مكتبة الأدب العربي و العالمينشاطات

حكاية #بشير_ونوسة_العروسة جزء ثالث واخير

هتف بشير يا قوم لابدّ أن تتعاونوا جميعا حتى تستطيعون زحزحة السفينة، فلنجتمع جميعا فى ناحية، ونحاول بكل قوتنا أن نشدها إلينا .. لم يلتفت إليه أحد او يعيره اهتماما . عندما أتمّ كلامه أحس بالندم، ولام نفسه . و أحس بحزن يعتصر قلبه ،جرى إلى بيته، وهو ينوي أن يعتذر ،لكنه حينما وصل لم يجد لا البيت ولا نوسة . فأسرع إلى كبير المدينة يستنجد به ،فأخبره أنّه طلّق إمرأته، وأنّه لم يستطع الحفاظ على وعده لها ولأبيها ،وهذا شرط البقاء معهم، وظل بشير يقسم أنّه أراد فقط إسداء النّصح، ولم يتدخّل في شأن أحد ،وحاول أن يسترضى الكبير لكن قال له ليس لذلك فائدة ،فأمر الله نفذ والنّصيب أنتهى ولابدّ للمكتوب أن يصير …
بهت بشير، لكنّه طالب أن يفهم ، فذكّره كبير المدينة بالمراّت التى خرج فيها ،وقال : وفى جولتك الأولى وجدت العجوز يأكل من الشجرة ،فنصحته أن يقطع الفرع بأكمله ،فأجاب بشير : نعم لقد رأيته،وأشفقت عليه من الشقاء ، فما هو الخطأ في ذلك يا سيدي ؟ أجاب الكبير: إنه ” ملك الموت ” و الورقة التى يأكلها إنما هى روح فاضت لخالقها سواء كانت خضراء صغيرة السن ،أو صفراء بلغت آخر العمر ،وتدخّلت أنت في أقدار الناس ،وكنت تريده أن يقطع فرعا بأكمله مليئا بأرواح البشر .. أحس الرجل بالخيبة من نصيحته، فقد تكلم بما ليس له علم به .
طأطأ برأسه وسأل والطلاق الثانى كيف وقع ؟ فقال له الكبير : الرجل الذى كان يجلس على البئر يوزع الماء على البئر الآخر هو قاسم الأرزاق: فهناك من يملئ له نصف الدلو ،وهناك من يملئ له الدلو كاملا، وهناك من ليس له رزق فكيف تتدخل فى أرزاق الناس ؟ وأسقط فى يد الرجل ولم يجد ما يقوله،فلم تكن نصيحته إلا سوء تدبير منه .
واصل الكبير توبيخه ،واليوم ألا تذكر ما فعلت : ألم تجد غير السفينة وناسها لتتدخّل في شؤونهم ؟ فحاول أن يدافع عن نفسه ،وقال : ولكنّى أصدقتهم النصيحة ، لقد كانوا يضيعون جهودهم !!! قال الكبير وهو يتحسر على جهل الرجل ، يامسكين !!! السّفينة هى الدّنيا ،وكلّ من هؤلاء الناس يحاول أن يأخذها لنفسه ،وكل منهم يتخيل أنها تأتي ناحيته، ولكنها ثابتة لا تذهب لأحد وسيظل الناس يحاولون معها، ولن يرتاحوا ،ويكرّرون والجهدالمضني ليفعلوا شيئاً مع الدنيا . هكذا هى الدّنيا وأنت لم تستطيع أن تفهمها أو تفهم ناسها والأن قضى الأمر.. وضع بشير رأسه بين يديه وبكى على نوسة ،ولمّا رفع رأسه نظر حوله وجد نفسه في الجبل مع الناس الذين يولولون ،يبكى مثلهم ويتمتم مثلهم ” ياريت اللى جرى ما كان ” .
رغم دموع الرجل ،وولولة الناس ،والحسرة على نوسة الجميلة ،أحببنا الحدّوته ،ولم يكن العويل هو ما نرتاح إليه .. لكن الجنّة الى نزل فيها ،وجعلنا نحلم ،بالحورية واسعة العينين ،والحياة الناعمة.و عايشنا رجوع الرّجل إلى دنياه مرة أخرى وحتى ندمه على ذلك …. ليس شماته …
لكنه رجع لينضمّ إلينا على نفس الحافة من الدنيا ننتظر الجنّة التى نشتهي كلنا أن نذهب إليها مثلما حصل معه .ما هو مأكّد أن لا أحد منّا جاهز للرّحيل إليها، مازال الكثير لنفعله حتى تنفتح بصائرنا ،وتصفو قلوبنا ،وتصحّ أحكامنا ،حينئذ تكتب لنا الحياة الأبدية في الجنة ..آمين يا رب العالمين ..

قصص حكايا العالم الاخر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق