يحل علينا عيد الميلاد المجيد هذه السنة بأجواء حزينة ومؤلمه جراء الحرب المدمرة , واستغل هذه المناسبة لأقول لكل اهلنا المسحيين في بلادنا , كل عام وانتم بألف خير , وعندما نستذكر السيد المسيح عليه السلام في ذكرى يوم ولادته ، فإننا نستحضر أيضاً تلك السيدة الطّاهرة البتول مريم عليها السلام ,الّتي طهرها الله واصطفاها على نساء العالمين ، وانزل الله تكريما لها سورة مريم في القرءان الكريم : ” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ” (سورة مريم :آيه 42 ) وأرادها الله أن تكون أمّاً للمسيح , عيسى ابن مريم عليه السلام ، وأن تكون نموذجاً وقدوة للنّاس جميعاً ، فالبشارة الّتي تلقّتها بالسيد المسيح ، تتصل بالدّور الكبير الذي أُريد لهذه المرأة الطّاهرة أن تؤدّيه ، لتقدّم للبشرية النبيّ المعجزة ، والنبيّ المبارك والنافع للنّاس ، والّذي لم يمثّل المعجزة فقط على مستوى الولادة بل على مستوى شفاء النّاس وإعادتهم إلى الحياة بإذن الله ، بل مثّل المعجزة في بدايات مسيرته أيضاً ، منذ كان طفلاً يُدافع عن أمّه في مواجهة الآخرين , قال تعالى في القرآن الكريم : ” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ” [مريم: 30-33].وقال النبي محمد صل الله عليه وسلم : “أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة ، والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد “
وما أحوجنا في هذه الايام المباركة أيام مولد نبي المحبة ان نصلي لله ان يوقف الحرب في غزه والجنوب اللبناني,وان يخلص مجتمعنا من العنف المستشري فيه وان يخلص العالم من اشراره واستبدال القتل والعنف والتعصب بالمحبة والسلام والتسامح , والمطالبة بالعيش المشترك بين جميع اتباع الديانات في جميع شعوب العالم , وتقبل الآخر واحترام عقائد الاخرين , واحترام الجيران , والابتعاد عن الشر والأذى للآخرين , وإلى استلهام أسلوب سيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام في العمل ، وتنقية القلوب والتسامح ، وتهذيب النّفوس ، وحل المشاكل بالحكمة والتروي والمحبّة ّ وترك الأساليب القاسية والجارحة ، واعتماد أسلوب التسامح في الخطاب والتعامل ، كخطوة أولى لاستئصال الشرّ من العالم .ما احوجنا هذه الأيام ان نصلي لله جميعا ان يرفع عنا البلاء وشرور الحرب .
كل عام وانتم بألف خير وصحة وعافيه
الدكتور صالح نجيدات