اقلام حرة

الفلوسُ داءُ النفوسِ: / عزت ابو الرب

“وتحبونَ المالَ حباً جماً”. نعم، وصدقَ اللهُ في عليائه. المالُ شقيقُ الروح، وحبُه “يعمي ويصم”. فلا عجبَ إذا ما رأيتنا، نصومُ، ونحج،ُ ونعتمرُ، ونصلي، و نزاحمُ إلی حدِّ التنافرِ علی الصفِّ الأول، ونبكي إذا لزم الأمر. نغدقُ علی من حولنا فيْضَ الابتسامات،ِ وحُلْوَ الكلامِ، نعانقُ هذا، ونَرْبِتُ علی كَتِفِ ذاك، نحفظُ الآيات،ِ والأحاديثَ، والمنقولَ من أشعارِ العربِ، وقصَصِهم عن الجودِ، والإنفاق، عن غزوۃِ العسرۃِ، عن جابرِ عثراتِ الكرام، وفي الوقتِ نفسِهِ نمتنعُ عن تأديۃِ الزكاۃ،ِ ونضُنُّ بالصدقات، فنهملُ حقَ الجارِ والفقيرِ والمسكينِ .
فهل تظنُ أنَّ تلك العباداتِ بما لها من فضلٍ تجزیءُ عن نفقۃٍ -وإن قَلّتْ- تضعُها في يدِ محتاجٍ تُقيمُ أوَدَه، وتسترُ عَوْرتَه، وتفرحُ قلبَه؟ كلا. فحروب الردۃ ما كانت إلا بسبب الصدقات. فجَدِّد إيمانك، وانقذْ نفسَك من وصمۃِ الشُّحِ وداءِ البخل،ِ وانْفِقْ يُنفقْ ﷲُ عليك، واتَّقِ النارَ ولو بِشِقِ تمرۃ، وداووا مرضاكم بالصدقۃ. و” اللقم ترد النقم”. ٰ
اجل إننا في عسرٍ وضيقٍ وشدۃ،ٍ وبين ظهرانينا جِياعٌ وموْجوعون، فمن لهم إن لم أكنْ أنا وأنت؟ ابحثْ عنهم وستجدُهم مغلقي أبوابَهم، لا يسألون الناس إلحافا. ولن تجدَ من أيامٍ وأشهرٍ أفضلَ من هذه للبذل والانفاق. والمرء في ظل صدقته يوم لا ظل إلا ظله.
في هذه المواقفِ العصيبۃِ تتجلی حقيقۃُ الإيمانِ ، وصِدْقُ الطويۃ، وطهارۃُ النفوس، فلا تُضيعُ نفحاتِ الإيمانِ التي تهبُّ بداخلك. لا تتريثْ، بادرْ إلی داعي الخير، قبلَ أن تسللَ إليك شياطينُ الإنسنِ والجنِ؛ ليثبطوك، ويوهنوك، ويجترحوا المبرراتِ، ويضعوا العقباتِ والعراقيلَ.
وما المالُ والأهلونَ إلا ودائعُ
فلا بدَّ يوماً أنْ تُردَّ الودائعُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق