مكتبة الأدب العربي و العالمي

جَمَلُ الْحَجِيجْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ

بقلم أ د / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه.. شاعر وناقد وروائي مصري

(يَارَا) بِنْتٌ صَغِيرَةٌ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ عُمْرِهَا , ذَكِيَّةٌ مُؤَدَّبَةٌ, كَأَنَّهَا مَلاَكٌ صَغِيرٌ فِي صُورَةِ كَائِنٍ بَشَرِيٍّ ,مُلْتَزِمَةٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ – عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمَاتِ ,تُصَلِّي ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ,وَتُقَدِّسُ طَاعَةَ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانَ إِلَى الْجِيرَانِ وَإِكْرَامَ الضَّيْفِ ,ذَاتَ لَيْلَةٍ رَأَتْ (يَارَا) فِيمَا يَرَى النَّائِمُ جَمَلاً مَكْتُوباً عَلَيْهِ (جَمَلُ00الْحَجِيجِ) يَرْكَبُهُ النَّاسُ قَاصِدِينَ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ ,يُوَصِّلُهُمْ بِسُرْعَةِ الْبَرْقِ وَيَعُودُ لِيَأُخُذَ أُنَاساً آخَرِينَ ,وَلَمَحَت (يَارَا) بَيْنَ جُمُوعِ الْخَلْقِ شَيْخاً طَيِّباً كَثَّ اللِّحْيَةِ أَبْيَضَهَا يُنَادِي عَلَيْهِ النَّاسُ :اِرْكَبْ يَا أَبَا إِنَاثٍ ,هَذَا (جَمَلُ00الْحَجِيجِ) ,وَيُحَاوِلُ أَبُو إِنَاثٍ وَلَكِنَّ قَدَمَيْهِ لاَ تُسَاعِدَانِهِ ,قَامَتْ (يَارَا) مِنْ نَوْمِهَا وَقْتَ السَّحَرِ ,تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ , وَتُرَدِّدُ قَائِلَةً :خَيْرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ خَيْراً , اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ أُسْبُوعاً كَامِلاً ,فَقَالَتْ (يَارَا)- فِي نَفْسِهَا- : إِنَّ الْأَمْرَ جَدُّ خَطِيرٍ , وَحَكَتْ لِأُمِّهَا الرُّؤْيَا , وَحَكَتْ أُمُّهَا لِأَبِيهَا ,فَقَالَ أَبُو (يَارَا): خَيْرٌ يَا أُمَّ (يَارَا) ,هَذِهِ رِسَالَةٌ لِي ,فَأَنَا-بِفَضْلِ اللَّهِ رَجُلٌ ثَرِيٌّ جِدًّا ,وَ أَبُو إِنَاثَ رَجُلٌ مَسْتُورُ الْحَالِ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِي نَفَقَاتِ الْحَجِّ ,وَهُوَ جَارُنَا ,رَجُلٌ مُلْتَزِمٌ بِأَخْلاَقِ الْإِسْلامِ ,يُحِبُّنِي فِي اللَّهِ وَأُحِبُّهُ ,وَلاَبُدَّ أَنْ أُحِبَّ لَهُ الْحَجَّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ مِثْلَمَا أُحِبُّهُ لِنَفْسِي , قَالَتْ أُمُّ (يَارَا): مَاذَا تَقْصِدُ يَا أَبَا (يَارَا)؟! قَالَ أَبُو (يَارَا): سَتَعْرِفِينَ يَا قَدَمَ الْخَيْرِ , اِسْتَعِدِّي لِزِيَارَةِ أُمِّ إِنَاثَ ,وَاصْطَحِبِي (يَارَا) لِتَرَى صَاحِبَتَهَا (إِنَاثَ) , وَسَأَكُونُ مَعَكُمْ لِأَلْتَقِيَ أَخِي فِي الْإِيمَانِ أَبَا (إِنَاثَ) ,وَعِنْدَمَا وَصَلُوا إِلَى بَيْتِ جِيرَانِهِمْ ,تَعَانَقَ الْجَارَانِ أَبُو (يَارَا) وَأَبُو (إِنَاثَ) ,وَ قَالَ أَبُو (يَارَا): اَلصُّحْبَةَ يَا أَبَا (إِنَاثَ) , وَقَالَتْ أُمُّ (يَارَا): اَلصُّحْبَةَ يَا أُمَّ (إِنَاثَ) , وَقَالَتْ (يَارَا): اَلصُّحْبَةَ يَا (إِنَاثُ) , قَالَتْ (إِنَاثُ): إِلَى أَينَ يَا جَارَتِي الْعَزِيزَةَ ؟ قَالَتْ (يَارَا): إِلَى بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامِ (عَلَى جَمَلِ الْحَجِيجِ) , قَالَتْ (إِنَاثُ): وَلَكِنَّا لاَ نَجْرُؤُ عَلَى رُكُوبِ هَذَا الْجَمَلِ, فَلَيْسَتْ مَعَنَا نَفَقَاتُهُ , قَالَتْ (يَارَا): نَحْنُ نَمْلِكُ الْمَالَ , وَ الْمَالُ هَذَا مَالُ اللَّهِ , وَ اللَّهُ يَخْتَبِرُنَا إِنْ كُنَّا سَنُسَاعِدُكُمْ يَا صَاحِبَتِي الْحَبِيبَةَ أَمْ لاَ , أَتُرِيدِينَ لَنَا أَنْ نَرْسُبَ فِي الاِمْتِحَانِ؟! ,أَخَذَتْ (إِنَاثُ) صَدِيقَتَهَا(يَارَا) بِالْأَحْضَانِ , وَانْطَلَقَتِ الْأُسْرَتَانِ (عَلَى جَمَلِ الْحَجِيجِ) , إِلَى بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ.

بقلمي أ د / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه.. شاعر وناقد وروائي مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق