مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الجان المسحور والأميرة بدور من التراث الشفوي السّوري ثلاثة شروط مستحيلة (حلقة 2 )

لما طلع الصباح سار الحطاب للقصر ،واستأذن في الدخول على السلطان، ولمّا مثل في حضرته،قال له :يا مولاي أريد خطبة إبنتك الصّغيرة لولدي غول الغابة !!! لمّا سمع السّلطان هذا الكلام لم يتمالك نفسه من الغضب، وإعتقد أنّ الرّجل يستهزأ به ،ثم أمر السّياف بقطع راسه، لكن الوزير أشار له أن ينتظر، وقال له: يا ملك الزّمان طوّل بالك ،فهذا الولد هو من غلب حرّاسنا في السّوق، ولا بدّ أن نرّبيه !!! ثم همس في أذنه شيئا ،فأجابه السّلطان: والله قلت الصواب يا وزير،.ثم إلتفت إلى للحطاب، وقال له إسمع :أريد من ولدك أن ينّفذ لي تلات شروط ،إن قدر عليها ،فابنتي بدور حلال عليه ،وهذا وعد مني، لكن أعلمك انّه لو عجز عن شرط واحد، سيجي كلّ يوم لينظّف الإسطبلات ،ويجمع روث الخيل من الصّباح للمساء، ولو رفض لرميته في سحن لا يدخله النّور ، لأنّه تجرّأ ،ونظر لإبنتي هل فهمت؟ بلع الحطاب ريقه بصعوبة ،وحرّك رأسه بالموافقة .
قال الوزير: الشّرط الأوّل:هو أن يأتي ولدك للسّلطان بعنقود عنب تأكل منه الحاشية والعساكر، ولا يخلص !!! إندهش الحطاب ،وأراد يتكلّم ،لكن الكلمات إنحبست في حلقه ،و رجع لبيته، وقلبه يكاد ينخلع من كثرة الخوف.، وقال لإبنه: ويحك ،لقد ورّطت نفسك مع السّلطان، وان لم تنفذ شروطه سيجعلك تعمل مثل العبيد في إسطبلاته االنّتنة، لا أكل ولا مال ، لكن الولد سأله قل لي: ماذا يريد السلطان أن أفعله ؟ أجابه الحطاب :عنقود عنب يأكل منّو كلّ القصر، وما ينتهي ،هذا الشّيئ ليس موجودا ،ولا أحد يمكن أن يأتي به قال الولد :لا يهمك ،سأذهب للغابة هذه الليلة ،وأبيت هناك ،وآتيك عند الفجرومعي ما طلبته.ظنّ الحطاّب أنّ غول الغابة يريد الهرب ،وقال في نفسه: يا ليتني لم أمش للسلطان ،وبقيت في حالي فما أنا إلا رجل فقير ،وظلّ طول الليل يتقلب في فراشه يفكّر في حلّ،ولم يقدر أن ينام، وفي الفجر لما بدأت الديكة في الصياح سمع الباب يفتح ،ودخل الولد وحطّ أمامه صينيّة فيها عنقود عنب حبّاته سوداء عجب ،وقال للحطاب :إنهض يا أبي ، واقصد الله للسلطان.
أخذ الحطاب الصّينية، وهو غير مصدّق لما يراه ،وسار للقصر يقدّم خطوة ، ويأخر أخرى وهو خائف حتى وصل للقصر، فأذن له السّلطان بالدّخول وكان الوزير بجانبه ،ولمّا رأى العنب إنحنى على سيّده ،وهمس له :لا شكّ أنّ الحطاب يستهزأ بنا !!! أجاب السّلطان : سنرى ذلك ،وويحه لو كان يكذب !!! ،فأخذ حبة وتذوقها فأعجبه طعمها، فأكل من العنب حتى شبع ،وكلّما أكل حبّة طلعت مكانها واحدة أخرى، وتعجب لمّا رأى العنقود كاملا لم ينقص منه شيئ ،أحسّ بالحرج الشديد، وقال: لن يغلبني ابن هذا الحطاب ،فمدّ الصينية للوزير الذي أكل حتى امتلأت معدته ،والعنب مازال موجودا، وقال: آه لم أعد أقدر يا مولاي على الأكل ،، تجنّن السّلطان ،وقال للوزير : هذا تدبيرك أيها الأحمق ،هيا تصرّف و أفرغ الصّينية، فنادى الوزير الحاشية، وبعد ذلك الحرس ،والجواري والطباخين ،وكلّ من في القصر أكل حتى الدّجاج والأرانب .وفي الأخير، إعترف الوزير بأنّ العنب لا يمكن أكله ،وقال للحطاب: حسنا ،لقد نفّذ ولدك الشّرط الأوّل ،وهو سهل ،الشّرط التاني سيكون أصعب: السّلطان يريد منك جوزة في وسطها زربيّة تفرش أروقة القصر ،ويزيد، رجع الحطاب يجرّ رجليه، وهو حيران ،ولمّا رأى ولده ،قال له :إسمع يا بنيّ، هذه المرّة ،سنجمع حاجياتنا ،ونرحل من هذه الأرض ، ،هذا الحلّ الوحيد ،ولا مفرّ من الهرب، فهزّ الولد راسه يمينا وشمالا ،وقصد الغابة دون أن ينطق بكلمة .
تساءل الحطاب بحيرة : ماذا سيفعل ذلك الشّقي هناك، فهذه المشكلة ليس لها حلّ ،إلا إذا إجتمع الجان ،وجاءونا بخاتم سليمان .

يتبع الحلقة 3

حكايا زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق