هو أقدم مساجد مدينة الخليل في فلسطينوأبرز ما يميّزها، حيث يعتقد أتباع الديانات السماوية بأن جثمان النبي إبراهيم موجود فيه. يحيط به سور كبير يرجح أن أساساته بنيت في عصر هيرودوس الأدوي قبل حوالي الألفي عام، والشرفات الواقعة في الأعلى تعود للعصور الإسلامية.
كان الرومان قد قاموا ببناء كنيسة في المكان في فترة حكم الإمبراطور يوستنياتوس ولم تلبت أن هدمت على يد الفرس بعد أقل من مئة عام. وفي العصور الإسلامية، تم بناء سقف للحرم وقباب في العصر الأموي، وفي العصر العباسي فتح باب من الجهة الشرقية، كما عني الفاطميون به وفرشوه بالسجاد. وفي فترة الحملات الصليبية، تحول الحرم إلى كنيسة ثانية وذلك في حدود عام 1172، ولكنها عادت إلى جامع بعد دخول صلاح الدين بعد معركة حطين.
وصف الحرم الإبراهيمي
يقع الحرم الإبراهيمي جنوب شرق مدينة الخليل، ويحيط المسجد سور عظيم بسمك ثلاثة اذرع ونصف من كل جانب وعدد مداميكه من أعلى مكان وهو عند باب القلعة من جهة الغرب 15 مدماكا، وارتفاع البناء من ذات المكان عند باب القلعة جهة الغرب 26 ذراعا عند الطبلخانة (مكان دق الطبل) وعرض كل مدماك من السور نحو ذراع وثلث ذراع.
وللمسجد مئذنتان قائمتان على السور الأولى من جهة الجنوب الشرقي والثانية من جهة الشمال الغربي وهما مربعتا الشكل ترتفع كل واحدة منهما 15 مترا فوق السطح.
والمقام الذي داخل السور طوله- قبلة الشمال – من صدر المحراب عند المنبر إلى صدر المكان الذي به ضريح يغقوب –- ثمانون ذراعا ينقص يسيرا ،وعرضه– شرقا بغرب – من السور الذي به باب الدخول إلى صدر الرواثق الغربي الذي به شباك يتوصل منه إلى ضريح يوسف 41 ذراعا يزيد ثلث أو نصف ذراع.
والبناء من داخل المسجد يشتمل على بناء معقود من داخل السور وعلى نحو النصف من جهة الجنوب إلى الشمال وهو ثلاثة اكوار، الأوسط منها يرتفع عن الكورين الملاصقين له من جهة الشرق والغرب والسقف مرتفع على اربعة اسوار محكمة البناء وبصدر هذا البناء المعقود تحت الكور الأعلى يقع المحراب وبجانبه المنبر الاثري ويقابل المحراب والمنبر دكة المؤذنين وهي قائمة على عمد رخامية في غاية الحسن والجمال، والرخام على شكل دائري وهو من عمارة تنكز في عهد السلطان محمد بن قلاوون سنة 732هـ –1331م.
اما القبور بجانب السارية تجاه المنبر في المصلى الرئيسي يوجد قبر اسحاق ويقابله قير زوجته رفقة بجانب السارية الشرقية وهذا البناء له ثلاثة أبواب تنتهي إلى الساحة السماوية وتسمى صحن المسجد اما البناء الأوسط فينتهي إلى الحضرة الإبراهيمية، وهي مكان معقود والرخام مستدير على جدرانه الاربعة، وبجهته الغربية الحجرة الشريفة التي بداخلها قبر إبراهيم وفي الجهة الشرقية قبر زوجته السيدة سارة والباب الثاني خلف قبر سارة في الجهة الشرقية والباب الثالث خلف قبر إبراهيم من الجهة الغربية والى جانبه محراب المالكية ويوجد شباك يطل على مقام يوسف وباخر الساحة التي بداخلها السور السليماني من جهة الشمال ضريح يعقوب وهو بجهة الغرب حذاء قبر إبراهيم ويقابله من الشرق قبر زوجته ليقا أو لائقة.
والساحة السماوية بين مقام سيدنا إبراهيمالخليل ومقام سيدنا يعقوب –عليهما السلام- والقباب المبنية على الاضرحة المنسوبة للخليل وزوجته سارة، ويعقوب وزوجته ليقا من بناء بني امية، وقد فرشت الأرض التي بداخل السور بالبلاط السليماني.
اما المغارة فيوجد لها باب لطيف بجانب المنبر ويوجد لها سلم من حجر عدته خمس عشرة درجة.
وبظاهر السور من جهة الشرق مسجد الجاولي وهو من العجائب قطع من جبل مجوف وبني عليه السقف والقبة ويقوم هذا المسجد على اثنتي عشرة سارية قائمة في وسطه، وارضه وحيطانه وسواريه معمولة من الرخام، وعليه شبابيك حديدية في اخره من جهة الغرب وطول هذا المسجد من القبلة ثلاثون ذراعا وعرضه شرقا بغرب 25 ذراعا. وابتدئ العمل به في ربيع الاخر سنة ثمان وسبعمائة وانتهي منه سنة عشرين وسبعمائة زمن الملك محمد بن قلاوون، مكتوب على حائطه ان الذي عمره سَنجَر الجاولي من ماله الخاص.
وبجوار مصلى الجاولي المطبخ الذي تصنع فيه الدشيشة (كل طعام فيه حب مرضوض)، ولهذا المطبخ ثلاثة افران وستة احجار للطحن ويعلو هذا المكان الحواصل التي يحفظ فيها القمح والشعير ويتم تفريق الدشيشة على من يريد من الزوار والمقيمين ويصنع هذا السماط كل يوم ويفرق على 3 اوقات في أول النهار وبعد الظهر وبعد العصر ويفرق يوميا حوالي 14 الف رغيف ويبلغ أحيانا 15 الف رغيف.
وصف المسجد حديثا
البناء من الخارج وما جاوره-الوصف الاجمالي في داخل السور السليماني يوجد المصلى الرئيس والصحن المكشوف وما يحيط به من اروقة وقباب وغرف ويحد الصحن المكشوف من الجهة الجنوبية ايوان معقود والقبتان ترمزان لقبري إبراهيم الخليل وزوجته وبينهما فسحة معقودة وبجوارهما غرفة سدنة المسجد، كما توجد منارة فوق الركن الشمالي الغربي لجدار الحصن السليماني وأخرى فوق الركن الجنوبي الشرقي.
ويلاصق الجدار الشرقي للحصن من الخارج مسجد الجاولي.
ويلاصق الجدار الغربي للحصن من الخارج ابتداء من الركن الجنوبي الغربي غرفة يوسف تعلوها المدرسة المنسوبة للسلطان حسن، والغرفة ترمز للقبر، ثم السلم (الدرج) المستحدذ سنة 1950م.
ساحة المسجد الخارجية وما بها من مبان اثرية مثل برج السلطان سليمان وبقايا السور بينهما ورباط قلاوون وسبيل الطواشي وغيرها.
الوصف التفصيلي
الجدران الخارجية للمسجد وهي الحصن السليماني تكون شكلا مستطيلا مقاسه الخارجي 59.28*33.97 مترا مربعا وسمكها 2.68 مترا، وارتفاعها 16 مترا، مبنية باحجار ضخمة على هيئة مداميك، ويبلغ طول بعض احجارها نحو 7متر وارتفاعها نحو متر ونصف، وبها من الخارج صفوف واكتاف ويتوجها كورنيش وفي العصر الإسلامي زيد ارتفاعها نحو ثلاثة امتار بما فيها التحصينات، وعلى الركنين الجنوبي الشرقي والشمالي الغربي للحصن السليماني اقيمت مئذنتان مربعتا الشكل، ترتفع كل واحدة منهما 15 مترا فوق سطح المسجد، وتعودان إلى العهد المملوكي.
اما سطح المبنى داخل الحصن السليماني فيتالف من قباب واجزاء مستوية ومائلة مكسوة بالواح من الرصاص، اما سطح الجاولي وقبة يوسف والمدرسة المنسوبة للسلطان حسن فمغطاة بمربعات حجرية وتسمى المدرسة بالعنبر.
مداخل المسجد حاليا ثلاثة : الأول يقع في الجنوب الشرقي للمسجد وهو الباب الرئيسي يسلك داخله طريقا فيه درج ثم ينعطف إلى اليسار مارا تحت قنطرة ثم يصعد سبع درجات، وكان له درج طويل يبتدئ من الركن الجنوبي الغربي للحصن بدرجات هي عبارة عن انصاف دوائر إلا أن هذا الدرج والباب الرئيسي قد نسفه اليهود في 11/10/1968م. والثاني يقع في الشمال الغربي، يتوصل اليه بواسطة 32 درجة بشكل مستقيم. والثالث يقع قرب الميضأة الغربية قبل بداية درج الباب الثاني، وقد انشئ له حديثا سلم بارز متعرج للوصول إلى المدرسة المنسوبة للسلطان حين وحول أحد شبابيكها إلى باب، وهذا يتنافى وروعة وضخامة البناء ولا يتناسب مع طرارز المبنى من ناحية الفن المعماري الإسلامي، إلا أن هذا المدخل له اهميته خاصة عند ازدحام المصلين بعد الصلاة ايام الجمع، وتستخدمه النساء ايام الجمع أيضا.
وبالجهة الغربية من المسجد الإبراهيمي توجد ساحة فسيحة غير مستوية تحوي بالقرب من الركن الشمالي الغربي للحصن بقايا برج واسوارا ممتدة إلى الحصن يقابلها من الجهة الجنوبية الغربية للحصن بالقرب من رباط قلاوون برج اثري كامل له قيمته الفنية والتاريخية وعليه لوحة تذكارية باسم السلطان سليمان بن سليم وقد ازيل مؤخرا هذا البرج بالكامل، وبقايا السور التي بين الربجين أيضا، واعيد بناء جزء من البرج ملاصقا للبرج الشمالي الغربي ولكنه غير مطابق للاصل سواء من ناحية المقاييس أو الشكل أو الحجم، وثبتت عليه اللوحة التاريخية سالفة الذكر، وتحتها لوحة أخرى حديثة كتب عليها (نقلت دائرة الاثار هذا البرج من مسافة خمسين مترا من شرق مكانه الحالي 1385-1965 م).
وكان يلاصق الجدار الغربي للحصن السليماني ابتداء من الركن الجنوبي الغربي متجها إلى الركن الشمالي ميضأة حديثة وفناء مكشوف به خزان ماء يمد الميضأة بالمياه وقد ازيل مؤخرا.ثم غرفة بها قبر يوسف تعلوها القبة التي ترمز للقبر والتي بنيت في القرن العاشر زمن المقتدر بالله العباسي ثم مدرسة السلطان حين(العنبر) التي مساحتها عشرون مترا طولا وثمانية امتار عرضا ثم السلم (الدرج) الحديث البارز في الساحة الذي اتشئ سنة 1950م، الموصل إلى العنبر عن طريق الباب الذي كان شباكا.
وبالقرب من الركن الجنوبي الغربي للحصن، نوجد بقايا رباط قلاوون الذي انشئ في سنة 679هـ ويعلو الرباط طابق مستحدث.
وقد انشئت حديثا استراحة سياحية على الشارع الرئيسي (وهي بيد اليهود) في مدخل الساحة نحو عشرين مترا وبارتفاع نحو خمسة امتار والاستراحة بوصفها هذا تسد الساحة وتحجب منظر المسجد مما اساء لروعة هذا الاثر العظيم من النواحي الفنية والمعمارية والتخطيطية وان هذا يتنافى مع الغرض الأساسي الذي من اجله ازيلت المباني القديمة من حوله لتكوين الساحة واذهار روعة هذا المبنى الإسلامي.
المصلى الرئيسي
وهو عبارة عن مصلى مستطيل الشكل قياسه من الداخل 28,45 *21,80 متر مربع يتكون من ثلاثة اروقة، اوسطها أكبرها واعلاها، ويوجد بالجزء المرتفع منه شبابيك جصية، وأخرى من شرائح الزجاج الشفاف وبه شرفة ذات سياج معدني محمولة على قضبان من الحديد ومعلق على السياج لافتات مكتوب بها الأسماء التالية: الله، محمد، أبو بكر، عمر، عمر، عثمان، علي، حسن، حسين، وعقود هذه الاروقة قائمة على اربع دعامات ضخمة كل منها عبارة عن اكتاف، وعمد وانصاف عمد يعلوها تيجان وترتكز جهة الحوائط الرئيسية على اجزاء من هذه الدعامات أو على (كوابيل) دعامات كالاوتاد مثبتة في الجدران.
والدعامات مؤزرة باشرطة رخامية ملونة طبيعيا أو مطلية تقليدا للرخام كما أن الجدران مؤزرة برخام ما بين الواح منقوش واشرطة ملونة، وقد تلف رخام بعض هذه الأماكن، فاستعيض احجارا أو طلاء ممزوجا بالوان الزيت بدل الرخام التالف.
وملصق بالركن الشرقي من المصلى لوحتان احداهما باللغة اليونانية نصها يدل على اسم زائر يطلب البركة والغفران، والأخرى باللغة العربية بخط الثلث تتضمن تاريخ عمل هذا الرخام ايام الناصر محمد بن قلاوون في سنة 732هـ –1332م. ويعلو الوزرة طراز من الرخام مكتوب به ايات من القران الكريم هي سورة يسن وتبدأ من فوق المحراب وتنتهي علىيساره بقلم الخطاط إبراهيم العنتي سنة 1313هـ – 1895 م.
والحوائط والدعامات كافة مبيضة أعلى الوزرات ومدهونة بدهان الزيت والاسقف عبارة عن عقود متقاطعة بشكل مصلبات محمولة على اقواس ترتكز على الدعامات والجدران وجميعها مبيضة ومدهونة ومزخرفة بدهان الزيت.
وبصدر المصلى في الجدار السليماني محراب مجوف مكسو بالرخام الملون وسقفه مكسو بالرخام الملون وسقفه مكسو بالفسيفساء المذهب والملون عقد المحراب ملبس بالرخام الأبيض والاسود على شكل دوائر متداخلة واشرطة ويحيط به من اعلاه وجانبيه طراز من الرخام الدقيق النقش المطعم بالصدف ويعلو ذلك كتابة فوق الوزرة وعلى جانبي المحراب عمودان من الرخام يحملان عقده.
وفوق مدخل المغارة بجوار دكة المبلغ (المؤذن) قبة صغيرة محمولة على اربعة اعمدة رخامية وفوق مدخلها الثاني المجاور للمنبر قاعدة قبة صغيرة محمولة على اربعة اعمدة رخامية اما المهبط الثالث للغار فيظن وجوده بجوار الغرفة الرمزية لقبر لائقة بالجهة الغربية منها ومغطى ببلاطة مستوية مع سطح الأرضية أو البلاط وقيل: شمال مقام رفقة.
وبالجدار الشمالي للمصلى الرئيسي ثلاثة أبواب :
احدها: بالطرف الشرقي يوصل إلى رواق به الباب الرئيس للمسجد، والثاني : يواجه المحراب إلى رواق بين القبتين الرمزيتين لقبر الخليل وزوجته سارة، والثالث : بالطرف الغربي ويوصل إلى مصلى المالكية.
ويدخل النور إلى المصلى الرئيسي من اربعة شبابيك جصية واربع من شرائح الزجاج الشفاف العلوية في الرواق الأوسط بالإضافة إلى شباكين بالجدار الشمالي من شرائح الزجاج الشفاف. وقوم على يمين المحراب منبر خشبي، هو المنبر الفاطمي الذي امر بصناعته بدر الجمالي لمشهد راس الامام حسن بمدينة عسقلان ونقله صلاح الدين الايوبي إلى مكانه الحالي وهو من التحف النادرة بدقة الحفر والكتابة الكوفية وعليه تاريخ عمله سنة 484 هـ (1091م)
وعلى جانبي الرواق الأوسط بين الدعامات، وعلى مقربة من المحراب توجد حجرتان من مباني الحجر المهون بدهان الزيت من الخارج والمبيضة من الداخل، وهما مستطيلتا الشكل ذواتا سقف (جمالوني) وبداخل كل منهما مشهد من الرخام رمزا لقبر كل منهما وعلى المشهدين ايات من القران الكريم واسم الامر بعملهما الناصر محمد بن قلاوون ولكل غرفة باب خشبي وشباكان نحاسيان باشكال هندسية مكتوب عليهما ” هذا قبر النبي اسحاق عليه السلام” و”هذا قبر سيدتنا رفقة رضي الله عنها – زوجة النبي اسحاق “، وعلى الباب اسم صانعه الحاج عبد اللطيف سنة 1200هـ.
وتوجد بمؤخرة المصلى دكة المبلغ (المؤذن) وهي من الرخام محمولة على ستة اعمدة رخامية ولها درابزين من الحديد ويصعد إليها بسلم حديدي حلزوني.
مصلى المالكية
يقع هذا المصلى شمال غرب المصلى الرئيسي وهو رواق مستطيل الشكل سقفه معقود على شكل مصلبات، جدرانه وسقفه مبيضة، وفي صدره محراب مزين بالقاشاني وباب(بالزاوية الناجمة من بروز مثمن قاعدة قبة الخليل) موصل إلى المصلى الرئيسي وبمؤخرته باب موصل إلى المدرسة المنسوبة للسلطان حسن، وباب موصل إلى المئذنة وفي وسطه باب للغرفة الرمزية لقبر يوسف، ويوجد بينه وبين الفناء المكشوف عقدان كبيران، في كل منهما شباك حديث من الزجاج له اطار خشبي وبسقف هذا المصلى توجد فتحتان يغطي كلا منهما قبو صغير اصم لا فائدة منه، وهذا المصلى خصص للنساء في السابق وما زال.
مصلى الجاولي
وهو مصلى مكون من ثلاثة اروقة معقودة على شكل مصلبات تحملها دعامات مربعة الشكل، ولها قبة حجرية في رقبتها شبابيك صغيرة ذات مصراع فيه زجاج، وبعض جدرانها الخارجية من الصخر الطبيعي، وبينها وبين الممر الذي يفصلها عن السور السليماني دعامات من الحجر حاملة للعقود وقد نحت محراب المصلى في الصخر وكسي تجويفه وعقده بالرخام.
وقد اقتطع من مؤخرة المسجد مصلى للنساء بجدار حديث الا انه ازيل في الستينات لأسباب مختلفة وقد عليت ارضية المؤخرة ثلاث درجات، وتصلي النساء اليوم في مصلى المالكية كذلك فان الجدران والدعامات وبطنان المصلبات والقبة مبيضة، واما جدران الحصن من جهة الممر فهي مؤزرة بالرخام الذي ينتهي من أعلى بطراز مكتوب فيه ايات من القران الكريم ومدخل الممر من جهة المدخل الرئيسي مكون من بابين تفصلهما فسحة مستطيلة ويكتنف كلا منهما شباكان، ويعلوه مصراع نصف دائري وطليت الجدران بالجير ويعلو بعض اجزائها طراز من الرخام مكتوب به اسم الناصر محمد بن قلاوون، وتاريخ إنشاء الجاولي سنة 720هـ (1320م)، تعلوها لوحة باللغة التركية سنة 1062هـ 1652م.
القباب والاروقة
في المسجد عدة قباب قائمة على الاضرحة الشريفة وغرف احببنا ان نسير بوصفها من الجنوب إلى الغرب، فعند الباب الأوسط للمصلى توجد قبة الخليل بقاعدة مثمنة الشكل، وهي مبنية من الحجر وجدرانها مؤزرة بالرخام يعلوه طراز مكتوب عليه من القران الكريم من سورة البقرة وعلى عتبة الباب من الداخل كتابة تدل على ان المنصور قلاوون هو الذي ازرها بالرخام، وباقي الجدران والقبة مبيضة ومدهونة بدهان الزيت المنقوش، ويتوسط القبة التركيبية الرمزية للمقام وهي من الخشب وتستمد اضاءتها من شباك مطل على رواق الصحن المكشوف، كما أن لها شباكين مطلين على مصلى المالكية.
وقبة سارة مماثلة لقبة الخليل تماما الا انها مسدسة الشكل، وخالية من الوزرات الرخامية التي تشبه المداميك ولا كتابة فيها ويتوسطها التركيبة الرمزية للمقام وتستمد هذه القبة الاضاءة من شباك واحد مطل على فناء المدخل الرئيسي للمسجد الإبراهيمي.
والساحة بين القبتين مستطيلة الشكل، وجدرانها مؤزرة بالرخام ويعلو هذا الرخام طراز من الرخام الدقيق المطعم بالصدف على جدران قبة الخليل، ومن الخورنقات فوق مدخل المصلى الرئيسي، ثم اكمل بكتابات على بلاطات من القاشاني فوق جدار قبة سارة وهذا نص ما كتب عليها من ايات القران الكريم:” بسم الله الرحمن الرحيم ان إبراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين…”.
والجزء الذي فوق الباب المؤدي للرواق المكشوف خال من الرخام والقاشاني وبكل ركن عمود من الرخام ويعلو هذا الطراز اخر من الرخام مكتوب عليه ايات من القران الكريم، من سورة ص هذا نصها: ” بسم الله الرحمن الرحيم. واذكر عبادنا إبراهيم واسحاق ويعقوب اولي الايدي والابصار، انا اخلصناهم بخالصة ذكرى الدار، وانهم عندنا لمن المصطفين الاخيار، واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الاخيار، هذا ذكر وأن للمتقين لحسن مآب، جنات عدن مفتحة لهم الأبواب متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب وعندهم قاصرات الطرف أتراب، هذا ما توعدون ليوم الحساب، ان هذا لرزقنا ما له من نفاد، هذا وان للطاغين لشر مآب، جهنم يصلونها فبئس المهاد، هذا فليذوقوه حميم وغساق“. ويليها ايات من سورة ال عمران هذا نصها:” مقام إبراهيم، ومن دخله كان امنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين“.
وباقي الجدران والسقف العقود بشكل مصلبات مبيض ومدهون بدهان الزيت وبالساحة يوجد مدخلا القبتين والمدخل الأوسط للمصلى الرئيسي يقابله الباب الموصل لرواق الصحن المكشوف يعلوه شباك جصي.
ويوجد رواق امام قبتي الخليل ابراههيم وزوجته سارة على الصحن المكشوف. وهو عبارة عن رواق ذي سقف معقود بشكل مصلبات غير منظم. ويفصله عن السقف المكشوف دعامات وعقود بها اقواس من الحجر منها دعامتان متماثلتان والدعامة الثالثة اصغر منهما، واجزاء من جدران مؤزرة بالرخام وبقية الاجزاء مؤزرة ببياض مدهون بدهان الزيت تقليدا للرخام وكذلك الدعامات مبيضة والجزء العلوي من الجدران والسقف، وباخر الرواق عند قبة الخليل يوجد سبيل عليها لوحة مؤرخة في سنة 1102هـ (1690م) وبعد الخروج من المصلى الرئيسي وعند الباب الضيق توجد الساحة السماوية وهي عبارة عن ” صحن مكشوف مستطيل الشكل ضلعه الشرقي جدار للحصن السليماني وبه سلم يوصل إلى غرفة المكتبة.
وفي اخر الساحة السماوية من جهة الشمال الغربي ضريح يعقوب وهو مقابل لقبر إبراهيم من ناحية الشمال ويقابله من الشرق قبر زوجته السيدة لائقة.
وقبة يعقوب مثمنة الشكل، جدرانها مؤزرة بالرخام الملون يعلوها طراز مكتوب عليه آيات من القرآن، وعلى عتبة الباب من الداخل كتابة تفيد ان الناصر محمد بن قلاوون امر بعمل هذا الطراز سنة 1377 هـ وباقي الجدران والقبة مبيضة ومدهونة بدهان الزيت المزخرف، وتتوسط القبة التركيبية الرمزية للمقام وتستمد القبة اضاءتها من شباك مطل على الفناء المكشوف، ومن شباك اخر مطل على مصلى المالكية.
وقبة لائقة مماثلة تماما لقبة يعقوب إلا أن قاعدتها مسدسة وخالية من الوزرات الرخامية وليس بها شبابيك ويتوسطها التركيبية الرمزية للمقام.
والساحة بين القبتين مستطيلة الشكل ذات سقف معقود بشكل مصلبات وسقفها وجميع جدرانها مبيضة ومدهونة بدهان الزيت المزخرف ليس لها شبابيك بل لها باب على الصحن المكشوف وبابا القبتين وكذلك بابان لغرفة السدنة كما أن بالجزء العلوي من جدارها الغربي بعض الطاقات الصغيرة بها جامات غير مناسبة.
ويوجد في هذا الجزء غرف تستعمل لسدنة المسجد ومخازن وجميع جدرانها واسقفها مدهونة وليس لها أي شباك.
وفتح بالحائط الغربي للحصن السليماني بمصلى المالكية بابان يوصلان إلى خارج الحصن احدهما يؤدي إلى غرفة القبة الرمزية لقبر يوسف والاخر امام المنارة يؤدي إلى العنبر (مدرسة السلطان حسن)، وتحتها يوجد ممر معقود في نهايته غرفة قبر يوسف.
والغرفة الرمزية لقبر يوسف غرفة صغيرة مستطيلة الشكل مؤزرة بالرخام وباقي جدرانها وقبتها مبيضة وعليها نقوش بالدهان وتتوسطها التركيبية الرمزية لمقام يوسف ولها شباك يطل على الساحة.
اما المدرسة المنسوبة للسلطان حسن فهي مستطيلة الشكل وسقفها معقود على شكل مصلبات وسقفها وجدرانها فيما عدا اجزاء الحصن مطلية بالشيد ولها شباكان على الساحة الخارجية وثالث في الشمال الغربي حول إلى باب عند إنشاء السلم المستحدث.
ويطلق عليها اليوم العنبر الكبير وهناك غرفة على شمال الداخل من البابا الذي يطل السلم المستحدث يطلق عليه العنبر الصغير، وكانت المدرسة في السابق تسمى القلعة. والعنبر الكبير اليوم هو مخصص لعبادة اليهود فقط بعد أن استولوا عليه غصبا. وجعلوه مدرسة دينية بتاريخ 2/11/1983م.
ويوجد تحت هذه المدرسة ممر معقود ضيق، يوصل إلى غرفة يعقوب وبابا الوصول إلى هذا الممر على يمين الداخل إلى المدخل الثاني وحوائط واسقف هذا الممر وغرفة القبر مبيضة وبالغرفة باب اخر يطل على الفناء المكشوف.
وصف الغار الشريف
اشترى إبراهيم الغار من عفرون بن صوحار الحثي باربعمائة درهم ليدفن زوجته السيدة سارة، ثم توفي إبراهيم فدفن بحذائها من جهة الغرب، ثم توفيت رفقة زوجة اسحاق فدفنت بحذاء سارة من جهة القبلة ثم توفي اسحاق فدفن بحذاء زوجته من جهة الغرب، ثم توفي يعقوب فدفن عند بابا المغارة وهو بحذاء قبر إبراهيم من جهة الشمال. ثم توفيت زوجته لائقة فدفنت بحذائه من جهة الشرق، ثم وضع أولاد يعقوب حائطا حول المغارة ووضعوا علامات القبور في كل موضع، وكتبوا على كل قبر اسم صاحبه واغلقوا بابها ثم بني السور العظيم الموجود حاليا والمشسهور بالسور أو الحير السليماني، وبنى المسلمون بعد ذلك مسجدا فوق الغار.
وللغار اليوم فتحة مغلقة بالباطون واقعة على شمال المنبر داخل المصلى الرئيسي وبين فتحة الغار من الداخل ودرج الغار مسافة بارتفاع متر ونصف ويعد درجه بخمس عشرة درجة تنتهي بسرداب منظم عرضه حوالي سبعين سنتمترا وارتفاعه حوالي ثمانين سنتمترا وطوله عشرون مترا ويقع على جانبيه باقي قاعات الغار السفلية وفي اتجاه الشمال بانحناء شديد ينتهي إلى الغرفة التي تقع تحت فتحة باب الغار، وهو المنزل الثاني الذي تسرج فيه القناديل، والواقع بجانب سدة المؤذنين، ويظن ان هناك منزلا ثالثا يقع غربي مقام السيدة لائقة، وهو مغطى ببلاطة مستوية مع الأرضية، اما فتحة المنزل الثاني فهي مستديرة في أعلى ارضية المسجد على شكل باب بئر، القسم العلوي منه عليه بلاطة رخامية قطرها ثمانية وعشرون سنتمترا واما القسم السفلي فقطره مماثل للعلوي وسمك الصخرة تحت الفتحة متر تقريبا. وتقدر مساحة هذه الغرفة التي تحت الفتحة بثلاثة امتار في ثلاثة امتار تقريبا وارتفاع سقفها حوالي خمسة امتار وارض الغرفة يغطيها بلاط حجري وجدرانها مطلية بالشيد وارتفاع جدرانها متر ونصف تقريبا بشكل مستقيم، ثم بعد ذلك تبدا بالتحدب ويوجد جدران طويلان بني عليهما قوس من الحجارة.
وقرب أعلى ارتفاع للسقف توجد الفتحة الموجودة فيه، والتي تسرج فيها القناديل وفي الزاوية القبلية منها محراب من الطراز المملوكي يحتوي على مقرنصات اتلف جزء منها بفعل التخريب، وعلى أرض الغرفة حجارة منتظمة الاشكال ملقاة بشكل عشوائي، وهناك بلاطة رخامية كسرت حديثا بفعل التخريب قياسها مائة وعشرون سنتمترا في ستين سنتمترا مكتوب عليها بالخط الكوفي المشجر”لا تاخذه سنة ولا نوم له ما في “.. وقطعة حجرية مكتوب عليها باللغة الالتينية(abraham) وترتفع ارضية هذه الغرفة عن مستوى السرداب حوالي 30-40 سم.
وفي ملتقى نهاية السرداب مع الغرفة توجد فتحة تنتهي إلى نفق طوله متران ونصف تقريبا، وارتفاعه مع التراب الذي طمره حديثا حوالي مائة وعشرين سنتمترا وهناك حفر حديث في جوانبه وجدرانه التي هي من الصخر الناري السهل الحفر ،/ وسقف هذا النفق من حجارة اللاط وينتهي بفتحة ضيقة صغيرة ينزل إليها حبوا وتفضي إلى نفق اخر قد طمر بالتراب حديثا وطول هذا النفق 3 امتار يتعذر الحبو في نهايته بسبب تراكم التراب.. وجداره الايسر قد ليط بالشيد وحالته رطبة وهناك قاعات أخرى للغار منع التراب الذي طمرها من الدخول إليها ومعرفة وضعها..
وفي السرداب الممتد من مكان النزول بجانب المنبر إلى غرفة الغار التي تشعل فيها قناديل الزيت بجانب السدة، وعلى بعد 4 امتار وسبعة سنتمترات في نهاية السرداب وفي ناحية الغرفة توجد على الجانبين فرزتان مغلقتان يظن انهما بابان يؤديان إلى اضرحة الانبياء وزوجاتهم تحت الردم. وعلى أحد الحجارة التي سقطت نتيجة التخريب شكل مستدير في وسطه وعلى جوانبه الاربعة فرزات بيضاوية تشكل في مجموعها علامة(*).
وفي النصبة الثانية بعد ازالة البطانة المتداعية للسقوط وجدت ذات العلامة والشكل في وسطها، وبجانبها مكتوب بالاحرف اللاتينية(JACOB).
تكية سيدنا إبراهيم
منذ حوالي الف عام انشئت في عهد الفاطميينتكية إبراهيم بجانب المسجد الإبراهيمي الشريف، وتكونت انذاك من مطبخ ومستودعات الحبوب والمواد الغذائية، فرن، ومدرس. وقد رصدت الاموال والمخصصات السنوية اللازمة لاستمرار عمل التكية، فوقف الملوك والسلاطين والامراء وقواد الجيش، المدن والقرى والعقارات الكثيرة على المسجد الشريف والتكية، وقد حررت هذه الوقوف وحفظت في صندوق العمل المحفوظ حتى الآن في مقام يوسف، وكان ريع هذه الوقوف يصل من مصادره المتعددة من مصر والشام وشرق الأردن، ومن أنحاء فلسطين ووقوف خليل الرحمن في الخليل.
وقد كانت التكية بجوار المسجد الجاولي من جهة القبلة وكان يصنع بها الدشيشة (حساء) للوافدين على المدينة ولاهلها وتوزع على ثلاثة اوقات : بكرة النهار وبعد الظهر وبعد العصر.ويدق طبل عند التوزيع في المرة الثالثة يعد العصر في كل يوم.والاصل في هذا ان إبراهيم كان لما تاتيه الضيوف ويضع لهم الطعام يكونون متفرقين في النازل التي انزلهم فيها، وعندما يقصد اطعامهم يدق لهم طبلا ليعلموا انه قد هيء لهم الطعام فصار هذا الامر سنة من بعدهوقرب المسجد الذي تدق عنده الطبلخانة (المكان الذي تصنع فيه خبز السماط من الافران والطواحين) يعلو هذا المكان الحواصل التي يوضع فيها القمح والشعير. ومقدار ما يعمل فيه من الخبز كل يوم 14 الف رغيف ويبلغ 15 الف رغيف في بعض الاوقات.
وقد تحدث عن التكية العديد من السياح والرحالة منهم السائح الفارسي ناصر خسرووابن فضل العمري وابن بطوطة.. وغيرهم.
وقد ازيلت التكية وملحقاتها سنة 1964 ضمن مشروع ازالة الابنية من حول المسجد ونقلت بعد ذلك إلى مكان مؤقت بجانب بركة السلطان في المدينة. وفي بداية 1983 قامت الاوقاف بإنشاء مبنى جديد للتكية بجانب الحرم من الجهة الشمالية وابتدا العمل فيها في سنة 1984 وتم تجهيز وتزويد هذا المبنى بكل ما يلزم التكية ويريح الوافدين ويتم الطبخ على الغاز ولها اربعة موظفين أثناء الفترة الصباحية للتنظيف والتجهيز واثنان في فترة الظهيرة للاطعام والتوزيع.