مكتبة الأدب العربي و العالمي

2 #البخيل_وشيخ_الذّهب الجزء الاول

يحكى عن رجل شديد البخل إسمه عمير ،كان يقتّر على نفسه إلى درجة أنّه يأكل حبة الزيتون على ليلتين ،ليلة يأكل نصفها مع ربع خبزة ،والليلة الثانية مع شيئ من بصل وخلّ .كان لا يشبع من الطعام ،وما يربحه في السّوق من حمل البضائع على ظهره يخفيه في جرة ،وكلّ يوم يفتحها ،ويعد من فيها من قطع فضيّة
.في أحد الأيّام مات عمّه ،وورث منه أربعة جمال، ولم يكفيه ذلك فأخرج ما أخفاه من مال وإشترى جملا خامسا ،وفي ذلك الوقت كان التّجار يأجّرون الإبل لتحمل بضائعهم من مدينة إلى أخرى ،ولمّا تصل لوجهتها يأخذ صاحبها أجره ،وإشتغل ذلك الرجل بجماله الخمسة ،وكان حريصا على إيصال البضائع بسرعة لكي يكسب أكثر ،وهو لا يرتاح ،ودوابه تغاني من الجوع والإنهاك الشّديد .
ذهب زمان وأتى زمان وإشتهر أمره بين التجار، وصار ،يمضي كامل وقته وهو يتنقل من مكان إلى آخر ،وكلما وصل مدينة يذهب إلى الجامع ويتغدّى من صدقات الناس لكي لا ينفق درهما واحدا .وفي الليل ببيت قرب إبله على كومة قش . ثمّ إشترى بما جمعه جملا سادسا ،ولمّا يدّخر شيئا يشتري به جملا آخر ،و تضاعفت أرباحه زاد عدد جماله حتى بلغ ثمانين من الإبل ،وأصبح الناس ينادونه سي عمير، ورغم أن الله أعطاه خيره إلا أنه لم يتغيّر لا في هندامه ولا في مأكله .
وكثيرا ما نصحه أهله بالتفكير في نفسه والبحث عن زوجة جميلة ،إلا أنه إزداد جشعا ،وتقتيرا ولم يقبل حتى بأجير يساعده في شحن البضاعة والسّفر معه ،وأصبح يفتح بضائع التجار ويأكل منها ،وإذا صرف درهما مرض عليه ،أحد الأيام كان مسافرا بأحمال من القمح والتمر ،فجاع ،وفتح الأكياس، وأخذ منها ما يكفيه ، ثم أغلقها ،وأرجعها كما كانت عليه .
قلى القمح على النّار، ثمّ دقّه بحجر وصبّ عليه الماء حتى أصبح مثل السّويق، وأكله مع التّمر . بينما هو كذلك رأى شيخا ذو لحية بيضاء يقترب منه، وقد ظهر عليه الجوع والتعب، كره أن يدعوه إلى طعامه القليل فأدار ظهره لكي لا يراه يأكل ،لكن الشيخ كان عنيدا ،وأتاه من الجهة الأخرى، وقال له: السلام عيكم فلم يجبه عمير ،فجلس ومد يديه للصحفة ،وقال: إكرام الضيف واجب !!! فأحسّ الجمّال باالغيظ ،و قال في نفسه :لقد تعبت لإحضار طعامي ،وهذا اللعين جاء ليقاسمني فيه ؟
نظر الشّيخ إليه ،ورأى عدم الرّضى في عينيه، فقال : الرّزق رزق الله ،وما قيمة ما ما تملك من إبل أمام خزائن السّماء !!! علّم نفسك الكرم، وسيزيدك الله من خيره، ردّ عليه: ومن أنت حتى تنصحني؟ أليس الأجدر أن تبدأ بنفسك ،حتى يعطيك الله جملا واحد على الأقل تركبه !!! ضحك الشيخ وقال له :لو علمت ما عندي من رزق لأصاب رأسك الدّوار .واصل الشيخ الأكل ،وعمير ينظر إليه ،ويتساءل عن ماذا يتكلم هذا الرّجل ؟ فلا أرى عنده شيئا ،ولا حتى عنزة صغيرة .
لمّا أتمّ الشّيخ الطعام ،مسح يديه وشفتيه ،وقال: لقد أصبح بيننا ماء وملح ،وأريد أن أجازيك على معروفك ، وأقودك إلى كنز لا يعرفه من الناس سواى !!!سأله عمير بإستغراب : أنت ، أجابه الشيخ : نعم أنا، ثم قال له: أخبرني أيّهم أفضل عندك جمل واحد عليه جرابان من ذهب، أم تسعة وسبعون ؟ رد عمير: طبعا الجمل الذي يحمل الذهب ،قال الشيخ :إتفقنا إذا ،والآن هيا إتبعني ،وأوصيك أن تحمد الله على ما أعطاك …

يتبع الحلقة

من قصص حكايا العالم  الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق