الرئيسيةبارعات العالم العربيمقالاتمنظمة همسة سماء

تقرير نقدي مفصل عن كتاب “ولع السباحة في عين الأسد” للكاتب حسن إبراهيمي

الدكتورة فاطمة ابوواصل اغبارية

أتقدم بخالص الشكر والامتنان للأستاذ الكاتب حسن إبراهيمي على إهدائه نسخة من كتابه القيّم “ولع السباحة  في عين الأسد”. إن هذا الكتاب يمثل إضافة قيمة إلى المكتبة الثقافية والمعرفية، حيث يعكس رؤية فريدة وجادة حول موضوع السياحة في منطقة عين الأسد.

إن هذا العطاء الكريم يعبر عن حرص الكاتب على نشر المعرفة وتعميق الفهم في هذا المجال الحيوي، وأتطلع إلى دراسة محتويات الكتاب وتحليلها بما يليق بمكانته العلمية والأدبية.

أكرر شكري الجزيل للأستاذ إبراهيمي، متمنياً له دوام التوفيق والنجاح في مسيرته الأدبية والثقافية

الدكتورة فاطمة أبوواصل اغبارية

مقدمة

يُعدُّ كتاب “ولع السباحة في عين الأسد” عملًا إبداعيًا يجمع بين الشعر والسرد والنثر التعبيري، ليُقدم تجربة فريدة عن علاقة الإنسان بمكانه، وبالأخص قرية عين الأسد. هذه العلاقة تمثل شغفًا وولعًا بالذاكرة والمكان في آن واحد، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التي أصابت القرية ومحيطها. من خلال لغة شاعرية وأسلوب مكثف بالصور والرموز، يرسم الكاتب صورة مركبة لما يمكن أن نسميه “سياحة داخلية” تحمل أبعادًا وجدانية وفلسفية.

المحور الموضوعي

ينطلق الكتاب من محور أساسي: السباحة ليست فقط رحلة فيزيائية بل رحلة روحية ونفسية في أروقة الذاكرة والهوية. “عين الأسد” هنا ليست مجرد مكان جغرافي، بل فضاء للذاكرة الجماعية، متحف حي للألم والكرامة والمقاومة. يتجلى ذلك في الرموز المتكررة مثل “المرأة التي تنسج العزة” و”وشم على قبر الضحي” والتي تعكس صراعات الهوية والتمسك بالأرض في مواجهة الطمس والاحتلال.

التحليل الأسلوبي والفني

يتميز النص بلغة شاعرية مكثفة، توظف التراكيب البلاغية والرمزية لخلق أجواء نصية مشحونة بالعاطفة والتأمل. المشاهد اللغوية مثل:

  • “امرأة تنسج العزة”
  • “تجرع لحظة الموت”
  • “انتفاضة أعشاب البحر”

تعكس قدرة النص على تحويل الصور العادية إلى رموز ذات دلالات متعددة، توحد بين الذات الفردية والهوية الجماعية. الأسلوب متقن في نسجه بين النثر والشعر، مما يعطي العمل عمقًا ويثري تجربة القارئ.

البناء النصي والرمزية

يبني الكتاب نصه عبر تكرار رموز الموت، الألم، الذاكرة، والتمرد، كأنها طبقات من الوعي والمصير. هذا البناء يعكس محاولة النص استدعاء الماضي، مواجهة الحاضر، والتطلع إلى المستقبل المجهول.

الرموز مثل “وشم على قبر الضحي” تحمل دلالة على استمرار الألم والتاريخ المشوه الذي لا يندثر رغم محاولات الطمس، بينما “انتفاضة أعشاب البحر” ترمز إلى التجدد والتمرد على الواقع الصعب.

الموضوعات الأساسية

  1. المقاومة والكرامة: تتجلى في وصف الشخصيات والفضاءات التي تنسج صمودها رغم المآسي.
  2. الذاكرة والتاريخ: يحاول النص توثيق الأحداث والقصص التي شكلت هوية القرية وسكانها.
  3. الألم والموت: حضور الموت بصورة متكررة يعكس حجم المعاناة.
  4. التمرد والتغيير: رموز مثل أعشاب البحر المنتفضة تشير إلى الحراك الداخلي والرغبة في التحرر.

دلالات السباحة

السياحة في هذا النص ليست فقط استكشافًا جغرافيًا، بل هي عملية استرجاع للذاكرة واستعادة للهوية، وأداة للتصالح مع الجرح التاريخي. هي ولع يعكس رغبة عميقة في التمسك بالمكان مهما طال الغياب، وفي مواجهة التاريخ بكل آلامه.

التقييم والنقد

  • الإيجابيات:
    • أسلوب لغوي مميز يجمع بين الإبداع الشعري والسردي.
    • عمق رمزي يثري النص ويجعله مادة خصبة للتأمل.
    • توظيف جيد للذاكرة والهوية كموضوعات محورية.
  • النقاط التي يمكن تطويرها:

    • قد يحتاج النص إلى توضيح بعض الرموز التي قد تكون غامضة للقارئ العادي.
    • التنويع في البناء السردي يمكن أن يعزز من إيقاع النص ويزيد من جاذبيته.
    • تضمين خلفية تاريخية أو اجتماعية أوسع قد يساعد القارئ على فهم السياق بشكل أفضل.

الخاتمة

يُقدم كتاب “ولع السباحة  في عين الأسد” تجربة أدبية وإنسانية عميقة، تعكس تعقيدات العلاقة بين الإنسان ومكانه في ظل الصراعات والتغيرات. هو نص يحمل شغف العودة، ورفض النسيان، وتأكيد على أن السباحة  ليست مجرد مشاهد بل رحلة في الذات والتاريخ. يظل الكتاب دعوة مفتوحة للتأمل في الجذور، وفي كيف يمكن للمكان أن يشكل جزءًا من هويتنا وذاكرتنا الجماعية

الدكتورة فاطمة ابوواصل اغبارية

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق