نشاطات

نستمرأ الجهل ونجترّه

كتب المحامي حسن عبادي


غادرت حيفا مع طلوع الفجر واتجهت جنوبًا للقاء الأسير أحمد علي حسين أبو جابر في سجن نفحة الصحراوي، مشوار استغرق ثلاث ساعات ونصف، كلّها تفكير بأسرانا وحرمانهم من الحريّة، وحين رأيته بابتسامته العريضة طارت مشقّة السفر وبدأنا حديثًا مشوّقًا ومثيرًا.
بدايةً، ولكسر جليد أوّل لقاء بيننا، سألته عن سرّ تسمية أولاده؛ مايا ومسلسل “سفينة الفضاء” في سبعينيّات القرن الفائت وقبائل المايا، جولان وعشقه للتجوال وسامر وأصوله البدويّة وحبّه للسمر والتسامر.
تحدّثنا عن حالة العنف المستشري في وسطنا والانفلات ومقالته الأخيرة “لا تُقتَل يا بنيّ”، تعلّمه في السجن من “فكّ الحرف” حتّى بحث الماجستير حول التفوّق الاستخباري كعامل أساسي للتفوّق العسكري، وأهميّة التعلّم والثقافة وأثرها عل التطوّر والتفوّق.
وجدته مثقّفًا متنوّرًا، ناقشنا كتاب “تكوين العقل العربي للدكتور محمد الجابري وقال بحِرقة: “للأسف، ظلّينا هناك” وما زلنا نحمل حروب الردّة، كم نحن بحاجة لثورة ضدّ رجال الدين وتُجّار الوطنيّة الذين يعيقوا تقدّمنا بسب تفكير القولبة النمطيّ الذي يُفرَض علينا. كذلك نعاني من ازدواجية أخلاقيّة نعيشها، “نستمرأ الجهل ونجترّه!!”.
تحدّثا عن أدب السجون الحديث وتعريفي له، مشروعي “لكلّ أسير كتاب”، ومشروعه الأدبي؛ محاولاته الشعريّة، “فوز الأصايل” ورواية في مراحلها الأخيرة “عبق الصوار رغم الأسوار”.
مرّت الساعات مُهرولة، وأحمد يتحدّث بحماس منقطع النظير… وأملًا بحُريّة قريبة يحلّق في فضاء اللقاء.
لك عزيزي أحمد أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.
حسن عبادي
حيفا 15 كانون ثاني 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق