اقلام حرة
كوكب الشرق لقب فازت به ام كلثوم في حيفا
«كوكب الشرق»… لقب فازت به أم كلثوم في حيفا
فلسطينيون يستذكرونها في ذكرى رحيلها
,
: يستذكر مثقفون فلسطينيون أم كلثوم في ذكرى رحيلها الواحدة والأربعين، التي صادفت أمس للإشادة بموروثها الفني الفريد لا سيما أنها خصت فلسطين بقصائد عدة. كما يبدو فإن هؤلاء يستذكرون بأحاديث لـ «القدس العربي» «الست» للتدليل أيضا على ازدهار الحياة الثقافية في مدن فلسطين في فترة الإنتداب، خاصة القدس ويافا وحيفا المدينة، التي عادت من زيارتها بلقب «كوكب الشرق».
ولدت أم كلثوم علم 1898 في قرية «طماي الزهايرة»، وأسماها والدها إبراهيم البلتاجي «أم كلثوم»، تيمنا بابنة النبي محمد، وكانت في بداياتها تنتحل شخصية فتى في الاحتفاليات بسبب حساسيات المجتمع المحافظ وقتها.
وتوضح الفنانة الفلسطينية أمل مرقس أن الفنانة العملاقة رحلت في الثالث من شباط/ فبراير 1975 مريضة، لكنها خالدة بموروث فني زاخر كله «عظمة على عظمة»، كما جاء على لسان رجل مصري طار طربا في أغنيتها «إسال روحك».
وتقول مرقس إنها تحتفي بها وبذكراها وبمن كتب ولحن لها شعرا ولحنا عاش معها. وتتابع « في ذكراها أمس لم تتوقف أغانيها منذ بداية اليوم في أرجاء البيت، ودائماً كنت أقول في سري: كيف يغيب الجسد ويبقى الصوت.. اللحن.. الكلمة.. كم هي كريمة في الغناء تعطي ذاتها تغني بحواسها كاملة، ومن القلب والجوارح». وتوضح أنها لا تعرف أي أغنيه أقرب لقلبها أكثر، فهي تصغي لها باذن المغنية وليس فقط المستمعة».
وتستذكر مرقس أن أم كلثوم دائمة الحضور في بيتها وتشير أن ابنها فراس يعزف أغانيها على القانون، وتردد أغانيها في المركبة والسيارة وتحفظها عن ظهر قلب. وتشير إلى أن أم كلثوم حاضرة في الأحاديث الموسيقية في بيتها من ناحية المغنى، اللحن النقلات الموسيقية، الصولوهات الإرتجالات، الشعر العربي ومعانيه.
والأهم برأيها أن تزين أغانيها سهراتها العائلية بغناء جماعي لكل الضيوف ويتم تجديد إرثها الثقافي الغنائي الموسيقي الكبير.
وتضيف «ساقية حب وأغان» تمنح الحياة لكل لحن وكلمة.. ولا زالت تُشجينا وتولد في قلوب واذهان الأجيال الشابة»، وبرأيها مؤثر ما قاله الشاعر أحمد رامي في رثائه لمُلهمَته أم كلثوم :
ما جال في خاطري أنّي سأرثـيها
بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها
قد كنتُ أسـمعها تشدو فتُطربني
واليومَ أسـمعني أبكي وأبكيها
وكانت أم كلثوم قد زارت فلسطين مرات عدة قبل نكبتها وأحيت حفلات في مدنها، وقد قدِمت بلقب «بلبلة الشرق والأقطار العربية» لتعود منها بلقب جديد «كوكب الشرق»، بعدما غنت القصائد لها وتبرعت لدعم قضيتها.
ويشير المؤرخ مصطفى كبها إلى أن فلسطين استقرت في قلب أم كلثوم وغنت لها أغاني ثورية، منها «أصبح عندي الآن بندقية.. «إلى فلسطين خذوني معكم» و»راجعين بقوة السلاح» و»ثوار» و»إنا فدائيون» وغيرها.
ويعتقد كبها أن كوكب الشرق زارت المدن الفلسطينية باعتبارها حاضرات ثقافية أولا، وثانيا لأنها انتصفت الطريق لسوريا والعراق ولبنان، علاوة على حبها لفلسطين التي نعتتها «بقلب العروبة وضميرها».
وقبل نكبة فلسطين أحيت أم كلثوم حفلات عدة فيها، حيث كانت يافا محطتها الأولى بعدما وصلت ميناءها في سفينتها الخاصة، فأحيت حفلة ساهرة في قاعة «أبولو»، التي ازدانت واجهتها المركزية بتمثال لها.
وينقل المؤرخ كبها عن والده الذي حضر واحدة من حفلاتها في يافا أن آلاف الفلاحين قدموا إلى المدينة من الأرياف وانتظروا في العراء وعلى الأرصفة قبل يومين من وصولها.
ويستدل من مراجعة بعض أعداد صحيفة «فلسطين» في أرشيف جامعة حيفا ما يعزز أقوال كبها بأن يافا استعدت طيلة أسبوع لاستقبال كوكب الشرق.
ويتضح أن نقابة البحارين هي من نظمت زيارتها مقابل مائتي ليرة لقاء كل حفلة. واستنادا إلى الأرشيف، نشرت صحف فلسطينية في فترة الانتداب إعلانا احتفاليا بعنوان «أعياد الطرب والسرور في مدن فلسطين العامرة بتشريف المطربة الفنانة بلبلة الشرق والأقطار العربية».
ويوضح الباحث سامي أبو شحادة – ابن مدينة يافا- أن زيارة أم كلثوم للمدينة كانت طبيعية جدا، نظرا إلى القرب الجغرافي وكونها ممرا إلى بلدان أخرى. ويقول إن زيارات أم كلثوم ليافا أتت في سياق زيارات الكثير من الفنانين والمثقفين أمثال طه حسين ومحمد الجواهري ويوسف وهبي وعبد الوهاب، بصفتها مركزا ثقافيا في تلك الفترة.
ويشير إلى رغبة المثقفين العرب في الحصول على نوع من الإعتراف بهم عبر زيارتهم لمركز ثقافي كبير مثل «عروس البحر».
ومثل يافا، أحيت أم كلثوم حفلات في القدس وحيفا عامي 1931 و1935، وعبّر الجمهور الفلسطيني وقتذاك عن الحماس الكبير للفنانة القادمة من مصر. وتصف صحيفة «الكرمل» حالة انفعال ألمت بحيفا عند زيارة أم كلثوم لها، إذ قالت إن أحد المواطنين باع حملة من الطحين اقتناها لبيته كي يتمكن من المشاركة في الحفلة. وحسب الأديب الفلسطيني حنا أبو حنا فإن أم كلثوم حازت على لقبها البارز أثناء تقديمها حفلة داخل مقهى الشرق» في مدينته. ويضيف أن إحدى المشاركات بالحفل سيدة من «طيرة الكرمل» تدعى «أم فؤاد» انتابتها مشاعر النشوة عندما غنت أم كلثوم «أفديه إن حفظ الهوى»، فصرخت المشاركة وهي تقول: «أم كلثوم أنت كوكب الشرق».
يشار إلى أن سليم نسيب كاتب سيرة أم كلثوم يقرّ بأنها حظيت باللقب في مدينة حيفا، لكنه لا يقدم تفاصيل أكثر.