الرئيسيةمكتبة الأدب العربي و العالمي

من مخطوطات شن المفقودة المخطوطة الثانية والثلاثون

أمين أسعد زيد الكيلاني(شن)

جلس الراوي ملتصقا بتراب الوطن مفترشا أديم أرضه،ثم أقسم بازهاره التي ذبلت لما أينعت.وذلك بعد أن أماط عن فمه لثامه الذي اختاره على نفسه فرضا،فغطى نصف وجهه قائلا :
لم أر شنا مثل ذاك الحال منذ أن عرفته قط. فلما هبت العواصف حاملة سحائب الغموض من كل جانب.حبائلها من زوابع وتوابع وأعاصير، قطب شن جبينه،وتولد من بين عينيه غيم الغضب،فتاهت مراكبه،وهامت أفكاره،وضلت سبيلها سيارته.وقف صامتا برهة،وقد لمع بريق عينيه،فرد إلى حلقه لعابه وأزدرده،وفرك جبهته بإبهامه وسبابته،وسعل سعال الحائر في أمره،ثم ابتسم كعادته.وتناول يراعه،وفرش قرطاسه أمامه،وخط بقلمه راسما افكاره،ونسج على كاغده بروح التفاؤل ابتسامته،وغزل بخيط المرح على السامعين كلامه.ثم نادى بصوت لين أحبابه وخلانه.وقال :
يا قوم : أرأيتم إن غزينا ونحن في غفلة عن حالنا،ماذا كنا فاعلين؟
فامتشق احد المحاربين المخضرمين قوامه وقال : نتمترس في خنادقنا،ونرقب نقاط الضعف في صفوف عدونا،فنأتيه من ضعفه،فنوهنه ونضعفه.ونفله ونمنعه عن هجومنا.فبذلك نتمكن منه وندحره دحورا.
قال شن : هذا هو القول الفصل.ومثلك لا يعرف الهزل،فانت صاحب الرأي السليم، وبدحر الاعداء عليم.
يا قوم.انكم تعلمون بل خير من يعلم بأنا قد غزينا بعقر بيوتنا من قبل جيش فتاك. لا نراه ويرانا.ولا نلمسه ويمسنا،ولا نحس به الا بعد ان استوطننا،فواجبنا ان نرده،وعلينا دحره وابعاده،
فلا نملك ازاءه الا ان نتمترس بمتاريسنا بكل صبر.حتى ينجلي لنا ذلك الامر.فتلثموا تلثيما.ولا تصافحوا سقيما او سليما،فان شأن عيونه وجواسيسه كان وما زال عظيما.فعليكم ببيوتكم فالزموها، لا تكابروا على نفوسكم واحموها.فإن إلتزمتم بذلك،فذاك العدو فللتم،ويولي لكم دبره،ولن يعلن عليكم نصره. والله غالب على أمره.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
فوقفت طبقة من بين الجموع وقالت،وبرأسها نحو شن امالت.نعم نعم.اجل اجل.قد بلغت وارشدت ونصحت.واني ملتزمة بما تقول، وليس عن ذلك عدول،فان قضيت فنحن شهود عدول. فقام الجمع وقوفا قياما.وقالوا مثل قولها التزاما.
فتمترسوا في خنادقهم، وتلثموا بوجه عدوهم، كي يفلوه ويبعدوه.وتسلحوا بالصبر ، حتى ينالوا به النصر.

أمين أسعد زيد الكيلاني(شن)
عاره – قضاء حيفا-فلسطين
السبت – 4/4/2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق