مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية الجان المسحور والأميرة بدور من التّراث الشّفوي السّوري فخّ للسّاحر ذو العصا الذّهبية (حلقة 6 والأخيرة)
وفي اليوم الثاني قالت له أمّه: اليوم أريد أن أزوّجك ،وساعمل لك عرسا ما صار قبله ولا بعده ،أمّا أنت يا إنسيّة سأطلب منك الرّقص في عرس شعلان!!! فقالت البنت في نفسها: ترغبين في تزويجه ،وأنا أصير رقّاصة ؟ والله عال.!!! فسألت زوجها عن الحل،. قعد الولد يفكر ،وبعدين أجابها :بسيطة: ،لّما يدعوك الجنّ لترقصين لهم، أطلبي كانونا مليئا بالجمر، ثم تظاهري أنّه أحرق يدك وارميه وسط الحضور ، واتركي الباقي علي.،وهذا ما حصل، جاءتها أمّ شعلان بكانون يتصاعد منه البخور ،فوضعته على رأسها ،وصفق الجن لها وهي ترقص ،والبخور يحيط بها مشكّلا حلقة من الدّخان عطرة الرائحة، ثم إقتربت من العروس التي تلبس ثوبا طويلا من الحريروفجأة،رمت الكانون تحتها، فاشتعل طرف ثوبها وبدأت العروسة تجري ،وكل مكان تمرّ فيه يشتعل، وصرخ الجن الذين أخذوا الأشربة وصبوها على النّار، وسقطت الحلوى على الأرض وفسد العرس ، ترك الولد الجان في هرج ومرج ثمّ أخد الأميرة ،وطلع معها على وجه الأرض، وقال لها: سأطلبك منك خدمة، لو نجحت فيها سأرجع لشكلي الطبيعي،
ردّت عليه : لو يلزم ،أعطيك عيوني !!! قبّلها على شفتيها ،وقال: سلامة عيونك ،الجان يسكنون في مدينة داخل المغاور التي في الجبل،وهناك يوجد قصر الملك ،ولعمّي عصا ذهبيّة ،لو أخذتها منه ينتهي سحره ،ونقدر أن نخلص منه. قالت له : وكيف سنتغلب عليه ؟ أجابها : ذلك الرّجل البغيض يخرج كلّ صباح لجمع الأعشاب الطبية ،وسننصب له فخّا وسط الطريق ذهبا للمكان التي تنبت فيه تلك الحشائش ،وحفرا حفرة ،وغطياها باللأوراق ،وقال لها شعلان :عليك أن تتصرّفي حتى يقع في الحفرة ،وتأخذين العصا ؟ تجمّلت الأميرة ،وجلست على حجر تنتظر وبعد قليل سمعت خطوات ثقيلة على الأرض وشاهدت رجلا يضع قبعة طويلة ،وبيد يمسك عصاه وبالأخرى جرابا وعرفت من شكله أنه عم زوجها ،فتمدّدت على الأرض، أما الساحر فوقف وبدأ يتشمم الهواء وقال في نفسه هذه رائحة امرأة من الإنس، ،ورفع رأسه ،وبدأ يلتفت ،حتى رأى بدور مكومة على نفسها ،وسمعها تتأوه ،فاقترب منها ،وسألها :ماذا حصل ؟ خيرا إن شاء الله
لمّا رأته واقفا جنبها ،صاحت ،وقالت له : قدمي إلتوت ،وما أقدر أمشي ،ترك العصا ،ومسد قدمها ،وهو لا يكف عن النّظر إلى وجهها ، فأعجبه جمالها ،وطلب من الحرّاس الإنصراف ،وسألها ما رأيك تجيئين معي لمملكتي ،ونتزوّج ؟ وأنا أغطّيك بالذّهب !!! قالت :وأهلي ؟ ردّ عليها سأخطبك منهم ،تعالى ،وما راح تندمي !!! أجابته : طيب، نمشي قليلا ،واحكي لي عن مملكتك ،وهل أنت من الإنس أم الجان ؟ مشيا حتّى إقتربا من الحفرة ،والساحر مشغول بالبنت التي ذهبت بعقله ، ولما مدّ ساقه سقط في الحفرة ،وصاح أخرجني يا بنية ،ردت عليه :هات العصا ،وأنا اسحبك ،لمّا مدّها إنتزعتها منه،وجرت إلى زوجها الذي أخذها ،وكسرها لنصفين،فخرج منها البرق وصارت تلك العصا حفنة رماد .
في تلك اللحظة تحوّل الولد من غول قبيح المنظر إلى أمير وسيم فاتح العينين ، قالت له تعال معي إلى القصر لأفرجك عليه فركبا على بجعة ،وطارا على قصر أبيها، والدّنيا ليل ، دارا قليلا في الأروقة ،ثم دخلا إلى غرفتها، لكن رآهم أحد الخدم ،وقال للسّلطان: الأميره دخلت غرفة النوم ومعها واحد غريب يا مولاي،قام الملك يحمل سيفه، ودخل عليهما وهو غضبان ،ولمّا رأى منديله ،مربوطا في يد شعلان، تذكّر الفارس أبو البدلة الكموني، وعرف أنه زوج إبنته ،فإعتذر منهما وأغلق الباب عليهما، ،وقال للخدم:هذا زوج بنتي وقد راح عنه السحر،، وأمر بالزّينة والأفراح والولائم ،وفي الغد رجع الأمير إلى مملكة الجنّ في مغاور الجبل مع إمرأته ،ودخل القصر ،وقال :جئت آخذ حقي ،والذي لا يعجبه الحال يقف قدّامي !!!
ما قدر أحد أن يتكلّم ،وأعوان عمّه السّحار لمّا شاهدوا أن السّحر إنفك عنه وأنّ سيّدهم قد إختفى ،صاحوا يحيا الأمير!!! سمع كلّ الجان بمجيئ شعلان ،فخرجوا يغنون ويرقصون وأعجبتهم البنت الإنسية ،أمّا العمّ قبضوا عليه ورموه في قفص ،وصار الإنس أصدقاء الجان ،وعاشوا في سرور ونعيم ،وطيّب الله عيش السّامعين.
…
…
بقلم ميدو / باريس 23 – 02 – 2024