اخبار اقليميه
السعودية تنتصر
انتصرت الدبلوماسية السعودية في معركتها مع الأمين العام للأمم المتحدة، ورُفع اسم التحالف، الذي تقوده، من قائمة الدول والجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال.
عندما صدر قرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن إدراج التحالف الذي تقوده السعودية في قائمة الجماعات والدول التي تنتهك حقوق الطفل، وحمَّلته المسؤولية عن ستين في المئة من الضحايا في صفوف الأطفال، لم يكن أحد يتوقع أن تتراجع المنظمة الدولية عن قرارها بهذه السرعة وبتلك الكيفية؛ لكن ما كان يبدو مستحيلا أصبح واقعا.
الغضب السعودي على المنظمة الدولية اتخذ شكلا تصاعديا، بدأ بردٍ من المتحدث العسكري باسم التحالف أحمد عسيري، اتهم فيه الأمم المتحدة بالتناقض، لأنها لا تعترف بشرعية انقلاب الحوثيين واستيلائهم على السلطة، وفي نفس الوقت تتعامل معهم وتخاطبهم بمراسلات رسمية. ورأى أن هذه الخطوة تمثل رسالة سلبية لمحادثات السلام في الكويت؛ وانتهى هذا الغضب بمطالبة جماعية من دول الخليج والدول الأعضاء في التحالف العربي بشطب هذا التحالف من القائمة.
ولأن الحملة العنيفة التي قادتها الرياض ضد الخطوة التي اتخذتها الأمين العام للأمم المتحدة، عُززت بنشر خطاب رسمي من مكتب المنظمة الدولية في صنعاء إلى القائم بأعمال وزير الخارجية المعين من قبل الحوثيين، يتضمن المطالبة بتزويد المنظمة الدولية بمعلومات عن الانتهاكات التي طالت الأطفال أثناء المواجهات، فإن وسائل الإعلام التابعة للتحالف قادت حملة تشهير بموقف الأمين العام للأمم المتحدة، واعتبرت ذلك تأكيد على التواطؤ مع الانقلابيين، واتخاذ مواقف تعارض قرارات مجلس الأمن، الذي لا يعترف سوى بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وبما أن اضطرار بان إلى القبول بالتراجع عن الخطوة وإعادة النظر في التقرير، يشكل انتصارا إضافيا للسعودية، التي حرصت على إيجاد إجماع دولي تجاه كل الخطوات التي اتخذت للتعامل مع الأوضاع في اليمن، فإنه يلقي بظلال من الشك حول صدقية المنظمة الدولية والتقارير التي تصدر عنها؛ لأنها الجهة الأكثر حضورا في اليمن طوال الحرب، ولديها فرق ميدانية تعمل في الشؤون الإنسانية.
وبالمثل، فإن تراجع الأمم المتحدة عن قرارها يشكل انتكاسة للحوثيين وأتباع الرئيس السابق الذين أسعدهم قرار وضع التحالف في القائمة السوداء ،كما كانت تسعدهم تقارير منظمات دولية، انتقدت السعودية لاستخدامها قنابل عنقودية خلال الحرب في اليمن أو استهداف مواقع مدنية. ويشكل ذلك رسالة إضافية بأن الرياض لا تزال تحظى بنفوذ قوي على الصعيدين المحلي والدولي، يصعب على الحوثيين والرئيس السابق التأثير عليه مهما ظهر لهم من تعاطف بعض الأطراف الدولية أو المنظمات الحقوقية
ومع الحديث عن توجه دولي لتبني خطة سلام في اليمن، إذا فشل المفاوضون في التوصل إلى اتفاق على ذلك في الكويت، فإن السعودية وبإسناد من الدول الكبرى تقدم نفسها كراعية للتسوية في اليمن، وليس طرفا في الحرب. ولهذا، عمدت خلال الأيام القليلة الماضية إلى استقبال كبير المفاوضين الحوثيين، وتعزيز اتفاق وقف إطلاق النار على طول الشريط الحدودي، وإطلاق سراح المئات من المقاتلين الحوثيين من سجونها. وآخر تلك المبادرات كان إطلاق سراح العشرات من صغار السن الذين تم أسرهم في جبهات القتال.
وفي ظل تأكيدات بأن “عاصفة الحزم” قد بلغت مرحلة النهاية، وأن الرياض أيقنت باستحالة حسم المعركة عسكريا، في ظل تفاقم الحالة الإنسانية لأكثر من ثمانية في المئة من السكان الذين يعانون من الجوع، وتزايد أنشطة الجماعات الإرهابية، واقتراب الاقتصاد اليمني من حالة الانهيار الشامل؛ فإن المملكة حريصة على أن لا تدان بأي موقف كانت طرفا فيه.
محمد الأحمد