اقلام حرة

في الأزمة السورية تطور في شكل الدور العسكري الروسي

محمد جبر الريفي

التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية اتخذ أشكالا متطورة في هذه الأيام التي أعقبت سقوط الطائرة العسكرية الروسية التي راح ضحيتها 15 عشر عسكريا وهو ما صرح به وزير الدفاع الروسي بتزويد سوريا بمنظومة صاروخية متقدمة اس 300 التي من شأنها أبطال التفوق الجوي العسكري الإسرائيلي في الأجواء السوريةو استخدام السلاح الحربي المتطور لأول مرة في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق قد يوجد معادلة دولية في الصراع في المنطقة. .

لقد أصبحت روسيا بذلك الحليف الدولي الرئيسي لسوريا إضافة إلى الحليف الاقليمي الايراني الأول الذي بقي محافظا على دوره وبهذا الثقل الروسي العسكري مقابل الحلف الدولي الذي تقوده واشنطن ويضم أطراف عربية معروفة بارتباطها وتبعيتها الكاملة للسياسة الأمريكية تكون روسيا بوتين بالفعل قد ورثت دور الاتحاد السوفيتي السابق في الصراعات الدولية و الذي كان يشكل في مراحل سابقة حليفا دوليا للأنظمة الوطنية العربية ولحركة التحرر العربية في معاركها ضد الهيمنةالغربيه وروسيا تمتلك في الواقع كل مقومات الدولة العظمى لكي تلعب هذا الدور الاقليمي والدولي بحكم قدرتها العسكرية النووية وامكانيتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي في وسط أوروبا وقد سعى حلف الناتو الاستعماري بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وتفكك حلف وارسو تطويقها من خلال محاولة تمدده قي دول أوروبا الشرقية التي كان يضمها المعسكر الاشتراكي المنهار وكذلك في دول البلقان بعد تفكك الاتحاد اليوغسلافي لاستبعاد أي قوة عسكرية دولية مناهضة لمخططاته العدوانية لكن النزوع القومي الروسي الأرثوذكسي منع أي مكسب استراتيجي غربي في هذا المجال ..

عملية أبعاد روسيا عن مناطق الصراعات الدولية ما زالت قائمة خاصة في منطقتنا العربية حيث تشهد بعض دولها الوطنية صراعات داخلية مسلحة مع قوى المعارضة التي تجد الدعم من قوى خارجية وتحاول الولايات المتحدة ودول الغرب استغلالها لترتيب أوضاعها لصالح هيمنة الاحتكارات الامبريالية لذا من الضروري أحداث صيغة توازن بوجود دور روسي سياسي وعسكري فاعل في مواجهة هذه المخططات الغربية وايضا في مواجهة الهجمة الارهابية التكفيرية وتمدد تنظيماتها المتطرفة ..

صحيح ان هذا التدخل العسكري الروسي لصالح النظام السوري ينطلق من جملة اهدافه من المصلحة القومية الروسية في مكافحة الإرهاب ممثلا بتنظيمات التطرف الإسلامي التي قد يكون لها امتداداتها في الشيشان والأقلية المسلمة في روسيا والمخاوف من امكانية انتقال هذا التطرف الديني الإسلامي إلى اراضيها إلا أن هذا التدخل العسكري الروسي في الشرق الاوسط قد أضعف فاعلية القطب الأمريكي الاوحد في هيمنته الكبرى على مجرى الصراعات الدولية كذلك فإن هذا التدخل الروسي في الشرق الأوسط يأتي كرد على التدخل الغربي في أزمات جمهوريات جورجيا وافغازيا وأوكرانيا التي كان يضمها جميعا الاتحاد السوفييتي السابق في صراع حكوماتها الموالية للغرب مع الأقليات الروسية التي تقيم في أراضيها وفي الأزمة الأوكرانية بالخصوص كانت المواجهة حادة بين الاستراتيجية الروسية ( احتلال شبه جزيرة القرم ) والمخططات الغربية التي يرسمها حلف الناتو الاستعماري الذي تقوده واشنطن والذي يعمل على إشاعة جو التوتر والعداء ضد روسيا في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق ومن المعروف في نظرية الاستراتيجية والتكتيك في العلوم السياسية والعسكرية ان القانون الذي يرسم خطوط الاستراتيجية الدولية للقوى العظمى في العالم ليس ميدانه محصورا في منطقة جغرافية واحدة وهكذا كانت الاستراتيجية الروسية الدولية تتطلب عاملا يوفر لها الفرصة للتحرك في مواجهة الغرب وجاءت الأزمة السورية لتشكل هذا العامل الذي يتم استثماره للمصلحة القومية الروسية .

في الشرق الأوسط من المقبول ايضا على مستوى القضية الفلسطينية والقضايا الوطنية العربية الساخنة أن يكون هناك فاعلية لدور القطب الروسي بكل اشكاله سواء على مستوى التأييد السياسي والاعلامي في المحافل الدولية أو على صعيد الدعم العسكري لقوى التحرر في المنطقة او على شكل إبرام عقود صفقات لشراء الأسلحة كما تم مع مصر قبل مدة وكل ذلك ضروري بهدف الوصول إلى صيغة توازن بين القطبين الروسي والأمريكي على المستويين الاقليمي والدولي.

السؤال الذي يهمنا كشعب فلسطيني يناضل من أجل الاستقلال الوطني وكدولة معترف بها كعضو مراقب في الأمم المتحدة تحت الاحتلال هو : متى يمتد فاعلية دور القطب الروسي الصاعد الى دائرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حتى يتم إيجاد معادلة دولية للصراع في هذه المسالة يتحقق فيها كسر الاحتكار الأمريكي لمساعي التسوية بشكل تام لا رجعة فيه وكذلك إنهاء حالة الخلل المطلق في ميزان القوى الذي يسجل دائماَ لصالح إسرائيل لان انهاء التفرد الأمريكي لمساعي التسوية وأحداث معادلة دولية للصراع هو السبيل الصحيح الذي يفتح الطريق للوصول الى تسوية سلمية عادلة ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق