الهِزَبرُ شبابَنا الشُّجعانا
لكن أسودُ الحقِّ ظُلمًا صُفِّدَت * فغدَت كلابُ عدوِّنا ذُؤبانا
=======
أناْ لا أرى في الضادِ حرفًا جامدًا *** لكن بها أتدبرُ القرآنا
فتهزُّ وجداني بلاغةُ آيهِ *** ويزيدُني فهمي لها إيمانا
لغةٌ تميَّزُ بالجذورِ فأنبتَت *** لي النخلَ والأعنابَ والرُّمّانا
أحببتُها طِفلًا سبَتهُ خطوطُها *** ومُراهِقًا فيها رأى الغزلانا
وشدَوتُ مُجتمِعًا ببكرِ قصائدي *** للقُدسِ حينَ تخضَّبَت بدِمانا
وعشِقتُها كَهلًا تبيَّنَ سحرَها *** وروَت شغافَ فؤادهِ ألحانا
من ذا الذي يَلقى الحِسانَ ولا يَرى *** فيها الجمالَ الباهرَ الفتّانا؟!
========
نَثرُ الكبارِ اللُّؤلؤُ المَنثورُ في *** فِردَوسِها وبهِ عَلا وازدانا
شِعرُ الفُحولِ عُقودُ لُؤلُئِها الذي *** بهرَ القلوبَ وحرَّكَ الوُجدانا
واللهُ كرَّمها بحِفظِ كتابِهِ *** وبها القلوبُ تُسبِّحُ الرُّحمانا
لغةٌ تعلَّمها مَلايينُ الوَرى *** وبغَيرِها يَلوي الجَهولُ لِسانا!
الظهران، 19.12.2019 جواد يونس
=============
(*) الدَّوان: السيف الذي لا يقطع.