الرئيسيةمقالات

بعد انتهاء الكابوس.. هكذا قد يغير كورونا عاداتنا

رجل ألماني على حافة نافذة شقته في برلين (أرشيفية- فرانس برس)

لا شك أن فيروس كورونا المستجدّ فرض إيقاعه على دول العالم وشعوبها وبات عنوان الأحداث اليومية. وفي وقت تتسابق اجراءات الحكومات لوقف انتشاره السريع الذي خلّف وراءه حتى الآن اكثر من 35 ألف ضحية حول العالم، بدأ القلق يتغلغل في المجتمعات وخيّمت “الصدمة” على الكثير من الشعوب بسبب “التأخّر” في القضاء على الفيروس بعدما ظنّوا أن التطور العلمي والتكنولوجي كفيل بإنهائه.

ورغم الامكانيات الهائلة اقتصادياً ومالياً، بدت دول عظمى عاجزة عن مواجهة كائن ميكروسكوبي لا يُمكن ملاحظته الا عبر المهجر.

من هنا تفاعل العقل البشري مع الفيروس بطرق ثلاثة: إما الإنكار أو المواجهة أو الاستسلام كنتيجة للذعر.

منذ الأيام الأولى لظهوره وحتى اليوم، ينشغل الخبراء بمعرفة أي جديد عن فيروس كورونا المستجد، خصوصا بعد أن حصد آلاف الأرواح…

كيف يفقد مصابو كوفيد19 حاستين معاً؟.. دراسة تشرحكيف يفقد مصابو كوفيد19 حاستين معاً؟.. دراسة تشرحصحة

التفاعل النفسي مع الفيروس

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور نبيل خوري المتخصص في علم النفس “أن التفاعل النفسي مع الفيروس يعود إلى مجموعة مقوّمات منها أن الانسان بطبعه لا يأخذ الأمور في بدايتها بجدّية ثم يعود إلى الجدّية بعد أن يصطدم بعراقيل قوية ويبدأ بالبحث عن مخارج وحلول انطلاقاً من الخلفية الثقافية، لكن للأسف “تسخيف” الأمر هو الرائد في التعاطي مع فيروس كورونا”.

وأضاف “العقل البشري تعاطى مع هذا الخطر في البداية بعدم الجدّية، وهذا ما جعل ايطاليا مثلاً تنغمس لاحقاً الى مستوى الكارثة الفعلية.

برلين (فرانس برس)برلين (فرانس برس)
استسلام بريطانيا وألمانيا

أما بالنسبة للذعر، فأشار خوري إلى “أن بريطانيا “استسلمت” في البداية للفيروس وظهر ذلك من خلال قول رئيس الوزراء بوريس جونسون بأن على البريطانيين أن يكونوا مستعدّين لفقدان افراد من عائلتهم بسبب كورونا. والامر نفسه بالنسبة لألمانيا، حيث أعلنت المستشارة أنغيلا ميركيل أن 70% من الالمانيين سيصابون. أما إيطاليا فهي النموذج الامثل للاستسلام مع إعلان رئيس الوزراء أننا فقدنا السيطرة ولم نعد نستطيع فعل شيء”.

وعزا هذا الاستسلام لا سيما في البداية “إلى يأس شعوب هذه الدول وذعرها من تطور كورونا، لاسيما وأن أسباب الفيروس غير معروفة والوقائع على الارض لم تستند الى مدلولات علمية حسّية”.

من لندن(فرانس برس)من لندن(فرانس برس)

كما اعتبر “ان العقل البشري محدود وله سقوفه. والاخيرة ترتفع حسب منسوبه الفكري والثقافي والادراكي. فهناك شعوب تنتظر الموت، لذلك تفاعلت مع الفيروس على قاعدة “المسلّم به”. في حين أن شعوباً أخرى تعاطت بعدم جدّية مع الفيروس ونظّمت تظاهرات في الشارع للمطالبة بالعفو العام عن معتقلين في السجون تجنّباً لإصابتهم بالفيروس، غير آبهين بانتقال العدوى في ما بينهم نتيجة التجمّع وقرب المسافة، وهو ما حصل في لبنان في الاسبوع الماضي. وهناك أناس تعاركوا في ما بينهم داخل السوبرماركت والمحال التجارية من أجل الحصول على مواد تعقيم وأكياس طحين وهو ما رأيناه في دول عدة في الأيام الأخيرة”.

العالم قبل كورونا ليس كما بعده

لكن الأخطر من كورونا بحسب الدكتور خوري، التغييرات السياسية التي أحدثها وباتت الشعوب تستوعبها. فالعالم قبل كورونا لن يكون كما بعده. فهناك سقوط لفكرة الفيديراليات الواسعة بدليل إعادة ترسيم حدود الدول الاوروبية وتقسيمها الى مقاطعات معزولة عن بعضها البعض لتجنّب انتقال فيروس كورونا اليها. كما أن هناك اصواتاً بدأت ترتفع في اميركا تدعو الى عزل الولايات عن بعضها البعض”.

كما أوضح “عندما يكون الخيار بين اتّفاقية “شينغين” والبقاء على قيد الحياة فإن الاوروبيين سيختارون حتماً تعليق هذه الاتفاقية من أجل ضمان حياتهم وأمنهم الصحي”.

من أحد شوارع  باريس(فرانس برس)من أحد شوارع باريس(فرانس برس)
تغيّر السلوك البشري

لا شك ان مرحلة “كورونا” هندست السلوك البشري وأعادت صياغته ضمن قواعد جديدة يتم من خلالها تحديد العلاقات البشرية باعتبار ان التواصل البشري المباشر بات سبباً من أسباب المرض وإاتقال العدوى.

وشدد الطبيب اللبناني على “أن فيروس كورونا غيّر وجه العالم. لا مصافحات وقبلات بعد اليوم. المناسبات الاجتماعية وارتياد المطاعم وصالات السينما ستكون في خبر كان. الحفلات الترفيهية لن تُقام كما في السابق قبل إيجاد اللقاح المناسب للفيروس”. وأكد “أن المجتمع كلّه متّجه الى تغيّرات أساسية في جوهر قِيَمه”.

نيويورك - فرانس برسنيويورك – فرانس برس
مجتمع لصوص

إلى ذلك، رأى “أنه بعد انتهاء فترة الحجر المنزلي فإن بعض المجتمعات معرّضة لأن تتحوّل إلى مجتمعات لصوص، لأن كثيرين سيفقدون وظائفهم وسيلجأون إلى أعمال السرقة لإطعام عائلاتهم”.

وختم بالإشارة الى “أن إلغاء الامتحانات الرسمية في لبنان ودول العالم بات أمراً واقعاً، لأن العام الدراسي مُهدد إذا ما استمر الفيروس على هذه الوتيرة من الانتشار السريع”.

المصدر: بيروت- جوني فخري العربية نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق