اخبار العالم العربي

قبل انتخابات الجزائر.. وعود حزبية لتجاوز الصدمة النفطية

 

 

قدمت أحزاب كبرى مشاركة في الانتخابات البرلمانية الجزائرية، يوم 4 مايو/ أيار المقبل، جملة اقتراحات اقتصادية للخروج من أزمة تعيشها الجزائر منذ أكثر من سنتين ونصف؛ جراء تهاوي أسعار النفط، وتراجع دخل البلد من النقد الأجنبي.

وعلى أمل تحرير اقتصاد الجزائر من هيمنة النفط، وعدت هذه الأحزاب، في حال الفوز، بالعمل على تطوير مجالات السياحة والصناعة والتنمية الريفية، وتوفير المناخ الملائم لتشجيع الاستثمار الخاص.

لكن، وبحسب خبير اقتصادي جزائري، فإن ما اقترحته تلك الأحزاب ووعدت بتنفيذه “يفتقد إلى أي رؤية استشرافية وتخطيط اقتصادي محكم”، معتبرا إياه “مجرد كلام الاستهلاك الانتخابي”.

ومنذ أكثر من سنتين ونصف، تعاني الجزائر، العضوة في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، أزمة اقتصادية؛ جراء تراجع أسعار النفط، وتقلص عائداتها من النقد الأجنبي بأكثر من النصف، إذ هوى الدخل من 60 مليار دولار أمريكي نهاية 2014، إلى 27.5 مليار دولار في 2016، وفق أرقام رسمية، بينما تراجعت احتياطاتها من النقد الأجنبي بأكثر من 80 مليار دولار خلال 3 سنوات.

ويعاني اقتصاد الجزائر من تبعية مفرطة للمحروقات، حيث تعتمد الموازنة العامة للبلد بأكثر من 50% على عائدات النفط، الذي يشكل بدوره أكثر من 95% من الدخل الإجمالي لهذا البلد العربي.

** تبعية مفرطة للنفط
على موقعها الإلكتروني نشرت حركة مجتمع السلم، وهي أكبر حزب إسلامي (ذات توجه إخواني) في الجزائر، برنامجها الانتخابي، وهو يتألف من 84 صفحة، تحت عنوان “البرنامج البديل”/رؤيتنا السياسية/ رؤيتنا الاقتصادية وبرامجنا القطاعية، معا لجزائر الهناء والنماء”.

وورد في البرنامج أن هذه الوثيقة أعدها مفكرون وعلماء اقتصاد في الحركة ومحيطها، وتمثل المرجعية الأساسية للتوجهات الاقتصادية، التي تؤمن بها الحركة وفق مرجعياتها الحضارية من حيث أهداف التنمية ومجالات الإصلاح والحلم الاقتصادي المنشود للجزائر.

وتضمن البرنامج الاقتصادي سبعة محاور رئيسية، هي: النظرية الاقتصادية وأهداف التنمية، وهرم الاحتياجات السكانية، والمال وحق التملك، والدولة قطاعات الإنتاج، والمؤسسة الاقتصادية، والسياسة النقدية والمالية، وأخيرا الرؤية الاقتصادية ومجالات الإصلاح العشرة لتطبيق البرنامج الاقتصادي للحركة.

وقبل انطلاق الحملة الانتخابية، قال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، في مؤتمر صحفي، إن حركته، إن فازت بالأغلبية البرلمانية، ستحرر الجزائر من التبعية المفرطة للنفط، وستجعلها البلد الأول عربيا في مجال السياحة والخدمات خلال 5 سنوات فقط.

وشدد مقري على الحركة قادرة خلال 20 سنة على تحقيق الأمن الغذائي، وجعل الجزائر قطبا صناعيا إقليميا.

** انتقال اقتصادي
بدوره، قدم التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب الائتلاف الحكومي الحاكم، جملة من المقترحات الاقتصادية، ضمن برنامج نشره على موقعه على الإنترنت.

وورد في البرنامج، المعنون بـ”من أجل تسريع الانتقال الاقتصادي”، أن اقتصاد الجزائر تأثر كثيرا بتراجع إيراداتها من النقد الأجنبي؛ جراء الأزمة النفطية.

واعتبر أن الوضع الراهن يستدعي خوض انتقال اقتصادي يتطلب خيارات جريئة، وتوفير المناخ اللازم لتسريع هذا الانتقال من خلال إصلاح النظامين المصرفي والمالي ومكافحة الفساد والتهرب الجبائي والغش الجمركي والتجاري.

كما اقترح الإبقاء على دور الدولة كمحرك للاقتصاد والاستثمار، واعتماد سياسة للتنمية تكون متوازنة عبر كافة جهات البلد.

وشد الحزب على ضرورة تطوير السياحة الجبلية وسياحة البحر والصحراء، وتكييف منظومات التعليم والتكوين والبحث مع احتياجات تنمية الاقتصاد الوطني.

وتعهد بأن تعمل قيادته ونوابه على عودة الاقتصادي الجزائري إلى التصدير خارج المحروقات (الوقود)، عبر إجراءات، منها التحفيز الاستثمار في مهن التصدير، ومنها: النقل المشترك للسلع والعبور، وتقديم التسهيلات البنكية والضرائبية للبحث عن الأسواق في الخارج، وإنشاء صندوق قوي لتأمين الصادرات خارج المحروقات.

كذلك اقترح تطوير طاقات الشحن الجوي والبحري بتحفيز المستثمر الجزائري على اقتحام هذا المجال، والتفاوض حول اتفاق للتبادل الحر مع المناطق الاقتصادية الإفريقية.

** 4 محاور كبرى
أما حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم فدعا إلى تشجيع المبادرة الخاصة في الاستثمار، مع الإبقاء على دور الدولة كقائد لمسيرة التنمية، ومواصلة ملكيتها الحصرية للقطاعات الاستراتيجية والحيوية.

واعتبر الحزب، في برنامجه الاقتصادي، أن هناك 4 محاور كبرى للتنمية، هي الأمن الغذائي، والموارد البشرية، والمنظمة المالية للبد، وأخيرا الجالية الجزائرية في المهجر.

ولتحقيق الأمن الغذائي، اقترح الحزب تطوير التنمية الريفية بفك العزلة وتوفير وخلق مناخ معيشي لسكان الريف، والعمل على توفير مساحات للزراعة، وإدخال التقنيات الحديثة في الإنتاج والتسويق.

واعتبر الحزب السياحة رافدا أساسيا لتنشيط اقتصاد الجزائر، حيث تعهد بالعمل على تطوير هياكل ومرافق السياحة، وتشجيع الاستثمار والتركيز على إعادة تأهيل وتكوين الموارد البشرية بإحداث ثقافة سياحية.

** تنويع مصادر الدخل
كما نال الشق الاقتصادي والأزمة التي تمر بها الجزائر حيزا واسعا من أولى مداخلات العديد من قادة الأحزاب والمشاركين في الحملة الانتخابية.

فمن محافظة الوادي (جنوب)، قال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، في 11 أبريل/ نيسان الجاري، إن “تحرير الاقتصاد الوطني من هيمنة البترول يقتضي وضع استراتيجية شاملة وبرنامج لتحقيق هذا الهدف”.

وشدد أويحيى على “ضرورة تطوير الاستثمار في شتى المجالات، باعتباره الآلية الوحيدة الكفيلة لتحقيق هذا المسعى.. أجهزة الدولة أصبحت ملزمة أكثر من أي وقت مضى بتوفير المناخ الملائم للمستثمرين”.

أما الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، فقال، خلال تجمع شعبي في محافظة غليزان (غرب)، أول أمس الثلاثاء، إن برنامج الحزب مستمد من برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو يهدف إلى دعم الاقتصاد وتنويعه، والسير به نحو الخروج من التبعية للمحروقات.

** برامج للاستهلاك الانتخابي
ووفق الخبير الاقتصادي الجزائري، فريد بن يحيي، فإن “المقترحات الاقتصادية للأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة تعكس رغبة في بلوغ قبة البرلمان أكثر من تحقيق أي أهداف اقتصادية”.

بن يحي، وفي حديث مع الأناضول، اعتبر أن “ما قدمته الأحزاب السياسية يفتقد إلى أي رؤية استشرافية وتخطيط اقتصادي محكم.. تماما مثل النموذج الاقتصادي الجديد للحكومة، الذي أعلنته قبل أيام، حيث اقتصر على عموميات فقط”.

ومضى قائلا إن “ما اقترحته الأحزاب يبقى مجرد كلام للاستهلاك الانتخابي، وليس هناك براغماتية في العمل حتى لو كانوا في الحكم”.

وبحسبه فإن “تقديم مقترحات اقتصادية جدية معقولة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الكيفية والتوقيت والأهداف وتحديد من سيعملون على تحقيق هذه الأهداف، أما أن تبقى خطوطا عريضة هكذا فقط فهو كلام للاستهلاك لا أكثر”.

وختم الخبير الجزائري بأن “الحكومات المتعاقبة، والتي كان العديد من الأحزاب السياسية طرفا فيها، لم تنجح في مساعيها، ولذلك فمن الصعب أن تنجح اليوم.. لا بد من جيل جديد له تفكير جديد أيضا وفلسفة جديدة سياسية واقتصادية”.

ورسميا، انطلقت يوم 9 أبريل/ نيسان الجاري حملة الانتخابات الجزائرية، التي يشارك فيها 35 حزبا سياسيا وعشرات القوائم المستقلة، للتنافس على 462 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان).

وتستمر الحملة الانتخابية ثلاثة أسابيع، في محاولة لكسب تأييد أكثر من 23 مليون ناخب، في سادس انتخابات برلمانية تعددية تشهدها الجزائر منذ إقرار دستور الانفتاح السياسي، فبراير/ شباط 1989.

المصدر : الجزائر/ حسان جبريل/ الأناضول

مقالات ذات صلة

إغلاق