
مع سماعنا عن وقف الحرب في غزة خالطنا شعور الفرح ممزوج بشعور الحزن , فرح بوقف الحرب وشعور الحزن عما حصل من سفك الدماء والدمار الذي لم يحدث مثيل له في التاريخ من التجويع والمعاناة والاف الارامل والايتام .
كل إنسان على وجه هذه الأرض يحتاج إلى سلام حقيقي يضمن له العيش الكريم والامن ، حيث يسعى بكل الطرق الى تحقيقه، ولم يعرف الانسان منذ ان خطى على وجه الارض ان يصنع سلاماً أو يحافظ على هذا السلام،
فالسلام الحقيقي هو السلام العادل الثابت الخالي من الإملاءات . سلام الحرية , سلام الاحترام المتبادل بين الأطراف , سلام القلوب النقية الصافية الخالية من الخبث واللؤم الذي يخلص الإنسان من الأحقاد والكراهية والبغضاء والعداوة , السلام الذي يرجع الحقوق الى اصحابها .
السلام الذي جاءت به الملائكة «المجد لله فى الاعالى وعلى الارض السلام وبالناس المسرة».
فالسلام ليس هدفه وقف إطلاق النار ووقف الحرب فقط ولكن معناه تصحيح المسار لتصبح فى علاقة صحيحة مع غيرك مع من كان بينك وبينه عداوة .
والسلام لا يتحقق مع الأنانية والسيطرة على الآخر واستغلاله و استقوائه ، فالسلام يبدأ من داخل الانسان ، فإذا لم يكن له سلام داخلى لا يمكن ان يعيش بسلام مع الآخر .
السلام الحقيقي غير قابل للرجوع ،ومن كان لا يؤمن به , ففاقد الشئ لا يعطيه . وقال مارتن لوثر كنج الظلام لا يمكنه ان يطرد ظلاماً ولكن النور فقط هو القادر على طرد الظلام ، والكراهية لا تقضى على الكراهية ولكن المحبة وحدها تطرد الكراهية .
فالسلام الحقيقى هو السلام الذى لا ينتقص من حقوق الغير ولا يهدده . ومسؤولية الحكومات والشعوب هي صنع السلام مع بعضها البعض.
الحرب لا تحل الخلافات بين الشعوب بل بالحوار والسلام تحل الخلافات ، فلا يستطيع الإنسان الذى يعيش وكأنه فى جحيم ويتوقع ان ينال النعيم ويحقق السلام .
فلنفتح القلب للسلام ونعطيه أسمى مقام-فى كل قلب حله حل السرور والسلام والاطمئنان .
الحرب معول الهدم لأساسات السلام , وبالتسامح والمحبة يهنأ عيش الانسان وتتطور المجتمعات , فحافظوا على السلام , فلأهميته جعله الله من اسمائه الحسنى.
المسامح هو الرابح وفَضيلة التسامح هي مِن صَميم الأَديَان، حَيثُ قَالَ تَعَالَى: (ومَن عَفَا وأَصلَح فأَجره عَلَى الله) .
وصانعي السلام لا يقوم به الا الاقوياء , والمسامح هو القوي بالرغم من كل الجراح والاسى , وقد قالها الزَّعِيم الهِندي «غاندي»: «أُسَامح لأَنَّ الضُّعفَاء لَا يُسَامحُون»، وقَبل «غاندي»؛ أَكّد الشَّاعر الجَاهلي «عنترة العبسي» أَنَّ أَصحَاب النّفُوس الرَّفيعَة يُسَامحون، ويَترفَّعون عَن الحِقدِ، والحَسَد والغَضَب، حَيثُ قَال:
لَا يَحملُ الحِقدَ مَن تَعلُو بِهِ الرُّتبُ—-ولَا يَنَالُ العُلا مَنْ طَبعُهُ الغَضبُ
الدكتور صالح نجيدات

