اخبار العالم العربي

التكريم

وحيد راغب

التكريم
قال تعالى ” ولقد كرمنا بنى آدم …”الاسراء70
الله عز وجل خلق الانسان وصنعه بيده جسدا وشكله على اروع صورة فى الخلق منتصبا القامة عالى الرأس , شموخ , ولم يخلقه يمشى على أربع أو ثلاث أو يزحف , ثم نفخ فيه من سره وروحه فتحرك الجسد وتكلم وعقل وفهم , وهو الانسان , هذا الانسان يستطيع أن يقتدى بصفات وأسماء ربه , فتعلوا منزلته وتتجاوز الملائكة فيكلمه الله أو يوصله الى قاب قوسين أو أدنى , وقد تسفل المنزلة وتنحط اذا غوى وأفلس ووضع خطواته تحت مشيئة ابليس وخطواته , فامتلكته نواته وشهواته والبهيمية
. والانسان له حريةالاختيار ,
وهذا الانسان كرمه الله وسخر له الكون كله بل علمه الاسماء كلها دون الملائكة والخلق أجمعين .
وأسجد له الملائكة وما دونهم من الخلق اكراما له
اى الانسان مكرم من الله عز وجل .
الغريب أن البعض من خطباء المساجد يلوكون بالسنتهم كلام ما أنزل الله به من سلطان , وذلك تحت مجال النصيحة واالارشاد , وكبح جماح تفرعن الانسان , اى يقولون بعدم تكريم الانسان وانه خلق من نطفة مهينة , ومآله الى الموت وانفصال الروح عن الجسد فيكون جسد جيفة , وان جوفه يحوى القاذروات من العذرة اى الخراءة .
وهذا الكلام عارى من الصحة , لان الانسان خلق صحيح من نطفة , ولكن هذه النطفة فيها من الاسرار ما عجز الكون عن مثلها او خلق مثلها , فعند اندماجها مع بويضة الانثى تتخلق الى جنين يحمل وراثة الاب والام والاجداد , فالنطفة والبويضة اعجاز الهى لا يضاهيه اعجاز .
اما انه بعد انفصال الروح يكون جسدا جيفة , فهذا غير صحيح , لو ادركوا سنة الله فى كونه , فلان الانسان مخلوق وله عمر محدود بزمان ومكان , فالروح ترجع الى ربها , والجسد يعود الى مادته الاولى التراب والطين , ويتحلل الى العناصر التى خلقها الله فى الارض لتكون مادتها , فلو لم يتحلل الجسد وتراكم , لملأت الاجساد الارض ولم يستطع الانسان الحياة عليها , فهى دورة كونية بثها الله عز وجل فى الكون ,
اما انه يحوى فى داخله القاذورات , هى ليست كذلك وانما من سنة الله فى الانسان أن جعل له طعاما وشرابا وكون جسده من اجهزة واعضاء لتحول ذلك الى طاقة له تستطيع أن تجعله على حياة , وباقى هذا يخرج من الجسد على هيئة فضلات لم يستفد الجسد بها .
اذن كرامة الانسان فى الشكل الذى خلقه الله عليه , وكل ما فيه ميسر لما خلق له , وهذا لايعيب الانسان أبدا .
ان الانسان مخلوق مكرم تكون قوته فى اتباع منهج الله عز وجل واستخدام العقل فيما خلق له من معرفة ربه واستعمار الكون , فالانسان قوى بالله خالقه ,لكنه ضعيف ” خلق الانسان ضعيفا ” عندما يبتعد عن منهج ربه ومعرفته , ويسير وراء فتنة وغواية ابليس , هنا يكون ضعف الانسان , لان خالقه سيتخلى عنه , ويتركه لاهوائه ونزواته التى سار ورائها .
فتكريم الانسان مسئولية تكليفية للمعرفة والاتصاف بالاخلاق قولا وعملا والتكريم يعنى الخيرية والوسطية
فهل بعد ذلك يهان الانسان وممن من اصحاب الوعظ والارشاد , وقد كرمه ربه .
(من كتابى تحت الطبع :قضايا يحق الوقوف عليها )
الشاعر وحيد راغب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق