نشاطات

نيسان زمن فلسطيني خالص—بقلم الكاتبه هاله ألناصر

 

شهر نيسان الممتلئ بالمناسبات الفلسطينية والعربية شهر غني بالتضحيات ففيه اغتيل القادة الفلسطينيون الثلاثة في لبنان، الشاعر كمال ناصر وأبو يوسف النجار وكمال عدوان. وفيه اغتيل القائد أبو جهاد الوزير في تونس التي
وفيه أغتيال الرفيق ابراهيم الراعي وأغتيال الدكتور
عبد العزيز الرنتيسي،وفيه ذكرى عملية نهاريا المميزة بقيادة الأسير اللبناني العربي سمير القنطار ورفاقه الشهداء. وفيه نفذت طائرات حمامة السلام شمعون بيريز الحائز على جائزة نوبل للسلام، صديق المطبعين من التجار ورجال الأعمال والأمراء والرؤساء والقادة العرب،مجزرة قانا الشهيرة في مقر الأمم المتحدة في جنوب لبنان سنة 1996. وفي نيسان وتحديدا في السابع عشر منه يوم الأسرى في السجون الصهيونية، هذا اليوم الكبير الذي يجب أن يكون يوما للضمائر العربية.

إلى مخيمات وتجمعات وأماكن سكن شعب فلسطين في الشتاتين العربي والغربي، حيث يعتبر الفلسطيني أينما كان إقامته مؤقتة بانتظار العودة إلى وطنه فلسطين متغلباً على واقع الحال وعلى النسيان.

عندما نراجع التواريخ الفلسطينية النيسانية والتي ليست للنسيان تحضرنا على الفور ذكرى مذابح النكبة الفلسطينية في سنوات الحرب غير المتكافئة التي أضاعت فلسطين من النهر إلى البحر. وتحضرنا مذابح وجرائم وعمليات قتل واغتيال كثيرة قام بها الإسرائيليون ضد أبناء وبنات شعب فلسطين في الوطن المحتل وخارجه.

تقبع مذبحة دير ياسين على راس تلك المذابح التي نفذها إرهابيون صهاينة يهود،ومن هؤلاء المجرمين من حاز على جائزة نوبل للسلام مثل مناحيم بيغين، كما منهم كذلك بعض المطلوبين للانتربول الدولي مثل اسحاق شامير رئيس وزراء كيان إسرائيل في مرحلة لاحقة،قاتل المبعوث الدولي الكونت برنادوت أحد أفراد العائلة الملكية الحاكمة في السويد.ومنهم بكل تأكيد الجنرال شارون صديق الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، ومروض القادة العرب وقاتل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وواصف الرئيس الفلسطيني الحالي أبو مازن بالكتكوت.

لقد أرادوا لمذبحة دير ياسين أن تكون حاضرة في أذهان كل فلسطيني وعربي، لذا فقد ظلت آثار تلك المذبحة ماثلة في الآباء والأجداد، ومع مرور الزمن انضمت للائحة المذابح والمجازر الصهيونية عشرات المذابح والمجازر الكبرى والصغرى، التي لا مجال هنا لتعدادها لكن نذكر منها مذبحة مخيم جنين التي لازالت حاضرة وطرية.

تحضرنا مذبحة دير ياسين المروعة، تلك التي ارتكبت ضد مدنيين عزل وأبرياء، وتمت مع سبق الإصرار والترصد والتخطيط على أعلى المستويات الصهيونية. فقد كانوا يريدونها ان تكون رسالة مرعبة للفلسطينيين في قراهم وبلداتهم ومدنهم.حتى يهربوا من ديارهم فيحتلها الصهاينة دونما مقاومة وبراحتهم وهذا ما كان لهم في كثير من المناطق.

تقع بلدة دير ياسين الفلسطينية الصغيرة غرب القدس على جبل يرتفع عن سطح البحر 770 متراً ، وخارج المنطقة التي خصصتها الأمم المتحدة لليهود لإقامة كيانهم اليهودي حسبما جاء في خطة التقسيم. ولا تتعدى مساحتها 12 دونما ، ومساحة أراضيها 2857 دونما ، وعدد سكانها 700 نسمة. في اليوم التاسع من نيسان / إبريل سنة 1948 تعرضت البلدة لهجوم صهيوني ولمذبحة بشعة قام بتنفيذها عناصر من عصابتى الأرغون (مناحم بيغين ) وشتيرن ( إسحق شامير ) _ وكلاهما تولى رئاسة الحكومة في كيان إسرائيل مع مرور الزمن، الأول شهد عهده استسلام السادات وخروج مصر من المواجهة، والثاني في عهده بدأت عملية مدريد للسلام والتي انتهت بما نحن عليه اليوم. لقد كانت المذبحة في دير ياسين حلقة من حلقات الاجتثات والاستئصال التي رسمت خيوطها ونفذتها الحركة الصهيونية العالمية في فلسطين بالتعاون مع الانتداب البريطاني والإمبرياليات الغربية الرأسمالية.وقد أتت ضمن خطوات أخرى بغية تحقيق الحلم الصهيونى بقيادة هرتزل من قبره وبنغريون من قبوه.

لقد نال الصهاينة من مدنيي دير ياسين،من الأطفال والنساء والشيوخ وبعد المذبحة البشعة والمرعبة احتفلوا معتبرين ذلك نصراً لهم في حربهم على العرب. ولغاية الآن لم تقم أية هيئة دولية أو حقوقية بمحاسبة أي يهودي ارتكب أعمالا إجرامية وإرهابية وجرائم حرب ضد السكان الفلسطينيين العرب في فلسطين المحتلة والدول العربية المجاورة. بينما تقوم تلك الهيئات الدولية والحقوقية بملاحقة كل من كان له علاقة بذبح وتعذيب وقتل اليهود في الحرب العالمية الثانية.وهذا يعني أن دم الفلسطيني والعربي مباح بينما الدماء اليهودية لا تذهب هدراً. وهذه معاملة عنصرية للضحايا من الجانب العربي.

إن كيان إسرائيل المقام بالقوة على أراضي الشعب الفلسطيني وممتلكاته قام مؤخراً بتكريم مجموعة من الإرهابيين اليهود على أعلى المستويات. وكانت تلك المجموعة الإرهابية مؤلفة من مواطنين مصريين يهود، قاموا بتنفيذ أعمال إرهابية في مصر في الخمسينات من القرن الماضي بناء على تعليمات من الاستخبارات الإسرائيلية.أما كيان الاحتلال فيعتبر ذلك عملا وطنيا في خدمة دولة إسرائيل. لو كنت “إسرائيلياً” سوف أتفهم الدوافع التي حذت بالإرهابيين الكبار في إسرائيل لتكريم الإرهابيين الصغار. فكيانهم شيد بالإرهاب وجبلت مبانيه وأساساته بعظام ودماء الأبرياء من الفلسطينيين والعرب، لذا لا خجل في الجهر بتكريم القتلة والمجرمين مادام رؤساء حكومات ووزراء الكيان من نفس المجموعة الإرهابية.

ليكن نيسان / ابريل شهر التضامن العربي والعالمي مع أحياء وشهداء وأسرى فلسطين في السجنين الصغير والكبير. فهناك أكثر من ثمانية آلاف من أطفال وشبيبة و شباب وشابات وشيوخ فلسطين يرزحون في معتقلات العذاب والهوان والذل الإسرائيلية.نعتقد انه آن الأوان لتتحمل السلطة الفلسطينية والفصائل المعارضة لها مسئولياتهم في العمل على إطلاق سراحهم بكل الوسائل.

مقالات ذات صلة

إغلاق