اخبار اقليميه

عملية نشأت ملحم تعيد حسابات السلطة الإسرائيلية مع فلسطينيي 48 سليمان الشّيخ

imageكتب أفرايم هليفي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوم 14/1/2016 عن بعض ما يشكو منه فلسطينيو الداخل من سياسات وإجراءات تمييزية، من قبل السلطة الإسرائيلية، من ذلك أنه نقل على لسان طبيب من أفضل الجراحين العرب الفلسطينيين في المسالك البولية في إسرائيل، حيث ذكر له أنه وأثناء رحلاته إلى الخارج لحضور مؤتمرات طبية، فإن مسؤولي الأمن في المطار يتعاملون معه بعدم ثقة، ويخضعونه لإجراءات تمييزية صارمة، تصل إلى حد المهانة أحيانا، في حين أن بعضهم يسلم نفسه بثقة تامة في المستشفى الذي يعمل فيه، كي يقوم بواجبه الطبي تجاه كل من يحتاج إلى العناية الطبية.
وعلى الرغم من إشغال بعض الفلسطينيين في الداخل، وظائف ومراكز ومهمات في إسرائيل، فإن عدم الثقة والشك والتمييز العنصري أحيانا تجاههم، يلمسونه في كل يوم، وفي كل دائرة، وفي تصرفات عديدة، ويزيد من تعقيد الأمور حدوث بعض المشاكل، إن كان على الصعيد الفردي أو الجماعي، تصل لدى بعض الدوائر الصهيونية إلى وصف بعض فلسطينيي الداخل بـ»الطابور الخامس».
أما في ما يتعلق بعملية الشهيد نشأت ملحم، ابن قرية عرعرة في وادي عارة المحتلة منذ عام 1948، حيث انه وعندما شاهد الارتكابات الإجرامية الإسرائيلية التي قامت وتقوم بها القوات الصهيونية في الضفة والقدس وغزة، وحتى في القرى والبلدات الفلسطينية المحتلة عام 1948، فإنه امتشق السلاح وأطلق النار على مستوطنين في شارع ديزنكوف في تل أبيب، وبقي مختبئا في قريته عرعرة لمدة تصل إلى أسبوع، حيث فتشت قوات الشرطة الإسرائيلية كل الأماكن التي اعتقدت أنه يمكن أن يلجأ إليها، لتجده في النهاية، ويا للمفاجأة في بيته، بعد أن أذاقت ألوان العذاب لأهله وأقربائه وكل المحيط الفلسطيني العربي القريب من القرية، ولينتهي الأمر بمقتله من دون محاكمة قانونية، ثم ليطلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تهديدات شملت نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، ما زالوا يعيشون في مدنهم وبلداتهم وقراهم ، بعد أن زار مكان تنفيذ العملية في تل أبيب.
مدخل أمني
من بين السياسات والإجراءات التي أعلن نتنياهو، أنه بصدد اتخاذها، عدم صرف موازنة الوسط العربي المقدرة بنحو 15 مليار شيكل، لتصرف خلال خمس سنوات على قطاعات البنى التحتية ومشاريع أخرى، ما لم يتخذ الفلسطينيون خطوات معينة من بينها، المحافظة على النظام وإيقاف البناء غير المرخص، وأن يجمعوا السلاح من منازلهم، كما وعليهم الموافقة على إقامة مخافر للشرطة في بلداتهم وقراهم، أي أن مدخله لمعالجة المشاكل المتشعبة العديدة والحيوية لدى الفلسطينيين، كان مدخلا أمنيا، في حين أن المطلوب هو محاولة حل ومواجهة كثير من المطالب الاجتماعية والاقتصادية والحياتية الأخرى، المتعددة، لأنه وعلى سبيل المثال، فإن مصادرة الأراضي والمساحات التابعة للقرى والبلدات والمدن الفلسطينية، وتحويلها للمستوطنين، ضيق على الفلسطينيين وزاد من الاكتظاظ والتراكم السكاني في مناطق محددة، حتى باتت من المظاهر البارزة في محيطهم، وليدفعهم هذا الأمر إلى البحث عن مساحات تستجيب للزيادة السكانية بينهم، وليتقدموا بطلبات قانونية للبناء، لم تستجب السلطات الإسرائيلية المعنية بالسماح لأغلبها بالتنفيذ. لذلك أتت ظاهرة البناء غير المرخص، وهذه واحدة من المشاكل التي أتى رئيس الحكومة الإسرائيلية على ذكرها.
هكذا تصادر السلطات المساحات التابعة للقرى والبلدات الفلسطينية، وتصادر الأملاك الخاصة للأفراد. فأين يمكن للفلسطيني أن يبني بيتا خاصا ويسكنه هو وأفراد عائلته التي تزيد كغيرها من العائلات والأسر في العالم. وهنا يمكن الإشارة إلى أن رئيس القائمة العربية في الكنيست أيمن عودي، ذكر أن نحو 50 الف وحدة سكنية في القرى والبلدات العربية مهددة بالهدم، بحجة عدم الحصول على تصاريح بناء قانونية، كما أن آلاف الوحدات السكنية في القرى والبلدات غير المعترف بها في النقب المحتل أيضا مهددة، حيث لا زال الهدم ساري المفعول في قرى عدة كقرية العراقيب على سبيل المثال، إذ ذكر حسين رفايعة رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب «أن وزارة الداخلية الإسرائيلية تقدر عدد البيوت المرشحة للهدم بنحو 42 ألف وحدة سكنية في الوسط العربي في النقب وحده بحجة عدم الترخيص القانوني، علما بأن هذه البيوت تأوي نحو 85 ألف نسمة من العرب».
هل تحل المخافر المشكلة؟
من بين ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي أن على فلسطينيي الداخل، تقبل وجود مخافر للشرطة داخل حدود القرى والبلدات الفلسطينية، من أجل ضبط الأمن ومنع التعديات على الأراضي وغيرها ، أو اللجوء إلى البناء غير المرخص ومراقبة أي نشاط لا ترغب ولا ترضى به الدولة الصهيونية، إلا أن أفرايم هاليفي تساءل: ماذا لو رفض رجال الشرطة العرب أن يشغلوا تلك المخافر لأسباب كثيرة؟ فهل ستلجأ الحكومة إلى وضع رجال شرطة من اليهود في تلك المخافر، مما سيؤدي بحسب رأيه إلى زيادة تعقيد العلاقة بين الوسط العربي والوسط اليهودي، ويزيد من المشاكل بينهما، وهذا بدوره يزيد من مقومات الشك وعدم الثقة بين الطرفين. لذلك وكرد فعل على خطة رئيس الوزراء، فإن القيادات الفلسطينية في الداخل عقدت في الناصرة وفي أم الفحم لقاءات لمواجهة خطة نتنياهو، ومحاولة التخفيف من أضرارها ومترتباتها، واحتجاجا على حظر نشاط الحركة الإسلامية فرع الشمال، بقيادة الشيخ رائد صلاح في شهر نوفمبر من العام الماضي، وتحسبا مما أخذ يطرح ويتردد في الأوساط الصهيونية المتشددة، وذلك بوقف العمل السياسي للقوائم العربية وسحب تراخيصها الرسمية، حيث تم التأكيد في اللقاءات على رفض ممارسات عديدة تقوم بها السلطة الإسرائيلية تجاه المواطنين الفلسطينيين الذين يحملون جنسيتها، واعتبروا ذلك من ضمن سياسات التمييز والتفرقة العنصرية تجاههم، كما أعلنوا يوم 16/1 من كل عام يوما عالميا للمطالبة برفع الغبن والظلم والتمييز عن الفلسطينيين، ويمكن أن تطول القائمة التمييزية التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، من بين ذلك ما ذكرته إحدى الموظفات العربيات في مؤسسة إسرائيلية حكومية أنها ذهبت وزميلات لها إلى إحدى المنتجعات للترويح عن أنفسهن، إلا أنه وعندما جاء دورها للدخول، فإنها أجبرت للخضوع إلى تحقيق مطول، وإلى تفتيش دقيق وصل إلى الطلب منها خلع ملابسها. فما كان منها إلا أن رفضت وغادرت المكان.
هكذا تحولت موازنة الوسط العربي (15 مليار شيكل) والمفروض أن تصرف على متطلبات واحتياجات حقيقية وضرورية لعرب الداخل، إ،لى موازنة مشروطة تفوح منها رائحة «التمنين»، ومحاولة إجبارهم على فعل أمور لا تتوافق مع مصالحهم، وبدلا من السعي إلى محاولة حل مشاكلهم الكثيرة والموزعة على قطاعات حياتية مهمة، ومنها السكن والتعليم والصحة والاعتراف بالقرى غير المعترف بها، وبعضها منذ أيام الاحتلال الأول في العام 1948، فإن الحكومة تريد فرض مشاكل وتعقيدات جديدة في حياتهم وفي أعمالهم، لذا فإن شكاوى عديدة تم توجيهها إلى الجهات الدولية المختصة، عل ذلك يسمع أصوات الشكاوى من التمييز والادعاء بديمقراطية عرجاء بساق واحدة.







 

مقالات ذات صلة

إغلاق