من محاضراتي لطلاب الدراسات العليا نظرة على لغتنا العربية (الترادف والتطابق في لغتنا العربية. الجميلة )

المرادف من الكلمات هي الكلمات التي تعطي نفس المعنى أو تدل على نفس الموضوع أو متكافئة في المعنى. حسب إحدى تعريفات لسان العرب فإن الردف ما تَبِعَ الشيء وكل شيء تَبِع شيئاً فهو رِدْفُه، وإذا تَتابع شيء خلف شيء، فهو الترادف

أما الطباق هو المطابقة، والذي يقصد به أهل البديع على أنّه الجمع بين شيئين متقابلين “أي متعاكسين”، وهي جمع طبق أو طبقة، مثل: (الحي والميت)، وعليه فالمطابقة هي الجمع ما بين الشيء وضدّه، نحو الجمع بين السواد والبياض، والنهار والليل، والبرد والحر، أو الجمع بين فعلين متضادّين “أي متعاكسين في المعنى”

نفهم من ذلك أنه ليس في اللغة العربية كلمتان بنفس المعنى، بل فيها مترادفات، والفرق بين الأمرَين أن “نفس المعنى” يعني “التطابق في المعنى”، أما الترادف فيعني “التجاوُر”، أي إن الكلمتين متقاربتان في المعنى كأنهما متجاورتان على خط المعنى.
مثلًا لو نظرنا إلى الفعلين “قعد” و”جلس”، قد تظنّ أنهما متطابقان في المعنى، ولكن مصادر اللغة العربية تقول إن “قعد” يعني ان الشخص كان واقفًا قبل قعوده،
إما الفعل “جلس” يعني أنه كان مضطجعًا قبل جلوسه، أي إن القعود يكون بعد عُلو، والجلوس يكون بعد سفل… لهذا يسمى جلوس الصلاة جلوسًا، لأنه لا يكون إلّا بعد سجود، أي من سفل إلى علو.
واذا اخذنا الكلمات التالية على سبيل المثال لا الحصر نظن انها تحمل نفس المعنى مع انها تختلف : “مائدة” و”طاولة” و”منضدة”
لغوياً المائدة يكون عليها طعام، فإذا. خلت من الطعام فهي خِوان أو طاولة،
وتسمَّى “منضدة” إذا نضَّدت (أي رتَّبت ورصصت) عليها الأشياء.
لنإخذ مثال آخر لننظر إلى الكلمات التالية : “البَدلة” و”البذلة” و”البزة”، تجد أنها مترادفة، ولكن!
“البدلة” تُستعمل للإشارة إلى زِيّ الخروج والمناسبات الرسمية، وهي لفظ مستحدَث،
أما “البِذلة” يُشار بها إلى الرداء الذي يُستعمل للعمل المُبلِي، وهي التي تتكون من قطعة واحدة البنطال متصل بالقميص
أما “البِزَّة” هي الزي العسكري.
والأمثلة في هذا الشأن كثيرة ،وجميعها من حيث المعنى تؤكّد أنه لا يوجَد تطابق في المعنى بين لفظين، بل فقط ترادُف.

الاخوات والاخوة. طيب الله. اوقاتكم بكل الخير